هل الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الأذان مكروهة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الأذان مكروهة ؟
A-
A=
A+
الشيخ : أما السؤال الثاني هنا : هل الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الأذان مكروهة ؟

نقول : هذه الزيادة بعد الأذان ولا نقول : الصلاة ، الزيادة بعد الأذان أيّ شيء كان زيادة على وحي السماء ، فهذه نقطة يغفل عنها المشايخ - مع الأسف - الذين يقرُّون هذه الزيادة قبل غيرهم ؛ فضلًا عن غيرهم ، أقول : الزيادة على الأذان زيادة على وحي السماء ، ولا أقول شيئًا إلا يعرفونه ، ولكنَّهم عرفوه ثم نسوه . هل من أحد من طلاب العلم فضلًا عن غيرهم لا يعرف قصة شرعية هذا الأذان المحمدي ؟ كانوا من قبل ينادي بعضهم بعضًا كما يفعل بعض المبتدعة اليوم : " الصلاة الصلاة يرحمكم الله " ، كانوا هكذا ، ليس هناك أداة إعلان مشروعة ، فكان ينادي بعضهم بعضًا بمثل هذه الألفاظ ، إلى أن أُلهِمَ الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - فاجتمع مع بعض أفاضل الصحابة ، وتداولوا النظر في اتِّخاذ علامة لدخول وقت الصلاة ، إلى آخر القصة ولا أريد أن أطيل عليكم ، فاقتُرِح البوق ... واقتُرِح الناقوس ... واقتُرِح إيقاد نار عظيمة ، ورُدَّ ذلك كلُّه بحجة أن هذا تشبُّه بالكفار ، وهذا لا يجوز .

وأخيرًا رأى أحد الصحابة عبد الله بن زيد الأنصاري في المنام أنه يمشي في طريق من طرق المدينة ، فيرى رجلًا في يده ناقوس ، قال : يا فلان ، أتبيعُني هذا الناقوس ؟ قال : لِمَ ؟ قال : لنضرب عليه في وقت الأذان نُعلِم الناس . قال : ألا أدلُّك على ما هو خير ؟ فقال : ووقف على جَذْم جدر . جَذْم يعني بقية من جدار منهدم ، مرتفع عن الأرض . فوقف هذا الشخص ، وحط هيك يديه وكبَّر : الله أكبر الله أكبر الأذان ، آخره لا إله إلا الله ، ونزل من الجذم وأقام الصلاة . لما أصبح الصباح ذهب الأنصاري إلى الرسول ، وقصَّ عليه الرؤيا ، الشاهد : قال - عليه السلام - له : ( إنها رؤيا حق ؛ فألقِه على بلال ؛ فإنه أندى صوتًا منك ) ، هذا مَلَك أرسله الله إلى هذا الشخص في المنام وعلَّمَه الأذان ، وأكَّدَه الرسول - عليه السلام - بقوله : ( رؤيا حق ) ؛ فكيف نزيد على ما نزل من السماء يا جماعة ؟ هذا كله يأتي من نسيان العلم والغفلة عنه !!

فحذارِ أن نتورَّط مع المتورِّطين ، وعلينا أن نلتزم سنة سيد المرسلين في كل شيء ما دام أنه من الدين ، فالدين كَمُلَ ؛ (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ )) الآية المعروفة ، وإن شئتم ... والزيادة فعليكم بالدنيا ، توسَّعوا فيها ما شئتم ... أما الدين فالحمد لله ؛ قال - عليه السلام - : ( ما تركت شيئًا يقرِّبكم إلى الله إلا وأمرتُكم به ، وما تركت شيئًا يبعِّدكم عن الله ويقرِّبكم إلى النار إلا ونهيتُكم عنه ) . فلو كانت الصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من السنة كان الوحي نزل بها تمامًا ، وإذا افترضنا أن الوحي نزل تدرُّجًا لَكان الرسول يأتي بهذه الزيادة ولو في آخر حياته ، ولكن مؤذِّني الرسول - عليه السلام - من بلال الحبشي ومن عمرو ابن أم مكتوم الضرير ومن أبي محذورة هدول الثلاثة كانوا مؤذِّني الرسول - عليه السلام - ، ما أظنهم من أحد أبدًا زاد على الأذان ... لا قبله ولا بعده ، وعلى ذلك جاء السلف الصالح ؛ لذلك نحن نقيم الحجة هنا ، هنّ بدهم يقولوا : الصلاة على الرسول سنة أو بدعة حسنة رأسًا نحن نبرز لهم المنهج تبعنا ، نقول : قال الله ، قال رسول الله ، قال السلف الصالح ؛ أأنتم أعلم أم السلف الصالح ؟ بعدين نجيهم مرتبة أخرى : أنتم أعلم أم أئمتكم الذين تدَّعون أنَّكم تقلِّدونهم ، ما من إمام - والحمد لله - من أئمة المسلمين استحسن الزيادة في الدين إطلاقًا ، وبخاصة هذه الزيادة بعد الأذان ... .

قد يعني ها بعض الناس ... فيحتج بقوله - عليه السلام - باستحسان الزيادة زيادة الصلاة بعد الأذان بقوله - عليه السلام - : ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ، ثم صلوا عليَّ ، ثم سلوا الله لي الوسيلة ؛ فإنها درجة في الجنة لا تنبغي إلا لرجل ، وأرجو أن أكون أنا هو ؛ فمَن سَأَلَ لي الوسيلة حلَّت له شفاعتي يوم القيامة ) ؛ فيتوهَّم أن قوله : ( ثم صلوا عليَّ ) يشمل المؤذِّن ، هذا خطأ يتَّضح بسرعة فيما إذا أدركنا أن الخطاب موجَّه إلى السامعين وليس إلى المؤذنين ، ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول المؤذِّن ) ، وبعض الناس يعاند يقول - لجهله ! - : شو المانع - يا أخي - أنُّو يدخل المؤذن كمان في هذا الخطاب ؟

نقول : أوَّلًا : المانع الأسلوب العربي ، " إذا سمعتم الخطيب يخطب فافعلوا كذا ، إذا سمعتم المحاضر يحاضر فافعلوا كذا " ؛ مو داخل الخطيب ولا داخل المحاضر ، لكن لا يزال بعض الناس يعاندون ... في الأمر الواقع ، نقول له : امشِ معنا لنشوف على فهمك الذي تزعم أنه صواب ؛ ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ) أوَّل أمر وُجِّه إلى المخاطبين في رأينا والمخاطبين والمؤذنين في رأي الآخرين أن يقولوا مثلما يقول المؤذن ، شو بيطلعوا هدول بنتيجة ؟ بيطلعوا بنتيجة أن المؤذن يؤذِّن مرَّتين ، يعني المؤذن يؤذن أذان إعلان وأذان ترجيع ، في سنة صحيحة تسمَّى ترجيع في الأذان ، هذه السنة الصحيحة أن المؤذن بعدما يؤذن أربع تكبيرات يقول : لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله مرتين في نفسه ، أشهد أن محمدًا رسول الله مرتين في نفسه سرًّا ، ثم يرفع صوته فيقول : أشهد أن لا إله إلا الله بأعلى صوته مرتين ، ثم مرتين أسهد أن محمدًا رسول الله ؛ هذا اسمه ترجيع .

فالترجيع في السنة هي الشهادتين ، بناءً على ذلك الفهم المنقوص المعكوس بيطلع المؤذن يؤذِّن مرة سرًّا ، ومرة جهرًا ، أو - مثلًا - تكبيرتين سر بعدين تكبيرتين جهر ، شو صار هادا ؟ عم يرجِّع الأذان كله ، بينما الترجيع فقط للشهادتين ، لاحظتم هذا ، إذا قال المؤذن قبل ما نقول ، إذا قال المؤذن : الله أكبر الله أكبر ، قبل ما يقول ثاني مرة : الله أكبر الله أكبر ؛ هو لازم يجيب نفسه بنفسه ، فإذا كبَّر مرة ثانية كمان لازم يجيب نفسه ، هكذا إلى آخر التشهد ، هذا لا يقوله عالم على وجه الأرض ؛ بل لا يقوله مَن يفهم اللغة العربية .

وأخيرًا إذا كان بدو يرجِّع لح يصير كمان المسألة ... مضخَّمة تمامًا ، يعني لح يجيب نفسه بنفسه على كل جملة ، زايد رح يرجِّع حسب السنة ؛ يعني شغلة ملخبطة لا نصيب لها في ... كل هذا جاء لتسليك زيادة لم تثبت لا في السنة ولا في الكتاب ولا في فتاوى الأئمة ، بل صرَّح كثيرون منهم بأنه حدثت ما أدري في القرن الخامس أو السادس ، هذا ما يمكن يُقال الآن بالنسبة لهذه الزيادة .

مواضيع متعلقة