حديث سَلمى خادِمِ رسولِ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قالَت : ما كانَ أحَدٌ يَشتَكي إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وجَعًا في رأسِه إلا قال : ( احتَجِمْ ) ، ولا وَجعًا في رِجلَيه إلا قال : ( اخضُبْهُما ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
حديث سَلمى خادِمِ رسولِ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قالَت : ما كانَ أحَدٌ يَشتَكي إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وجَعًا في رأسِه إلا قال : ( احتَجِمْ ) ، ولا وَجعًا في رِجلَيه إلا قال : ( اخضُبْهُما ) .
A-
A=
A+
الشيخ : أما التالي فهو صحيح ، وهو قوله : وعن سَلمى خادِمِ رسولِ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قالَت : ما كانَ أحَدٌ يَشتَكي إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وجَعًا في رأسِه إلا قال : ( احتَجِمْ ) ، ولا وَجعًا في رِجلَيه إلا قال : ( اخضُبْهُما ) .

هذا الحديث فيه فائدة جديدة بالنسبة للأحاديث المتقدِّمة ، حيث أن فيه أوَّلًا أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يصف الحجامة في الرأس من الوجع يشكوه الإنسان ، وكذلك كان يصف خَضْبَ الرجلين ، خضب الرجلين لِمَن كان به وجع ، وهذا الخَضْب أصبح اليوم نسيًا منسيًّا كما ذكرنا لكم في الدرس الماضي بسبب جهل الناس أوَّلًا بالسنة ، وثانيًا انكبابهم على الطب الغربي الأجنبي ، اجتمع هذا السببان فانصرف الناس عن التداوي بالطب النبوي ، ومن ذلك الحجامة ، وقد تكلَّمنا عليها شيئًا ما في الدرس الماضي ، والآن يأتي منها أمر الرسول - عليه السلام - بخضب الرجلين فيما إذا أصابَهما وجع .

والعلامة ابن القيم - رحمه الله - له كتاب خاص في كتابه " زاد المعاد " في الطب النبوي ، وهو يتكلم فيه عن - تقريبًا - كل ما جاء في السنة من مثل هذا الطب النبوي ، وبخاصَّة ما كان ثابتًا من ذلك عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كهذه الأحاديث التي سمعتم بعضها ، وهو يذكر للخضاب فوائد ، ويقول : إنها مجرَّبة ، ومثل ابن القيم لا يمكن ردُّ مثل قوله هذا ، لأنه رجل قد نشأ وتربَّى على الكتاب والسنة التي تصفِّي عقول المتربِّين عليهما ، فلا يمكننا إلا أن نأخذ قوله لفائدة الخضاب قولًا مسلَّمًا ، والمَثَل العامي عندنا يقول : " اسأل مجرَّب ولا تسأل حكيم " ؛ فكيف إذا كان مجرِّبًا وحكيمًا معًا ؟! ويذكر من فوائد خَضْب الرجلين الذي كان يأمر به رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أمرًا ... جدًّا ، وظنِّي أن عدم اهتمام بعض البلاد الإسلامية بهذا الأمر إما جهلًا منهم به ، أو إهمالًا منهم إياه ، كانوا مصاب الكثيرين منهم قديمًا بالعمى بسبب داء الجدري ، يقول ابن القيم أن من المجرَّب أن الطفل إذا أُصِيبَ بادئ الأمر بهذا الداء الجدري وخُضِبت رجلاه لم يُصَبْ بالعمى ، كان ذلك حائلًا بينه وبين أن يُصاب بالعمى ، ونحن نعرف بلادًا من البلاد العربية يكثر فيها هذا المرض وهذا الداء ، ويظهر أن السبب هو آثار ذلك المرض الذي يُشاهد على وجوه أولئك ... .

فهذا في الواقع مِن شؤم إهمال السنة دراسةً أو عملًا أو كليهما معًا ، فعلينا نحن أن نتعلَّم هذه السنة وأن نعمل بها ، وأن نسأل أهل العلم عنها .

مواضيع متعلقة