ما حكم مَن يقول : " الصلاة رجعية " ؟ وهل حكمنا عليه بالكفر لمجرَّد قولها أم لمعتقد قائلها ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم مَن يقول : " الصلاة رجعية " ؟ وهل حكمنا عليه بالكفر لمجرَّد قولها أم لمعتقد قائلها ؟
A-
A=
A+
السائل : أفهم من كلامك أن كلمة لا إله إلا الله .

الشيخ : تفضلوا ، لا تقعدوا على البلاط ، لا تقعدوا على .

السائل : أفهم ممَّا قلت أن كلمة " لا إله إلا الله ، محمد رسول الله " لهما مقتضيات إيمانية وإسلامية حسب التعبير ، وقلت وضربت مثالًا بأن مَن قال بأن الصلاة رجعية فقد نقض الشهادة ؛ فهل حكمنا عليه بالكفر لأنه قال كلمة أم حكمنا عليه بمعتقده هذه الكلمة ؟

الشيخ : اعتقد ؟

السائل : ما أدري ، أنت قلت ... .

الشيخ : لا لا ، أسألك ، أنا ما أجيبك ، أسألك استيضاحًا لِمَا تقول ، لِمَا تسأله .

السائل : أنا أسألك استيضاحًا لِمَا قلت .

الشيخ : أخي ، ما فهمت ، مو عم تسألني ؟ ما فهمت سؤالك يعني ، فأنا أستعيد سؤالك .

السائل : أفهم مما قلت أن كلمة الشهادة المتمثِّلة في أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله لها مقتضيات ، مَن نقض إحداها فقد خرج عن هذه الشهادة ، وعن هذه الملة ، وضربت لذلك مثالًا بأن مَن قال بأن الصلاة رجعية ؛ قد نقض الشهادة ؛ فهل مجرَّد قول هذا الرجل بأن الصلاة رجعية ؛ أخرَجَه من الملة ، أم أن لهذه تفصيل آخر ؟

الشيخ : هذا القول يُنبي عمَّا في نفسه كما أنبأت شهادته عمَّا في نفسه في الظاهر ، فلما نبَّأ بلسانه عمَّا في قلبه جحد ما كان أنبأ به سابقًا لشهادته لربِّه ولرسوله .

السائل : إذًا هناك أقوال تخرج الإنسان من الملة ؟

الشيخ : قطعًا ، مين قال : لا ؟

السائل : وما يدرينا أنه يعتقد اعتقادًا أو قالوها ... .

الشيخ : هَيْ بترجع لموضوع الإيمان يا أستاذ ، لا تخلط بين الإيمان والإسلام .

سائل آخر : ... .

الشيخ : تفضل .

السائل : هذا الذي قال : إن الصلاة رجعية لا يعلم أنه يخرج .

الشيخ : كيف لا يعلم ؟

السائل : لا إله إلا الله ، لا يعلم أنه إذا قال هذا القول يخرج .

الشيخ : لا ، لا يعلم أن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا ، وأن المسلمين فُرِضَ عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة أم يعلم ؟

السائل : يعلم .

الشيخ : طيب ، ويعلم أنُّو هذه الصلوات ما فرضها لا نظام أرضي ولا نباتي ولا إنساني ، وإنما هو من رب العالمين ؟

السائل : نعم .

الشيخ : إذًا فهو حينما قال : هذه الصلاة رجعية ؛ فكأنما يخطِّئ رب العالمين - سبحانه وتعالى - الذي شرع هذه ، فالقضية لا يعلم أنها مِن لوازم شهادة لا إله إلا الله ، هذه قضية علمية تصنيفية أكثر ممَّا هي عقيدة .

السائل : إذًا نترك رجعيين ، رجل يعيش في البادية .

الشيخ : طيب .

السائل : لا إله إلا الله قالها ، وما يعلم غير لا إله إلا الله ، ثم جاء فأنكر أنُّو في صلاة وصلاة وصلاة أنكر فرضية الصلاة ، ماذا تقول ؟

الشيخ : وهو مؤمن بالله ورسوله ؟

السائل : نعم .

الشيخ : وبكتاب ربِّه ؟

السائل : نعم .

الشيخ : وتُلِيَت عليه الآيات ؟

السائل : نعم .

الشيخ : وأنكرها ؟

السائل : لما تُلِيَت عليه الآيات فرضية الصلاة وكذا أنكر لأنه لا يدري ، لا يتعلَّم .

الشيخ : معليش ، معليش ، لكن أقول : هذه الآيات التي تُلِيَت عليه ما موقفه منها ؟ أنكرها أم أقرَّ بها ؟

السائل : لما سمعها قال : الصلاة أنا أنكر ، أنا الذي [ أريد أن ] أفهم : هل لا بد أن يفهم هذه الآيات وأن تُقام الحجة عليه من هذا الرجل من هذه الآيات ولَّا فقط لأنه قال : كذا ؟

الشيخ : يا أستاذي ، قلنا نحن : عندنا إيمان وعندنا إسلام ، مجرَّد ما يعلن الإنسان لا إله إلا الله دخل في الإسلام ، لكن لينجو عند الله لازم يتابع الخطوات ، فَمِن متابعة الخطوات أن يؤمن بما شرعه الله ، فأنت فرضت إنسانًا بدويًّا ما عرف الصلوات ، طيب ، ما عرف الصلوات ، إلى متى ؟ هكذا بقي دون أن يبلِّغه إنسان أن الله شرع الصلوات الخمس وهذا هو القرآن وهذا هو الحديث أم جاءته الحجة وأُقِيمت عليه البيِّنة ؟ فأحد شيئين يا نقول : والله عاش ومات وهو لا يعلم أنُّو في الإسلام صلاة ، فهذا له حكم ، وأفظع منه أهل الفترة ، مو بس لا يعرف صلاة ، لا يعرف لا إله إلا الله مطلقًا ، لكن الصورة الأخرى أنُّو أُقِيمَت عليه الحجة ثم جحد وأنكر ؛ هذا كافر كفر ردة .

السائل : الذي يدعو غيره ، وأنا آتي له بالآيات وبالأحاديث أن دعاء غير الله شرك .

الشيخ : إي نعم .

السائل : هل لهذه الآيات والأحاديث لأول مرة أو لثاني أُقِيمَ عليه الحجة ولَّا أظل أكرِّر عليه حتى يثبت كفره ؟

الشيخ : أنا أجيبك عن هذا بإذن الله ؛ إن كنت تعتقد في الذي تدعوه أنه يفهم اللغة التي أنت تدعوه بها ويفهم القرآن الذي أنت تقيم الحجة منه عليه أوَّلًا ، ثم تعتقد في نفسك أنك أنت أحسنت الفهم عن الله ورسوله وبلَّغته ذلك ، وهو فهم عليك ما تقول ثم جحد ؛ فهو كافر خالد في النار ، أما إن كنت أنتَ مقصِّرًا كمبلغ ؛ يعني ككثير من المشايخ اللي بدهم يعلِّموا الناس التوحيد يعلِّموهم الشرك !! جماعة ، القضية فيها حساسية ودقة خطيرة وخطيرة جدًّا ، فَهُم في طريق شرحهم لا إله إلا الله يفهِّموهم لا ربَّ إلا الله ، وأنُّو ما ينافي هذه الشهادة أن تدعو غير الله في الشدائد ، هذا أُقِيمَت الحجة عليه يا أستاذ ؟

السائل : ما أُقِيمت .

الشيخ : ما أُقِيمت الحجة عليه ، وهذا هو الواضح البيِّن من نصوص الكتاب والسنة ، أول مرة ذهبت ولا أنسى تلك الليلة أبدًا إلى الجامعة الإسلامية ، وأول سهرة أُقِيمَت هناك مع المشايخ جرى بحث أنُّو هل هناك أهل فترة اليوم ولَّا لا ؟ فقال أحدهم : أنُّو ما في اليوم أهل فترة ، هَيْ القرآن ليلًا نهارًا يُذاع من الراديو ، وما في بقعة من بقاع الأرض إلا بلغ صوت القرآن هناك ، أنا عجبت من هذا الكلام أشدَّ العجب ، قلت : يا أستاذ ، هذا القرآن بلسان عربي مبين ، العرب أنفسهم ما عادوا يفقهون كلام الله ويعرفونه ، فماذا تقول عن الأعاجم ؟ هل الفرنسيون حينما يسمعون آيات الله تُتلى في التوحيد في النبوَّة في البعث في النشور والألمان و و إلى آخره يفهمون ما يُتلى عليهم من آيات الله - عز وجل - ؟ أبدًا ، وأكثر من هذا قلت له ليلتئذٍ : جاءنا إلى دمشق منذ عشرين سنة تقريبًا طائفة من القاديانيين ، يدعون المسلمين إلى الإيمان بنبيِّهم " ميرزا غلام أحمد القادياني " ، وهؤلاء منتشرون في بقاع الأرض ، ولهم صولة ودولة في أمريكا وفي بعض البلاد الألمانية ، وأقاموا مساجد ، تُرى هؤلاء الأوربيون الذين دعاهم الإسلام القاديانيون هؤلاء بلَّغوهم إسلامك أم بلَّغوهم إسلام القاديانيين ؟ إسلام القاديانيين ، هل أُقِيمت الحجة عليهم ؟ أبدًا ما أُقِيمَت الحجة عليهم ؟ لذلك أنا أقول : لا يجوز تكفير الألمان الذين ضُلِّلوا من طريق هؤلاء ، لأن هؤلاء ما بلَّغوهم الإسلام .

لذلك أنا أقول في قضية إسلام وفي قضية إيمان ، فإذا كان لا يجوز أن نقول : مَن يصلي ويصوم وهنن كفار عندنا ؛ لأنهم ضُلِّل بهم ، في الوقت نفسه نقول : ما أُقِيمَت حجة الله عليهم ، لأن هؤلاء المبشرون الضالون المضلِّلون قد أفهموهم أنُّو هذا هو الإسلام الذي جاء به محمد - عليه الصلاة والسلام - .

إذًا ما يكفي يا أستاذي أنُّو نتصوَّر وأنا أقول هذا لإخواننا في دمشق ، أقول لإنسان يمكن مضى له في الدعوة سنة وسنتين وهو عامي ، ما هو مثقَّف ولا هو طالب علم ولا ولا إلى آخره ، لكن الحمد لله تشبَّع بفكرة التوحيد ، وحفظ معاني آيات ومعاني أحاديث وإلى آخره ، فبالنسبة لنفسه هو على هدى ، لكن ما يستطيع هو أن يرشد الناس ويعلِّمهم ويقيم الحجة عليهم ، وطالما أُسأَل وإلى قريب سُئِلت : شاب جاء من حلب فزارني وسألني أنُّو أنا بحثت مع أحد المشايخ هناك حول التوسل ، وأقمت الحجة عليه أنُّو التوسل غير مشروع وهو إمام ، فلا زال يتوسل ولا يزال يصلي بالناس إمامًا ، أنا أصلي وراءه ولَّا لا ؟ فأنا قلت له : هل أنت تعتقد يا أخي بنفسك أنك من العلم بالكتاب والسنة إلى درجة أنُّو تستطيع أن تقول : أنا أقمت الحجة على هذا الرجل بالكتاب والسنة فما خضع لها ؛ ولذلك هو كافر ؟ فوجم وسكت وعرف نفسه ، وكما تقول الصوفية : " من عرف نفسه فقد عرف ربَّه " .

لذلك أنا أرجو أنُّو هذه النقطة نكون دقيقين موقفنا منها دقيق جدًّا ، فذاك البدوي الذي صوَّرته لها حالتان ؛ باختصار : إما أُقِيمَت الحجة ولا أعني حجتك وحجتي أنا ؛ الحجة التي يعلم الله أنها حجة على هذا الإنسان ، الحجة التي يعلم الله أنُّو هذا الإنسان كأولئك الذين قال الله عنهم : (( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ )) ، فَمَن كان هكذا فهو الكافر المرتد ولا ينفعه شهادة لا إله إلا الله .

مواضيع متعلقة