هل ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يَزِدْ على إحدى عشر ركعة في صلاة التراويح ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يَزِدْ على إحدى عشر ركعة في صلاة التراويح ؟
A-
A=
A+
الشيخ : السؤال الثاني : هل الصلاة على رسول الله بعد الأذان مكروهة ؟ هل ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزد على الحادية عشرة ؛ أي : الصلاة إحدى عشر ركعة في صلاة التراويح ؟

إذًا ... السؤال إعادة السؤال الأول .

نقول : لم يثبت عن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه صلى في رمضان أو في غيره على إحدى عشرة ركعة ، وذلك ما صرَّحت به السيدة عائشة في " الصحيحين " قالت : " ما كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة " إلى آخر الحديث .

نحن نعتقد أنه لو جاءت النصوص كلها تقول : كان يصلي 11 ، كان يصلي 11 ، نعتبر هذا التزام من الرسول - عليه السلام - بهذا العدد ؛ فكيف وقد جاء نفي الزيادة كما سمعتم عن السيدة عائشة : " ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة " ؟! هذا نفي من جهة الزيادة ، وإثبات للـ 11 ، لا يقبل المجادلة ولا يقبل احتمال أن الرسول - عليه السلام - كان يزيد على هذا العدد .

نعم ، هناك بعض الروايات أوَّلًا : ليست هي في رمضان ، وإنما هي في قيام الليل بصورة عامة ، وثانيًا : هذه الروايات تقول كان يصلي 13 ؛ فالعلماء ذهبوا مذاهب في التوفيق بين العدد الناتج بالزيادة على الـ 11 وهذا العدد المثبت ؛ فأجابوا بأن الـ 13 المقصود بها الـ 11 زايد ركعتين خفيفتين كان الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - يفتتح بهما صلاة الليل ، هذا قول .

هناك قول آخر : أن الركعتين إنما هما سنة العشاء البعدية ، هذه السنة التي قلت لكم في أول اجتماعنا هنا أنكم إذا عزمتم على إحياء القيام في الثلث الأخير من الليل فصلوا الفرض في المسجد مع الجماعة ، ثم صلوا سنة العشاء البعدية في البيت وهو الأفضل ، وإلا ففي المسجد ؛ فإذًا الـ 13 ما هنّ قيام الليل ، وإنما فيها إضافة ركعتين إما هو استفتاح لقيام الليل ، وإما هما سنة العشاء البعدية .

وأخيرًا أقول : مَن ثَبَتَ عنده أن الرسول - عليه السلام - صلى 13 ... سنة العشاء البعدية ، و ... ركعتين في الاستفتاح قيام الليل ؛ المهم أن المسلم يلتزم ما ثبت عنده عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ لذلك نحن نقول لكلِّ مَن يسأل ذاك السؤال أنُّو هل الذي يصلي التراويح عشرين ركعة مخالف للسنة ؟ نقول له : اعرف السنة والزَمْها ، فإن كان ثبت عندك أن الرسول - عليه السلام - صلى عشرين ركعة فعضَّ عليها بالنواجذ .

أما أن تقول : هكذا وجدنا آباءنا ؛ هذا الذي لا أريده لإخواننا ، فنريد لهم ما نريد لأنفسنا بقول نبيِّنا : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه ) ، ثبت يقينًا 11 ركعة ، وزيادة الركعتين حتى صار العدد 13 في بعض الروايات ... أن المقصود بهما إما سنة العشاء البعدية ، وإما ركعتين خفيفتين بين يدي الـ 11 ركعة ، فأنت إذا فعلت الأمر الأول فهذا هو الذي لا يجادل به إنسان ؛ لأن سنة العشاء البعدية ثابتة في أحاديث كثيرة جدًّا ، وإذا فعلت الأمر الثاني ؛ أي : صليت ركعتين وقت استفتاح قيام الليل خفيفتين فهذا - أيضًا - ثابت ، من الممكن أن تكون هاتان الركعتان من الـ 11 وممكن يكون زيادة على الـ 11 ؛ المهم عليكم بالسنة فالزموها لِيصدُقَ فيكم الحديث السابق : ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا مع أن تمسَّكتم بهما ؛ كتاب الله وسنَّتي ، ولن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوض ) .

ثم أريد أن ألفت النظر بهذه المناسبة : إن حرص الناس اليوم وخاصة مَن يؤمُّ الناس ، وبصورة أخص مَن يفتي الناس ؛ حرص هؤلاء جميعًا على المحافظة على صلاة التراويح عشرين ركعة ؛ أي : حرصهم على العدد وهو الكم دون الكيف أمر عجيب جدًّا ، إن كان حرصهم على التمسك بعدد العشرين بزعم أنه ثبت ذلك في السنة وهو غير ثابت إطلاقًا ، وبزعم آخر أنه ثبت أنه فُعِل في زمن عمر وليس - أيضًا - بثابت ؛ فما بال هؤلاء يتمسَّكون بالعدد الذي يزعمون أنه ثبت في زمن عمر ، ثم لا يتمسَّكون بالكيفية التي كانوا يصلون العشرين ركعة المزعومة في زمن عمر ؟!

لقد جاء في " موطأ الإمام مالك " : بأن الصحابة ومَن أدرَكَهم من التابعين كانوا إذا صلوا صلاة القيام صلاة التراويح من طول القراءة فيها يعتمدون على العصي .

= -- اجلسوا ، قرِّبوا ما استطعتم ، ملُّوا الفراغات ... -- =

فكانوا يقرؤون بالركعة بعشرات الآيات بل والمئين ، فلماذا نحرص على العدد عدد الركعات ما يصير إلل عشرين ركعة ، ولا نحرص على إطالة القراءة ؟ مع أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد صح عنه في " صحيح مسلم " أنه لما سُئِل عن أفضل الصلاة ، قال : ( طول القنوت ) ؛ أي : طول القيام .

فأنا أقول مقابلة لهؤلاء الذين يقولون : نعم ، الرسول صح أنه صلى 11 لكن عمر أو غيره عمل معادلة ، 11 ركعة كان يصليها الرسول - عليه السلام - صلاة طويلة كما هو دأبه وشأنه دائمًا وأبدًا ، فلما طال القيام على المصلين كثَّروا في الركعات منشان يخفِّفوا من القراءات ، أنا لا يكاد يدخل في عقلي أن مسلمًا عنده شيء من الثقافة الإسلامية ... عمر بن الخطاب الذي يُعزى إليه أنه جاء إلى السنة التي واظب عليها الرسول - عليه السلام - دائمًا 11 ركعة فغيَّر فيها ؛ زاد في العدد ونقص في القراءة !!

لماذا هذا التغيير ؟ كنت أعقل هذا التغيير لو كان لا بد من إنسان أن يصلي 11 ركعة ، ولا بد أن يصلي فيها نفس الإطالة التي أطالها الرسول - عليه السلام - والله يعجز عنها أكثر الناس ؛ لأنُّو مِن أفاضل الناس مَن صلَّى خلفَه مثل عبد الله بن مسعود ليلةً قام يصلي ، الرسول - عليه السلام - قام يصلي ليلة ، فقام عبد الله بن مسعود واقتدى خلفه ، قال : فأطال القراءة وأطال حتى همَمْت بشيء . قالوا له : ماذا همَمْت ؟ قال : همَمْتُ أن أدعَه وأقعد . شيء لا صبرَ عليه ... الصحابة المجاهدين الأبطال ، فلو كان الأمر أنه لا بد من 11 ركعة ما يجوز أقل ، ما يجوز تسعة ، ما يجوز إلى ركعة وحدة ؛ والرسول يقول : ( الوتر ركعة ) ؛ لَكنَّا نقول : والله نِعْم المعادلة ، 11 بهالطول ما نقدر ، لكن الرسول قرأ في هذه الـ 11 ركعة أربع ساعات مثلًا ، 11 ركعة تحمَّلوا أربع ساعات ، نحن ما نقدر نصبر أربع ساعات بـ 11 ركعة ؛ لَكان شو نساوي ؟ نكثِّر ركعات ونقلِّل قراءة ؛ نخفِّف على أنفسنا ، لو كان الأمر هكذا يعني يجب المصلي بـ 11 في أربع ساعات لَكانت هالتعديل هادا معقول جدًّا ؛ لأنُّو فيه تخفيف على الناس ، لكن الرسول - عليه السلام - كان من جملة ما علَّمنا فقال : ( عليكم - أيها الناس - بما تطيقون من الأعمال ، وإن الله لا يملُّ حتى تملُّوا ، وأفضل الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ ) ، فقيام الليل اللي الرسول - عليه السلام - واظب عليه في رمضان وغير رمضان 11 ركعة نافلة ما هي فريضة ، فأنت تستطيع أن تصلي ركعة حتى ثلاثة ، خمسة ، سبعة ، تسعة ، إحدى عشر ؛ فإذًا لماذا نحن نضيِّق على أنفسنا من جهة ، ونوسِّع عليها من جهة أخرى ؟ التوسيع هذا غير مشروع !!

فعندنا 11 ركعة ، تُرى المصلي 11 ركعة في الوقت الذي يصليه الناس أو يصليها الناس 20 ركعة ، ثم يصلون 20 ركعة بنصف ساعة ؛ تُرى أليس من الأفضل نصًّا وعقلًا أن نصلي 11 ركعة في نصف ساعة ؟! من الذي يستطيع أن يقول : لا بد هذا هو الأفضل والرسول يقول : ( أفضل الصلاة طول القنوت ) ؟! فطول القنوت في صلاة 11 ركعة بنصف ساعة ... أكثر ولَّا بصلاة 20 ركعة بنصف ؟ يعني عملية حسابية واضحة جدًّا ، ( أفضل الصلاة طول القنوت ) ، أضِفْ إلى ذلك أن كثيرًا من أئمة المساجد اليوم الذين يصلون عشرين ويحرصون عليها ؛ مَثَلُهم كالمَثَل القديم الذي ... إياه مرارًا : " كمَثَل الذي يبني قصرًا ويهدم مصرًا " ، أنت تريد تصلي عشرين سنة عمر زعمتم ، ولكن سنة الرسول ضيَّعتها من أصلها ، بل ضيَّعت الواجب ، بل ضيَّعت الركن ؛ لأن الرسول - عليه السلام - قال : ( لا يقبلُ اللهُ صلاةَ امرئٍ لا يُقيم صلبَه في ركوعه وسجوده ) ، فأكثر الناس اليوم تراهم قائمين قاعدين رايحين إلى آخره لا تشعر بشيء من لذَّة الصلاة والخشوع بها إطلاقًا ، فأصبحت إذًا صلاة التراويح عشرين ركعة قضية يعني روتينية ميكانيكية ؛ ليس فيها المقصد الذي من أجله شُرِعَ صلاة القيام في رمضان !!

أنا عندي أفضل أن تصلي 3 ركعات وتر تصليهم ... في ظرف نص ساعة ، ولا تصلي 23 ركعة في نصف ساعة ؛ لأنُّو إيش هَيْ القراءة ؟ قراءة لا تكاد تفهمها ، وإن فهمتها فلا يتيسَّر لك أن تتدبَّرَها ؛ فإذًا بَعُدَت هذه الصلاة بسبب ما أُدخِل فيها من كثرة الركعات عن الغاية التي شُرِعَت من أجلها ؛ فضلًا عن أنها خالفت السنة الصحيحة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - .

عجيب الناس جدًّا تمسُّكهم بالتقاليد ، لو أن مسلمًا لم يصلِّ بعد فرض العشاء في رمضان شيئًا إطلاقًا ، لا أحد يستطيع أن يقول له ... ارتكبت ... فإذا صلى ركعتين السنة وركعة وحدة من بعدها هي ركعة الوتر لا أحد يستطيع أن يقول له شيئًا ، فإذا زاد وزاد حتى يصل 11 ركعة ما أحد يستطيع أن يقول شيئًا ، لكن إذا زاد فوق الـ 11 ... السنة أمامه ، آعملك خير أم عمل الرسول - عليه السلام - ؟ لا أحد يستطيع أن يقول إلا عمل الرسول ، لأننا نقول دائمًا ... يقول : ( وخير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وسلم - ) . إي ، لكن نحن ما نستطيع أن نطيل إطالته !! يا أخي ، ولا نحن ولا أحد في الدنيا يستطيع ... هو - عليه السلام - ، ولكن حنانيك بعض ... أهون من بعض ... صلِّ فيها 11 ركعة أحسن ما يصلي فيها 20 .

على كل حال نحن كلما مضى الزمن كلما ازددنا إيمانًا من الناحية العلمية أنه لم يثبت عن الرسول - عليه السلام - إطلاقًا ، ولا عن عمر بن الخطاب بالزيادة على 11 ركعة ، وكلما مضى الزمن تكشَّف لنا أن الناحية العملية لا تساعد على تطبيق على صلاة 20 ركعة بالاطمئنان وتلاوة القرآن بتروِّي و ... ؛ لذلك نحن لا نزال نلتزم السنة ونحاول أن نقيم بقدر ما نستطيع ، و (( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )) .

مواضيع متعلقة