الكلام على اتِّخاذ الأسباب الجائزة شرعًا لحفظ المال ، وذكر قصة صحيحة في ذلك . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الكلام على اتِّخاذ الأسباب الجائزة شرعًا لحفظ المال ، وذكر قصة صحيحة في ذلك .
A-
A=
A+
السائل : ... المذيع أدَّى دوره وانتهى .

الشيخ : لكن الخشبة كأنها بلسان حالها تقول له : انظر لي ، هو لم يلتفت إليها في أول الأمر ، بالأخير مدَّ يده إليها وإذا هي وازنة ثقيلة ، ألف دينار ، أخذها إلى الدار كسرها فانهارت الدنانير أمامه ، تعجَّب ، ثم لم يلبث إلا قليلًا حتى جاء المَدِين ، وهنا يظهر إخلاص كلٍّ منهما ، وكما قيل : " إن الطيور على أشكالها تقع " ، تجاهل الرجل ماذا فعل .

السائل : يا سلام ... .

الشيخ : ونَقَدَه ألف دينار .

السائل : غيرها ؟

الشيخ : ها .

السائل : غيرها .

الشيخ : هنا الإخلاص ، الرجل فُوجئ صار عنده ألفين ، إيش هذا ؟ وبعدين السابقة ظاهرة غريبة خارقة ؛ الخشب ، قصَّ على المَدِين قصة الخشبة ؛ هنا لم يسَعْ الرجل إلا أن يقول : والله يوم الميعاد لما شعرت أنني لا أستطيع أن أَفِيَ بالوعد أخذت الألف ودكِّيتها في هذه الخشبة ، وقلت : يا رب ، أنت كنت الكفيل وأنت كنت الشهيد . قال : بارك الله لك في مالك ؛ وفَّى الله عنك دينك . وأعاد له إيش ؟ الألف دينار ، الآن تصوَّروا في هذا الزمان رجل التقط خشبة من عرض البحر ، وفيها ألف دينار ، وما أحد اطَّلع عليه ؛ لو كَتَمَها .

السائل : بيخفي ، نعم .

الشيخ : لو كَتَمَها أحد بيقول له ؟

السائل : أبد ، إلا الله .

الشيخ : لا أحد عنده خبر ، لكن هالقلوب الصافية التي تراقب الله وتعلم أن الله عليم بما في الصدور ، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء ، هذه التقوى هي التي دَفَعَتْه أن يُعيد إليه الألف دينار ، وأن الله وَفَّى عنك قبل أن تنقدني بيدك .

هنا ماذا نرى ؟ وين الشاهد ؟ ربنا سخَّر البحر لهذا المؤمن الصالح ؛ فخُذْها عبرة ، ما يسخِّر .

السائل : (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا )) .

الشيخ : آ ، ما يسخِّر لمسلم يتَّقي الله فلا يودع ماله في البنك محافظةً على تقوى الله ؛ ألا ينصره ؟ ألا يعنيه ؟ بلى .

طيب ، القصة الثانية وهي - أيضًا - مثل الأولى في الموضوع الذي نحن في صدده الآن ، قال - عليه السلام - : ( بينما رجل ممَّن قبلكم يمشي في فلاة من الأرض ؛ إذ سَمِعَ صوتًا من السماء يقول ) ؛ أي : يخاطب السحاب ( اسقِ أرض فلان ) ، صوت من السماء لا يُسمع أبدًا ، هذا أمر خارق للعادة ، هذا الرجل الذي يمشي على الأرض ويسمع هذا الصوت من السماء بلا شك انتبه أنُّو هنا أمر خارق للعادة ، ( فسار والسحاب ؛ حتى وجد السحاب يُفرغ مشحونَه من الماء في حديقة ) ، أطلَّ صاحبنا على الحديقة ( فرأى فيها رجل يعمل بمسحاته ) ؛ بمنكاشه ، السلام عليكم ؛ وعليكم السلام ؛ ( سلَّم عليه باسمه الذي سَمِعَه من السماء ، استغرب الرجل ، ووجد على المسلِّم عليه آثار الغربة ، وأنه ليس من تلك الناحية ، فصارَحَه بهذا ، قال له : والله أنا كنت أمشي ، فسمعت صوتًا من السحاب ، فسِرْتُ مع السحاب ؛ حتى وجدت السحاب يسقي حديقتك وأرضك فقط ، فَبِمَ نِلْتَ ذلك ؟ قال : والله ، أنا لا أعلم شيئًا أستحقُّ هذه المعجزة من الله ، لكنِّي أزرع هذه الأرض وأحصدها ، وأجعل حصيدها ثلاثًا ؛ ثلث أعيده إلى الأرض ، ثلث أنفقه على نفسي وعيالي ، وثلث أتصدَّق على الفقراء والمساكين الذين حولي . قال : هو هذا ) ، ( هو هذا ) .

إذًا - بارك الله فيك - خُذْها عبرة ؛ أنك إذا اتَّقيت الله ، وتعاطيت الأسباب المشروعة للمحافظة على المال ؛ فالله لا يخيبك ، وسيكون معك ؛ لأن الله مع المتقين ، وحذارِ أن تظنَّ بالله سوء الظَّنِّ ؛ أي : أن تعتقد أنك إذا اتَّقيت الله ربنا - عز وجل - أهمَلَك واهتمَّ بالفاسق الفاجر وحفظ ماله وأضاع مالك ؛ لا ، هذا قلب للحقائق الشرعية ، لا يُتصوَّر أن يقع مسلم في مثلها إلا أن يكون غافلًا أو جاهلًا ، وأحلاهما - كما يقال - مرُّ .

على هذا أنا أقول : هَبْ أن إنسانًا عنده عشرة آلاف ريال أو دينار ، فهو بإمكانه أن يضع القسط الأكبر من هذا المكان في مكان حريز مهما كان شأنه ؛ بحيث أنُّو لا يخطر في بال سارق أو لص أن تمتدَّ يده إليه ، ثم يُبقي معه ما هو بحاجة كل أسبوع كل شهر إلى آخره ، وبذلك تستقيم حياته ويستقرُّ ذهنه وباله على أنُّو ماله محفوظ أوَّلًا بحفظ الله إياه ، وثانيًا باتِّخاذه الأسباب الجائزة شرعًا وليس باتخاذه الأسباب التي لا تجوز شرعًا .

ثم أريد أنا أن ألفت النظر إلى أن كثيرًا من الناس مَثَلُهم في انطلاقهم في صدد المحافظة على المال كمَثَل الأطفال الصغار ولا مؤاخذة ؛ كنَّا لما كنَّا تلامذة في المدرسة الابتدائية نشوف بعض التلامذة الدَّعوبين يجوا يفاجئوا زميلهم بدي حزّرك حزيرة ، هداك ينتبه ، قنطار من رصاص أثقل ولَّا قطن ؟ هداك قائم في ذهنه أنُّو الرصاص أثقل ؛ بيقول لك رأسًا : لا ، الرصاص . يا أخي ، أنا عم أقول لك : قنطار من هذا وقنطار من هذا ؛ ما في فرق ، لكن قنطار رصاص هالقَدَر ، وقنطار قطن يمكن يأخذ غرفة يأخذ الغرفة كلها .

السائل : بالنسبة للحجم نعم .

الشيخ : هذا وَهْم ، الآن الناس كبار الناس يقعون في الوَهْم ، شو بيقولوا ؟ وين بدنا نحط مالنا ؟ كأنُّو البنك محفوظ من السرقة ، من الحريق ، من إفلاس ؛ مع أنُّو هذه الأشياء تقع !!

السائل : تقع نعم .

الشيخ : شايف ؟

السائل : تقع ... .

الشيخ : لكن الناس غافلون ؛ إذًا أنت لما بتقول : أنا بدي أحط مالي أؤمِّن على مالي وين ؟ في البنك ، أنت ناسي أنُّو هذا البنك معرَّض للاحتراق ، معرَّض للسرقة ، يا ما وقعت ، وبعدين بيجي ثالثًا وأخيرًا : الإفلاس ! إذًا ما عليك غير تتَّقي الله وتتخذ بالأسباب الجائزة شرعًا ؛ وبذلك ينتهي ملاحظتي أو كلامي حول سؤالك .

السائل : واضح واضح .

الشيخ : واضح إن شاء الله ، ونسأل الله أن يحفظنا .

السائل : ... اعتماد من أفضل البنوك بلحظة وحدة أكلوه .

الشيخ : كثيرًا هذا وقع .

السائل : متى أفلس ؟ عندما أكلوه ، المال وين ؟ بين أياديهم .

الشيخ : هذا هو .

سائل آخر : ممكن ذكر هنا ، الآن أصبح ... .

السائل : صفر .

الشيخ : إي نعم .

السائل : أكلوا حقوق الناس والمودعين ؛ سواء بفائدة أو غير فائدة ، كله أكلوه .

الشيخ : صحيح .

السائل : يعني الأمثلة موجودة بالحياة ، واعتبروا يا أولي الألباب .

الشيخ : الله أكبر ، الله أكبر .

سائل آخر : شيخنا ، فيه كمان سؤالين .

الشيخ : تفضل .

السائل : سؤال واحد كافي ، أتعبت الشَّيخ أنت .

الشيخ : تفضل .

لا ، الشَّيخ هذه عادته .

السائل : الله يسلمك ، ونِعْم العادة .

الشيخ : الشَّيخ - والحمد لله - بفضله في كثير من الأحيان من بعد صلاة العشاء إلى الفجر مع بعض الناس المنحرفين ، أذكر جيِّدًا بأننا أول ليلة من المغرب إلى العشاء ، وانتهت الجلسة ، ثاني ليلة من العشاء إلى الساعة إحدى عشر ، ثالث ليلة من صلاة العشاء إلى أذان الفجر .

السائل : إن لجسمك عليك حقًّا .

الشيخ : والحمد لله ، ربنا - عز وجل - هو الذي بيعين .

نعم .

مواضيع متعلقة