كلام الشيخ رحمه الله عن حجة البدل - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كلام الشيخ رحمه الله عن حجة البدل
A-
A=
A+
الشيخ : هكذا سأل تمامًا في العبادات وفي الطاعات لذلك صح عن بعض السلف وأظنه عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - أنه قال : ( لا يصلي أحد عن أحد ولا يحج أحد عن أحد ) .

الطالب : ... .

الشيخ : عبد الله بن عمر قال ابن عمر : ( لا يحج أحد عن أحد ، ولا يصلي أحد عن أحد ) ؛ فإذًا حجة البدل هذه أليس لها أصل مطلقًا قد يبدو هذا من كلامنا السابق ، ولكن نريد أن نضيِّق دائرة حجة البدل في حدود النصوص التي جاءت بهذه الحجة لكن أردت أن أذكر بالقاعدة ( لا يصلي أحد عن أحد ، ولا يحجَّ أحد عن أحد ) إلا ما جاء به النص فلننظر في أي نوع أو في أي جنس من الناس جاءت حجة البدل وأنها تشرع فأول ما نجد من النصوص في ذلك حديث البخاري في تلك الخثعمية التي سألت الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يوم النحر في حجة الوداع قالت : يا رسول الله ، إنَّ أبي شيخ كبير لا يثبت على الرحل ، وقد أدركته فريضة الله الحج ؛ أفأحُجُّ عنه ؟ قال - عليه السلام - : ( حجِّي عنه ) ، هذا الحديث لا يجوز فهمه فهمًا مطلقًا عن القيد الذي جاء في ضمن السؤال وعلى أساسه جاء الجواب ؛ فقد سمعتم أن المرأة تصف حال أبيها بصفات أولها أنه شيخ كبير ، فإن لازم ذلك ما قالت : لا يثبت على الرحل ؛ يعني ما يستطيع أن يركب في الناقة ويتابع طريقه إلى بيت الله الحرام ، فإنه يميل ويقع على الأرض فيموت ، وقد أدركته فريضة الله الحج ؛ أي : فرض الحج يوم فرض وهو شيخ كبير لا يثبت على الرحل ؛ لأن فريضة الحج ثبتت في أواخر حياته - عليه الصلاة والسلام - على ما هو أرجح الأقوال ؛ ولذلك تأخرت حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى آخر سنة من حياته فلا يقاس ولا يلحق به الرجل يدركه الحج وهو في عز شبابه ويجد المال والفراغ والنشاط ولا يعوقه عن المبادرة إلى الحج إطلاقا سوى اشتغاله بتجارته ببيعه وشراءه لأهله وأولاده ونحو ذلك من متاع الحياة الدنيا فليس له عذر في تأخير الحج ثم يموت كهلا بل شيخا ولم يحج حجة الإسلام مطلقا ولا عذر له كما ذكرنا وقد يكون من أولئك الناس الذين حجوا إلى أوربا إلى بلاد الكفر والضلال مرارا وتكرارا في سبيل ماذا ؟ في سبيل زيارته وفي سبيل توسيعه أمواله ثم يموت فيكون خلص أموال كثيرة ويكون ولد من أولاده صار غنيا بسببه بعد وفاته وقد ورثوا ماله فيخرجون ألفين أو ستة آلاف ليرة بكل سهولة كما لو أخرج الفقير درهما هذه حجة بدل عن أبينا لا يستفيد أحد شيئًا من هذه الحجة مطلقا لأن الذي حج حجة البدل ولا الذي حج عنه وهو الوالد المتوفى آثما فاسقا إن لم يمت كافرا لأن الله - عز وجل - أشار بالآية السابقة الذكر بقوله : (( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )) هذا الذي لم يحج ممكن أن نتصوره أنه لم يعرض عن الحج كفرا بالحج كفرا بالقلب كفرا قلبيا اعتقاديا ممكن نتصور هذا كما نتصور مثله في تارك الصلاة ويمكن والعياذ بالله أن يكون منكرا للحج وأنا أعرف بعض الأشخاص من الشباب المسلم ... حج ثم ندم على حجته وهذا لا شك في كفره وارتداده عن دينه لأنه وجد هناك مظاهر فسرها كما يفسرها الكتاب المستشرقون أعداء الدين بأنها مظاهر وثنية كتقبيل الحجر الأسود مثلًا ورأى هناك تقصير المسلمين بسبب جهلهم بسبب عدم تربيتهم من تجمع القاذورات والأوساخ والذباب ووو إلى آخره فرجع والعياذ بالله وهو نادم على ما حج إليه من بيت الله الحرام فهذا الذي مات غنيا ولم يحج حجة الإسلام ممكن نتصوره ليس كافرا بالحج ولكن متساهلا فيه فإذا ما حج غيره عنه فما يستفيد هذه الحجة هو مات كما قلنا فاسقا والحج كالصلاة إنما المقصود بها أولا ابتلاء من الله لعباده كما قال : (( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا )) والمقصود تزكية نفس القائم بطاعة الله فهذا مات ولم تتزك نفسه بالحج لأنه لم يحج ولم تتزك نفسه ولو حج الناس جميعًا عنه لأنه من عمل صالحًا فلنفسه إذن حجة البدل بهذه الصورة لا تشرع مطلقا فلا يجوز للحاج أن يأخذ كلفة الحجة إذا ما عرف أنه يحج عن هذه النوعية من الناس الذين وجب عليه الحج واستطاعوه ولا يقوموا به انشغالا منهم بالدنيا .المرأة الخثعمية وصفت زوجها بأوصاف نعم .

الطالب : أباها .

الشيخ : وصفت أباها بأوصاف يعذر هذا الأب ألا يحج فمن كان بهذه المثابة فيمكن أن يحج عنه هذه صورة من صور حجة البدل المشروعة صورة ثانية النوعية نفسها إنسان ما حج حتى أشرف على الموت لمرض ألم به فندم على تقصيره فكلف إنسانا أن يحج عنه وأعطاه نفقة فهذا يحج عنه لأنه يستدرك في آخر حياته ما فاته فهو لا يزال في دائرة التكليف وليس كذلك بعد الموت كما قال - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) ؛ فهذا الذي أوصى أن يحج عنه يحج عنه وهذا نوع من حجة البدل المشروعة وعلى هذا يحمل حديث ابن عباس قال : سمع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - رجلًا يلبِّي وهو يقول : لبيك اللهم عن شبرمة . فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( من شبرمة ؟ ) . قال : أخ لي أو قريب لي .

( أخ لي أو قريب لي ، فأقرَّه - عليه الصلاة والسلام - على حجته عن هذا شبرمة ولكن بحكمة يريدها الله لقد فات الراوي لهذا الحديث ابن عباس أو من دونه أن يضبط نص جواب الحاج عن شبرمة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذه نقطة فيها دقة بالغة وما وجدت أحدا من الشراح أو ممن لاقيتهم ممن تباحثنا معهم تنبه إلى هذه النقطة بل هذه النكتة الرسول - صلى الله عليه وسلم - يسأل الرجل من شبرمة ؟ الرواية تقول أنه قال : ( أخ لي أو قريب لي ) لا يصح أن يجيب المسؤول من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا الجواب المتردد أنا إذا قلت لإنسان منكم سمعته يلبي عن فلان مين هذا فلان فأجابني بهذا الجواب أخ لي أو قريب لي أنا بنتقده أقول له أخي شو نحن بنشغتل بالسياسة حتى أنك تكتم هوية هذا الإنسان عني قل لي من هو يا أخي حددلي الجواب لأنه بدي أعرف هل يجوز أن تحج عنه وإلا لا ؟ لذلك لا بد أن يكون جواب المسؤول من الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان محدودا جدًّا أن يقول هذا أبي أو أخي أو أمي أو أختي أو أي إنسان آخر أما أن يقال هو أخ لي أو قريب لي فهذا ليس من المسؤول من الرسول مباشرة وإنما هذا جاء من أحد الرواة فاته أن يضبط الجواب الصادر من الرسول عن الرسول - عليه السلام - ولذلك فنحن لا نزال ولا نزال لحكمة أرادها الله - عز وجل - نجهل هوية هذا الإنسان الذي هو شبرمة ولكن قواعد الشريعة تمنع هنا من أن يتساءل سائل أو يقول قائل إذن فيه هنا شيء ضاع من المسلمين نقول لا لأن المسائل الفرعية ليس يمكن لإنسان أن يحيط بها علما لا سيما هذه الفرعيات التي توسع فيها المتأخرون من مختلف المذاهب فهي بالألوف إذا ما قلنا بالملايين لا يمكن لإنسان أن يحيط بها وإنما يحيط بها تلك القواعد الشرعية الأصولية التي بعضها نص عليها ربنا - عز وجل - في كتابه ونبينا - صلى الله عليه وسلم - في سنته والبعض الآخر استنبطها العلماء فالآن هنا لم نعرف هوية هذا الشخص فنحن نفترض أن يكون مثل والد تلك المرأة الخثعمية لم يستطع الحج فحج عنه نفترض أنه أوصى بأن يحج عنه إذا افترضناه انشغل بتجارة أو بماله وهذا صعب تصوره في زمن النبوة والرسالة كما أنه من الصعوبة بمكان أن نتصور أنه كان في زمن الرسول - عليه السلام - من يترك الصلاة لأنه الزمن هناك هو أنقى زمن وجد على وجه الأرض مطلقا فهل نتصور إنسان تارك صلاة في زمن الرسول - عليه السلام - ثم نتصور أنه هناك لا بد من إجراء عملية إسقاط صلاة كما يفعل المتأخرون أو تارك للحج عامدا متعمدا فنحج عنه حجة بدل كما يفعلون أيضًا اليوم هذا صعب جدًّا أن نتصوره لذلك نتصور .القيد المقرون بالعذر وهو ذلك الوالد عاجز عن الحج شبرمة قد يكون مثله وقد يكون لم يستطع أن يحج السنة الأولى أو السنة الثانية ثم عرض له المرض فتدارك الأمر فكلف قريبه أن يحج عنه فإذن وهذا هو بيت القصيد من الكلمة دائرة حجة البدل ضيقة جدًّا فأرجو ألا يتورط بعض إخواننا فيغره حجه إلى بيت الله الحرام وإلى الصلاة في مسجد الرسول - عليه الصلاة والسلام - فيعتبر ذلك عذرا ليحج حجة بدل عن أي إنسان كان لا يجوز هذا وإنما يستوضح فإن وجد المحجوج عنه من أحد النوعين الصنفين السابقين فهذه غنيمة أوصيها الله - تبارك وتعالى - إليه فليغتنمها أما غير ذلك فلا يجوز أن يحج عنه لأنه لا يحج أحد عن أحد إلا ما دل عليه الدليل وقد عرفنا أنهما نوعان اثنان .ثم يحج عنه كما يحج عن نفسه لا يتساهل فيلاحظ مثلًا أن الحجة مو عن نفسه فخليني أديلو الحجة بأقل إيش ؟ ما يصح به الحج بماذا يصح الحج مثلًا حج إفراد فهو يحج عنه حج إفراد أي لا يأتي له بعمرة فيكون قد نقص في الواجب وخالف الحديث السابق : ( دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ) ، ثم إنه لم يؤد حق الثمن الذي قبضه عن حجته .هذا ما أردت التذكير به بمناسبة الحج إلى بيت الله الحرام أن يجعل الحاج حجته تمتعا ليس حج إفراد وكذلك لا يجعله قرانا وإن كانت حجة القران فيها العمرة لأن القران هو جمع بين العمرة والحج ولكن حجة القران ليست فيها هذا الفصل بين العمرة والحج الذي هو التمتُّع المذكور في القرآن (( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ )) القران يلتقي مع التمتع في ناحية ويختلف عنه في ناحية أخرى يلتقي معه من حيث الجمع بين الحج والعمرة ويلتقي معه من حيث أنه لا بد من هدي لكن يختلف عن التمتع القران من جهة أن العمرة والحج مقترنان مع بعض فالعملية عملية حج إفراد والنية فقط نية عمرة وحج فلما كان في القران شيء من الصعوبة والمشقة والله - عز وجل - كما قال : (( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )) قال - عليه الصلاة والسلام - : ( لو استقبلتُ من أمري ما استدبرت لَمَا سقْتُ الهدى ، ولَجعلتُها عمرة ) ؛ يعني عمرة تمتع ؛ ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان حجُّه قرانا ، لكنه كان قد ساق الهدي ، وكان بعض أصحابه الكثيرين الذين حجُّوا معه قارنين مثله ، إلا أن هؤلاء القارنين كانوا على نوعين ، منهم - وهم الأقل - مَن ساق الهدي كما ساق الرسول - عليه السلام - من ذي الحليفة ، والآخرون - وهم الأكثرون - لم يسوقوا الهدي ؛ نووا القران ، لكن لم يسوقوا الهدي ، فأمرهم - عليه الصلاة والسلام - أمر هؤلاء القارنين فضلًا عن المفردين لأنهم لم يسوقوا الهدي أن يفسخوا قرانهم وحجهم المفرد إلى عمرة ولما تباطؤوا عليه في أول الأمر قال : ( لو استقبلتُ من أمري ما استدبرت لَمَا سُقْتُ الهديَ ، ولَجَعَلْتُها عمرة ) ؛ يعني يحثهم على أن يفسخوا حجهم وقرانهم إلى عمرة ويواسيهم فيقول : ( لولا أني سقت الهديَ لَفَعَلْتُ مثل ما آمركم به ) ؛ لذلك لا ننصح - أيضًا - أحدًا أن يحج حج قران ولو أن فيه العمرة ولو أنه حقق قوله - عليه السلام - : ( دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ) ، إلا أن فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الذين حجوا حج قران ولم يسوقوا الهدي أن يفسخوا حجهم وقرانهم إلى عمرة فنحن لو تصوَّرنا الآن إنسانًا يمثل له الرسول - عليه الصلاة والسلام - تمامًا كأبي بكر وغيره من أصحابه رأى رجلًا قد حج حج قران ولم يسق الهدي ماذا تظنون يقول له يقول له كما قال .

مواضيع متعلقة