من أحكام المسجد في الإسلام ، وأن من علامات الساعة التباهي في المساجد وزخرفتها . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
من أحكام المسجد في الإسلام ، وأن من علامات الساعة التباهي في المساجد وزخرفتها .
A-
A=
A+
الشيخ : ... بعيره ما يبقى في المسجد ... لأن المساجد في نظام الإسلام لا يجوز أن تُبنى وفيها النزهة وفيها الروعة وفيها الجمال وفيها الزخارف ، وإنما هذه طريقة نحن تلقَّيناها من جملة ما تلقَّيناها من عادات الكفار ؛ فَهُم يبنون الكنائس والبيوت التي يزعمون أنهم يعبدون الله فيها بُنيانًا فيه الروعة وفيه الجمال ؛ لماذا ؟ لأنهم ليس عندهم من المعاني الروحية السامية في هذه البيوت المبنية لعبادة الله - زعموا ! - تجذب الناس إلى هذه البيوت ؛ ولذلك مع الزمن وتوسُّع الأوروبيين للتجمُّل بكل وسيلة وَصَلَ الأمر بهم إلى أن لا يكتفوا بزخرفة الكنائس الزخرفة التي تفنَّن فيها الأوروبيون ، فاحتاجوا إلى تعاطي وسائل جديدة لِجذب الناس إلى الصلاة في يوم الآحاد عندهم ، فأصبحوا يسمحون بدخول النساء بأبهى زينة وأشد ما تكون المرأة منهم تبرُّجًا ، بل وسمحوا لإقامة الاختلاط وربما الرقص في ماذا ؟ في الكنائس التي بُنِيَت في زعمهم لعبادة الله - عز وجل - !

فالمساجد والموسيقى منذ القديم ، المساجد يجب أن تُبنى بأقصر بناء وأشد ما يكون هذا البناء ابتعادًا عن الزينة وعن التكلُّف ؛ ولذلك لما وسَّعَ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - المسجد النبوي قال للبنَّاء : " أَكِنَّ الناس من الحرِّ والقَرِّ ، ولا تحمِّر ولا تصفِّر " ؛ ابعِدْ عن الزينة ، بس اجعل كنَّة مأوى يأوي إليه المصلون ينجون به من شدة الحرِّ والبرد .

وعلى هذا أشار الرسول - عليه السلام - بقوله : ( لا تقوم الساعة حتَّى يتباهى الناس بالمساجد ) ، وقال ابن عباس وهو راوي الحديث : " لَتزخرفنَّها كما زخرفت اليهود والنصارى " ، وهذا مصداقه الواقع اليوم تمامًا ؛ فإننا لا نكاد نجد مسجدًا يُبنى إلا ... القائمون عليهم يتسابقون في جَعلِه أجمل من المسجد الفلاني ، وأنضَر من المسجد الفلاني ، فصدق رسول الله : ( لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد ) .

ومسجد بني أمية عندنا وقد يكون عندكم مسجد مثله ، لكن قريب منه في الزينة والزخرفة ؛ فمسجد بني أمية عندنا في الشام هو كعبة الكفار يحجُّون إلى هذا المسجد لِيدرسوا النقوش التي زُخرِفَت بجدران وسقوفها بالحجر المعروف بالفسيفساء ، فيأتي الكفار إلى بيت من بيوت الله ؛ لا ليعبدوا الله ، وإنما للفُرجة والنزهة !! أهكذا تُبنى مساجد الإسلام ؟! لا ، فهذا من جملة ما أصاب المسلمين من الانحراف في فَهمِهم لجوانب من جوانب دينهم .

فالخلاصة : فليس في المساجد التي تُبنى على الطريقة الإسلامية أن يكون فيها أشجار ، فيها بساتين ، فيها زهور ؛ لا ، هذه - أيضًا - تُبعد عن المساجد ؛ لأنها ملهاة ، وزينة من زينة الحياة الدنيا ، أما المسجد فيجب أن يكون في وضع إذا دخل فيه الغافل القاسي القلب يتنبَّه ويستيقظ وتأخذه الرعشة والخشية من الله - تبارك وتعالى - ؛ فيصلي وليس بين يديه سجاجيد منقوشة مزخرفة ، ولا أمامه جُدُر مزيَّنة ؛ حتى ولا الآيات الكريمة لا يجوز أن تُكتب على هذه الجدر لأنها تُلهي المصلي ؛ ولذلك قال - عليه الصلاة والسلام - كما في " صحيح البخاري " بعد أن صلى يومًا في ثوب معلَّم أشبه بما ... بالخطوط الطويلة الحمرا والخضراء والبيضاء والزرقاء إلى آخره ؛ هذه الثوب اسمه " أنبجانية " ، فصلى ذات يوم في هذا الثوب ، فقال - عليه السلام - بعد أن صلى .

آ ؟

سائل آخر : ... .

الشيخ : أيوا ، خميصة ، هذا الثوب يُسمَّى خميصة ، فبعد أن صلى قال : ( خذوا خميصتي هذه وَأْتوني بأنبجانية أبي جهل ؛ فإنها - أي : الخميصة - كادت أن تُلهيني عن صلاتي ) ، في رواية البخاري : ( فإنها ألهَتْني ) ، لكن في رواية " الموطأ " - وهي أصح من حيث المعنى - : ( فإنها كادت أن تُلهيني عن صلاتي ) .

ولما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جوفَ الكعبة وجد هناك قرنَي كبش إسماعيل ، فدو إسماعيل الذي ذَبَحَه أبوه إبراهيم - عليهما الصلاة والسلام - ، كان الكفار توارثوا هذَين القرنين من كبش فداء إسماعيل ، فكانوا قد وضعوه كآثار قديمة في جوف الكعبة ، فلما دخل الرسول - عليه السلام - وصلى ، قال : ( خمِّروا ) من التخمير ؛ يعني التغطية ، غطُّوا هذين القرنين ، لماذا ؟ لكي لا يلتهي بالنظر إليهما عن الخشوع لله - تبارك وتعالى - ؛ فانظروا كم كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حريصًا في جَعلِ المسلم حينما يدخل في مكان أن يكون هذا المكان منزَّهًا عن أيِّ شيء يُلهي ويُشغل بال المصلي ، انظروا هذا من ناحية ، وانظروا واقع المسلمين اليوم في مساجدهم من ناحية أخرى يتبيَّن لكم معجزة أخرى من معجزات الرسول - عليه السلام - العلمية الغيبية ، بالإضافة إلى المعجزة السابقة : ( لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد ) ؛ يتبيَّن لكم معجزة أخرى وهي قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إن الإسلام بدأ غريبًا ، وسيعود غريبًا ؛ فطوبى للغرباء ) . قيل : مَن هم يا رسول الله ؟ قال : ( هم أناس قليلون صالحون بين ناس سوء كثير ؛ مَن يعصيهم أكثر ممَّن يطيعهم ) . هذه أحاديث الرسول - عليه السلام - ؛ بل تلك آيات الله في القرآن وفي أحاديث الرسول - عليه السلام - في إثبات صفة العلوِّ لله - عز وجل - ، وهذه الأحاديث في كيفية بناء المساجد ؛ فانظروا كم هؤلاء الذين يطيعون هذه الأحاديث بل الآيات ويتَّبعونها ؟ هم القليل ، (( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ )) .

هم الغرباء الذي ذَكَرَهم الرسول - عليه السلام - في الحديث السابق : ( إن الإسلام بدأ غريبًا ، وسيعود غريبًا ؛ فطوبى للغرباء ) ، جاء في حديث آخر ذلك السؤال : مَن هم هؤلاء الغرباء ؟ قال : ( هم ناس قليلون صالحون بين ناس كثير ) لكن ناس سوء ، ( مَن يعصيهم ) من أولئك القليل ، ( أكثر ممَّن يطيعهم ) .

إذًا المساجد يجب أن تُبعد عنها الزخارف والزينة ، فتكون مشكلة الزهور مشكلة محكوم عليها بالإعدام من الأصل ، لكن لو فرضنا أن هناك ثمرة شجرة فيها ثمر فالبحث كما فصَّلناه آنفًا ، ولا يجوز أن ... .

مواضيع متعلقة