قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( أو لَذْعَةٍ بنارٍ ، وما أُحِبُّ أن أَكتَوِيَ ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( أو لَذْعَةٍ بنارٍ ، وما أُحِبُّ أن أَكتَوِيَ ) .
A-
A=
A+
الشيء الثالث لهذا الحديث : لَذْعة أو ( لَذْعَة بنار ) وهو الكيّ ، والتداوي - أيضًا - بالكيِّ قديم معروف عند العرب ، وربما عند غيرهم ، ولكنَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أتبَعَ هذه الفقرة الأخيرة التي فيها بيان أن لَذْعة الكيِّ هي مِن خير ما تداوى به الناس أتبَعَها بقوله : ( ولكن لا أحبُّ الكيَّ ) ، أما كون الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( لا أحبُّ الكي ) فسببه واضح ، وهو أنَّ فيه تعذيبًا بالنار ، والتعذيب بالنار هو أمر مكروه بطبيعة الحال من جهة ، ومن جهة أخرى يذكِّر بعذاب النار ، ولا يعذِّب بالنار إلا ربُّ النار .

ولعل هذا هو السبب في أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ذَكَرَ من صفات السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم لا يكتوون ، قد جاء في " صحيح البخاري ومسلم " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب ، وجوههم كالقمر ليلة البدر ) ، قال - عليه السلام - هذا ثم دخل إلى حجرته ، فأخذ الناس يتحزَّرون ويتظنَّنون في هؤلاء السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب ، ووجوههم كالقمر ليلة البدر ، مَن هُمْ ؟ فناس يقولون : هؤلاء هم المهاجرون الذين هاجروا من مكة إلى المدينة في سبيل الله ، آخرون يقولون : هم الأنصار الذين نصروا الرسول وآوَوْه ، وناس آخرون يقولون : لا هؤلاء ولا هؤلاء ، إنما هم أولادهم الذين يأتون مِن بعدهم يؤمنون بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولم يروه . وسرعان ما خرج الرسول - عليه الصلاة والسلام - لِيُتِمَّ لهم الحديث ، قال : ( هم الذين لا يسترقون ، ولا يكتوون ، ولا يتطيَّرون ، وعلى ربِّهم يتوكَّلون ) ، قام رجل من الصحابة اسمه عُكاشة أو عُكَّاشة بالتشديد والتخفيف ، قال : يا رسول الله ، ادْعُ الله أن يجعَلَني منهم . قال : ( أنت منهم ) . قام آخر وقال كما قال عكَّاشة : ادْعُ الله أن يجعَلَني منهم . قال : ( سَبَقَكَ بها عكَّاشة ) . وذهبت مَثَلًا من كلام الرسول - عليه السلام - ، ( سَبَقَكَ بها عكَّاشة ) .

الشاهد : أنَّ من صفات السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب وجوههم كالقمر ليلة البدر أنهم لا يكتوون ، لماذا ؟ لأنها لَذْعة بنار ، ونعوذ بالله من النار ؛ نار الدنيا ونار الآخرة .

وبهذا القدر كفاية .

مواضيع متعلقة