عقيدة النصارى واليهود في الإيمان بالله واليوم الآخر ، وأن المنتمين إلى السلف الصالح لنا عناية خاصَّة بدعوة المسلمين عامة إلى فهم التوحيد الصحيح والإيمان إيمانًا جازمًا على أساس أن ذلك هو سبب النجاة في الدنيا والآخرة . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
عقيدة النصارى واليهود في الإيمان بالله واليوم الآخر ، وأن المنتمين إلى السلف الصالح لنا عناية خاصَّة بدعوة المسلمين عامة إلى فهم التوحيد الصحيح والإيمان إيمانًا جازمًا على أساس أن ذلك هو سبب النجاة في الدنيا والآخرة .
A-
A=
A+
الشيخ : ... النصارى يؤمنون بالله على أساس أنه ثلاثة ، أنه مركَّب من أقانيم ثلاثة ؛ الأب والابن وروح القدس عندهم يساوي إله واحد ؛ فهل الله كذلك ؟ حاشا - عز وجل - ، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا .

إذًا هم يؤمنون بإله تخيَّلوه في عقولهم ، أما الإله الحقيقي الذي يجب أن يُعبد وحده لا شريك له ؛ فهو كما قال في القرآن الكريم : (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ )) ، فلما لم تكن النصارى يؤمنون بهذا التوحيد الذي هو وصف لله - عز وجل - ، ووصفوه بخلاف هذه الحقيقة ؛ وصفوه بأنه الأب والابن وروح القدس ؛ قال الله في حقِّهم : (( لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ )) ؛ لأن الإله الذي يؤمنون به هو إله تخيَّلوه في أذهانهم تمامًا كإله البوذيين ، ما إلههم ؟ البقر ؛ فَهُم يعبدون البقر على أنه هو الإله الذي يستحقُّ العبادة ؛ فهل يصح أن يُقال : إن البوذيين يؤمنون بالله ؟ الجواب : لا ؛ كذلك لا يصح أن نقول : إن النصارى يؤمنون بالله ؛ لأنهم يؤمنون بشيء اسمه الأب والابن وروح القدس هو الإله الواحد ، هذه فكرة خيالية محضة لا تطابق وحدانية الله - تبارك وتعالى - علي حقيقتها .

كذلك اليوم الآخر ؛ فهل يؤمن النصارى باليوم الآخر ؟

الجواب : يؤمنون ولا يؤمنون ، يؤمنون باليوم الآخر على أنه مجيء عيسى - عليه السلام - في آخر الدنيا في آخر الزمان ، ويأتي كما يزعمون بالدَّينونة لِيُثيب الطائع ويعاقب العاصي ؛ هذا هو اليوم الآخر الذي عند النصارى ، أما اليوم الآخر المَوصوف في القرآن الكريم بصفات منها : أنها ليست هي الدنيا ؛ ولذلك سُمِّيَ باليوم الآخر ، وبصفات أن الناس فريقان ؛ فريق في الجنة وفريق في السعير ، وأنهم في نعيم أو في جحيم ، وأن هذا النعيم والجحيم نعيم وجحيم مادي ، كما هو هنا في الدنيا ؛ أي : بالروح والجسد ، هذه الحقائق كلها لا يؤمن بها النصارى ؛ لذلك نَفَى الله عنهم الإيمان ؛ فقال : (( لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ )) .

يُقال في اليهود نحو ما قيل في النصارى ؛ فاليهود طائفة أو طوائف منهم يعتقدون كما صرَّح الله - عز وجل - في القرآن الكريم بأن عزير ابن الله ، عزير ابن الله ؛ فإذًا هم - أي : النصارى - في هذه الناحية حيث أشركوا على الله وجعلوا له ولدًا وابنًا ؛ وهذا شرك واضح ؛ فإذًا هم لا يؤمنون بالله على الحقيقة . وطوائف أخرى منهم يزعمون بأنهم موحِّدون ، ولكنهم يفهمون الله على أنه في صورة البشر ؛ على أنه في صورة البشر ، وأنه موصوف بصفات بعض صفات البشر خير منها ؛ فمن كان منكم ابتُلِيَ كمثلي أنا بأن يقرأ يومًا ما مَا يسمُّونه بالكتاب المقدس بالتوراة والإنجيل لَوَجَدَ فيه أن يعقوب - عليه الصلاة والسلام - صارَعَ ربَّه ، هذا أول تشبيه ، أول ضلالة ؛ أن العبد يصارع ربَّه ، وليس هذا فقط ؛ بل وصرعه !! أي : يعقوب صرع ربَّه ، وليس هذا فقط ؛ بل ما أفلَتَه من يديه حتى حمل العبدُ ربَّه - أي : يعقوبُ ربَّه - على أن يبارك في بنيه وفي ذرِّيَّته ؛ فحينما رَكَلَه أطلق سبيله ؛ فهل هذا هو الرَّبُّ الحقيقي العاجز عن أن يدافع عن نفسه ، وأن لا يُطلَق سبيله إلا بأن يتعاهد بشيء لِمَن صَرَعَه ورماه أرضًا تحته ؟!!

هؤلاء لا يؤمنون - أيضًا - بالله ، إذا عرفتم هَيْ الحقائق فيا إخواننا القضية قضية هامة جدًّا ، وأرى أن الكلمة طالت ولها صلة ، وأرجو أن أذكَّر بها في ... لها تتمَّة هذه الكلمة ، وأعتقد أنها هامة ، ولكني أقول : هذه الأمثلة تبيِّن لكم أن المسلم إذا آمن بالله - عز وجل - إيمانًا يخالف ما جاء في الكتاب والسنة ، هذا الإيمان لا يفيده شيئًا ، كما أن اليهود والنصارى لم يُفِدْهم إيمانهم بالله شيئًا ؛ لأنهم آمنوا به على خلاف حقيقة أمره - تبارك وتعالى - .

فهناك قلت : طوائف من الناس لا يدعون المسلمين هؤلاء الذين وقعوا في الشرك الأكبر لسببين اثنين :

السبب الأول ، أو منهم للسبب الأول وهو : أن لا يُنبزوا بلقب هؤلاء الناس الذين عُرِفوا في العالم الإسلامي أنهم يهتمُّون أعظم ما يهتمون ، ولا أقول : إنهم لا يهتمون إلا بالتوحيد ، وإنما يهتمون أعظم ما يهتمون به هو الدعوة إلى التوحيد ، ونُبِذوا بلقب الوهابية ، فأولئك العلماء الذين عرفوا هذه الحقائق وشاركونا في معرفتها والإيمان بها هم لا يقومون بواجب التبليغ خشية الناس ، والله أحقُّ أن يخشونه - تبارك وتعالى - .

وناس آخرون كما سمعتم يعترفون معنا بهذه الحقائق ، ولكنهم يقولون : الوقت الآن لا يسمح ، أو ليس من الحكمة وليس من السياسة الشرعية أن ندعو المسلمين إلى هذا التوحيد ؛ لأن المسلمين سينقسمون إلى فرقتين .

قلت آنفًا بشيء من التفصيل مشيرًا إلى أمر خطير جدًّا : إن هؤلاء يريدون معاكسة ما أخبَرَ الله ورسوله ؛ فقد سمعتم آنفًا أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - أخبَرَ بأن الأمة هذه ستتفرَّق إلى ثلاث وسبعين فرقة ، فهؤلاء يريدون أن يجعلوا الثلاث وسبعين فرقة فِرقةً واحدة ، وهذا أمر مستحيل لا سبيل إليه إطلاقًا ؛ لذلك نحن ننفرد عن جميع المسلمين الذين يُشاركوننا في الفهم الصحيح والإيمان الجازم بكلمة التوحيد أن لنا عناية خاصَّة وهامة في دعوة المسلمين إلى فَهْم هذا التوحيد ؛ ذلك لأن النجاة في الآخرة - كما شرحنا لكم - لا يكون إلا بهذا الفهم الصحيح والإيمان الجازم بلا إله إلا الله .

بينما الجماعات الأخرى التي لها نشاط في دعوة المسلمين ، وفي محاولة إيقاظهم من هذا الذُّلِّ الذي وقعوا فيه ليس لهم عناية إما مطلقًا وإما عناية تذكر في دعوة جماهير المسلمين بصورة عامة ؛ بل ولا في دعوة أفراد المسلمين الذين يدورون في فَلَكِهم كما يقولون بصورة خاصة ؛ فدعوة التوحيد هذه أصبحت هملًا بدعوة أنها تفرِّق جماعة المسلمين .

أمر غريب جدًّا ؛ كلنا يعلم أن المقصود بالمسلمين ليسوا هم الذين وَصَفْناهم بأنه إذا قال : لا إله إلا الله بلسانه أنجَتْه في الدنيا دون الآخرة ، وإنما نعني نحن المسلمين الذين يقولون : لا إله إلا الله فَهْمًا لها وإيمانًا جازمًا بها ، فإذا رأينا هؤلاء الجماهير من المسلمين لا يفقهون هذا الإيمان ولا يفهمونه كان الواجب الأكبر على كلِّ الدعاة الإسلاميين أن يُعنَوا بهذه الدعوة قبل كل شيء ، وأن يجمعوا المسلمين على أساسها ، فمَن استجاب لهم وسار معهم في هذا السبيل فهؤلاء يمكن التعاون معهم فيما بعد ذلك من أمور دعا إليها الإسلام .

والآن نقف ، ولعلنا نتابع الكلمة ... .

مواضيع متعلقة