قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( مَن رآني في المنام فسيراني في اليقظة ) ، ما تفسير : ( فسيراني في اليقظة ) ؟ وهل يكون الرائي قد رآه إذا نقص في بعض صفاته ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( مَن رآني في المنام فسيراني في اليقظة ) ، ما تفسير : ( فسيراني في اليقظة ) ؟ وهل يكون الرائي قد رآه إذا نقص في بعض صفاته ؟
A-
A=
A+
الشيخ : يقول السَّائل : بسم الله الرحمن الرحيم .

قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( مَن رآني في المنام فسيراني في اليقظة ) ، يسأل : ما تفسير : ( فسيراني في اليقظة ) ؟ ويزيد فيقول : وهل يكون الرائي قد رآه إذا نقص بعض صفاته ؟

السؤال الثاني واضح ، يعني إذا رآه في غير صفاته المعروفة في كتب الشمائل ؛ فهل يكون قد رآه ؟

لعل الإجابة عن هذا السؤال الثاني والاكتفاء به أَوْلى من الإجابة عن السؤال الأول :

أقول : لو أنكم تأمَّلتم في قوله - صلوات الله وسلامه عليه - : ( مَن رآني ) لَعَلِمْتُم أن من رآه في غير الصفات التي كان عليها فلم يره ؛ لأنه من رآني أنا في المنام فما رأى الأستاذ البنَّا ، ومن رأى الأستاذ البنَّا فما رأى الألباني ، وهكذا دواليك ، وأوضِّح هذا بمثال :

من شمائل الرسول - عليه السلام - المعروفة في السيرة وفي الشمائل النبوية وبخاصة منها كتاب الإمام الترمذي المعروف بـ " الشمائل " : " أنه كان إذا مشى فكأنما ينصبُّ من صبب " ؛ أي : كان قويًّا في مشيته - عليه الصلاة والسلام - ، فإذا ادَّعى مدَّعٍ أنه رأى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو يمشي دبيبًا منحنيًا قد تقوَّس ظهره هكذا ، وقد ابيضَّت لحيته ، ويمشي هكذا دبيبًا ؛ أفيقال : إنه رأى الرسول - عليه السلام - ؟ وَمِن شمائله أن لحيته لم يكن فيها إلا عشر شعرات أو قريبًا من ذلك ، فهو كان شابًّا وقد بلغ سنَّ السِّتِّين وبعدها ثلاث سنوات ، ولم يُشِبْ - عليه السلام - إلا في شعرات هكذا متفرقات ، هو رآه شايب بالمرة ؛ إذًا هو لم ير الرسول - عليه السلام - ، الرسول كان يمشي يجدُّ أصحابُه مِن خلفه ولا يدركونه ولا يلاحقونه ، فهو يراه يمشي هكذا مشي العاجز ؛ أفيقال : إنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟! حاشى ، لا بد أن يراه كما وصلت إلينا أوصافه وشمائله .

إذا عرفتم هذه الحقيقة بعد ذلك نقول في الجواب عن السؤال الأول : ( فسيراني في اليقظة ) ليس المقصود باليقظة هنا هي يقظة الدنيا الفانية والمنتهية والمتبوعة بالموت ، وإنما المقصود اليقظة التي لا موتَ بعدها ، وهي حياة أبدية ، فالحديث فيه بشارة لهذا الذي رأى الرسول - عليه الصلاة والسلام - بأنه سيراه في الجنة .

السائل : تعليق على هذا السؤال إذا رأى كما قرأ في الصفات ، ثم أمَرَه بشيء خالف سُنَّته ، ادَّعى أنه رآه كما هو في الصفات في الشمائل .

الشيخ : هذا سؤال ... .

...

السائل : ... ( مَن رآني في المنام ) ، لأنِّي ... كثير حتى في حياته ، يعني قد يأتي الشيطان في صورة الرسول - صلى الله عليه وسلم - قريبًا منه ؟

الشيخ : هذا السؤال يناقض السؤال السابق .

السائل : أنا أقول : إذا رأى بالهيئة اللي في الشمائل ، فهالهيئة اللي في الشمائل لا تنطبق إلا على الرسول ولَّا تنطبق على أشخاص كثيرين ؟

الشيخ : لا ، ما تنطبق .

السائل : يعني الإنسان لا يمكن أن .

الشيخ : لأنُّو ليس المقصود مما جاء في الشمائل أن نأخذ صفة ، وإنما هي مجموع الصفات ، نعم .

السائل : يعني ما تجتمع مثل هذه الصفات ... يمشي ، رأيته لحيته السوداء اللي فيها شعرات ، أنفه الأقنى ، حاجبيه ... كتفيه ، ثم ألا يجوز أن الشيطان يكون جاء بصورة غير صورة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقريبة منه بصورة ؟ يعني يقسم بعض الناس.

الشيخ : هذا - ولا مؤاخذة - لا يجوز أن يُقال هذا الكلام ؛ لأنُّو لا يخفاك الرسول - عليه السلام - في الرواية الأخرى : ( مَن رآني في المنام فقد رآني حقًّا ) ، ونحن إذا فتحنا باب هذا التأويل معناها لم يبقَ لكلام الرسول - عليه السلام - : ( فقد رآني حقًّا ) قيمة أبدًا .

السائل : أقول - بارك الله عليكم - أقول : ( من رآني حقًّا ) يخاطب مَن ؟

الشيخ : يخاطب المسلمين .

السائل : الذين رأوه أوَّلًا ... أنه تمامًا ، يعني كيف إذا جاء خمسين واحد أو مئة واحد في هيئته وفي صورته يمكن أن يميِّزوه من بينهم ؟ يعني مثل الشَّيخ الألباني في كثيرين جدًّا مثله تمام ، يعني الإنسان مهما وصف الواصف لا يمكن أن يميِّزه إلا إذا رأى شكله وهيئته ، يعني - مثلًا - لو وَصَفَني أيُّ واصف أنا مهما كان وصَّاف في آلاف مِن شكلي ، لكن ما أظن واحد يستطيع أن يعرفني من شكلي إلا إن كان رآني قبل هذا .

الشيخ : هذا كله مفهوم ؛ شو قيمة : ( فقد رآني حقًّا ) ؟

السائل : الذي أنا اللي أفهمه - ولا مؤاخذة - أن الصحابة قطعًا مَن رآه فقد رآه ، مَن بعدهم إذا جاء بالصفات التي قرأها ، ولم يأمره بما يخالف شريعته يكون الرسول حقًّا ، فإذا جاء بتلك الصفات وأمره بأمر يخالف ما شرَّعه في دنياه يقال : إن هذا شيطان يعني ما تصوَّر صورة قريبة من صورة الرسول - صلى الله عليه وسلم - .

الشيخ : شيخ أحمد ، صار نص ساعة ولَّا ما صار ؟

السائل : نعم ؟

سائل آخر : ... .

الشيخ : أنت بتعرف شو أحب أنا ؛ لذلك هَيْ توريطة .

السائل : ... .

سائل آخر : دليل على أن اليقظة ... .

الشيخ : قد تذكرون أن رجلًا جاء إلى ابن عباس ، وذكر أنه رأى الرسول في المنام ، قال له : صِفْه لي . فوصفه ؛ قال له : قد رأيته .

السائل : نعم .

الشيخ : إذًا يمكننا أن نتفق أن الرؤيا المذكورة في الحديث ليست خاصَّة بالصحابة .

السائل : هي ما هي خاصة بالصحابة .

الشيخ : طيب ، نمشي خطوة .

إنما أنت إشكالك أنه إذا ادَّعى أنه رأى الرسول وأنه أمَرَه بشيء بخلاف إيه ؟ بخلاف الشريعة ، هذا جوابه فيما سبق بيانه .

السائل : يُؤوَّل ؟

الشيخ : كل أكثر الرؤى تؤوَّل ، حتى الرؤى الجميلة تُؤوَّل .

السائل : هادا واحد من إخواننا من بريطانيا وإن كان يعني .

الشيخ : نعم ؟

سائل آخر : دليل على أنه في اليقظة ... .

الشيخ : لا ، لا تكون في اليقظة ؛ هذا أمر مستحيل ، أمر مستحيل ، وهذا يدخل في منهج الدعوة السلفية الذي نحن ندندن حوله دائمًا وأبدًا ، لقد عاش السلف الصالح وفي مقدمتهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فما أحد منهم رأى الرسول - عليه السلام - يقظةً ، ثم جاء دور القرن الثاني قرن التابعين فما أحد منهم ادَّعى أنه رأى الرسول - عليه السلام - يقظة ، ثم جاء أتباع التابعين فما أحد ادَّعى تلك الدعوى إطلاقًا ، ثم كثرت هذه الدعاوى في القرون غير المشهود لها بالخيرية ، فكيف نصدِّق أن القرون المشهود لها بالخيرية لا توجد ولو رواية ضعيفة أنُّو فلان رأى الرسول - عليه السلام - يقظةً ، بينما الروايات متواترة عن المتأخرين أنُّو فلان يرى الرسول - عليه السلام - يقظة ، وفلان ما أدري إيش قال إذا ما رأى الرسول كذا مرة في اليوم ، ما تذكر يا شيخ إيش قال ؟ إذا ما رأى الرسول كل يوم كذا مرة ما أدري إيش يصيبه يعني ؟ يقظةً ، هذا من الخَلَف !!

فلذلك نحن نقول : كل دعوى كل عمل كل عقيدة نعتقد أو نعلم أن السلف لا يعرفونها فهي ليست من الإسلام في شيء أبدًا ، هذا الواقع أن السلف تُروى عنهم روايات كثيرة أنهم رأوا الرسول - عليه السلام - في المنام ما أحد منهم قال : ثم رأيته يقظةً إطلاقًا ؛ لذلك هذا الواقع حَمَلَ العلماء ومَن شاء بَسْطَ الكلام على هذه الخصوصية هذه المسألة بصورة خاصة أن المقصود باليقظة هنا يقظة الآخرة وليس يقظة الدنيا ؛ فليرجع إلى كتاب الشَّيخ " علي القاري " الشارح لـ " مشكاة المصابيح " شرحه لـ " الشمائل النبوية " لـ " الترمذي " ، فيجد هذا البحث في آخر الكتاب مشروحًا جدًّا بحيث يقتنع الإنسان أن اليقظة المقصودة في الحديث هي يقظة الآخرة ، وذلك كما قلنا آنفًا : بشارة للرائي بأنه سيرى الرسول - عليه السلام - هناك .

مواضيع متعلقة