ما دليل أفضلية غطاء الوجه واستحبابه ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما دليل أفضلية غطاء الوجه واستحبابه ؟
A-
A=
A+
السائل : يا أستاذ ، بالنسبة لحجاب المرأة المسلمة ... ؟

الشيخ : حجاب المرأة المسلمة ؟

السائل : ... .

الشيخ : كانت المرأة في عهد الرسول - عليه الصلاة والسلام - منهنَّ مَن تحجب جميع بدنها ، وفيه الوجه والكفَّان ، ومنهنَّ مَن كانت تحجب جميع بدنها حاشا الوجه والكفين ، والأول أفضل ، والآخر جائز ؛ فالمرأة إذا أرادت أن تستر وجهها وكفيها فذلك أشرف لها وأفضل ، ولكن لا دليل على إيجاب ذلك على المرأة ، وبمعنى آخر لا دليل يدل على أن وجه المرأة وكفَّيها من العورة ؛ لا دليل على هذا ، لكن الواقع الذي كان عليه كثير من النساء نساء الصحابة كما ذكرنا أن يستُرْنَ وجوههنَّ وأيديهنَّ أيضًا ؛ فهذا يدل على الجواز ، بل على الأفضل ، لكن يقابل هذا الواقع واقع آخر ؛ وهو أن بعض النساء كنَّ يكشفن عن وجوههنَّ ، فهذا الواقع يدل على الجواز المحض ، بينما الواقع الأول يدل على الجواز الأفضل .

وهذا هو المذهب الأعدل ممَّا اختلف فيه العلماء ؛ فمِن قائل بأن الوجه والكفين ليس بعورة ، ثم لا يتعرَّض لبيان أن الأفضل سترهما ، ومن قائل بأن الوجه والكفين من المرأة عورة كسائر بدنها ؛ لا يجوز لها أن تظهر شيئًا منهما . وهذا مما لا دليل عليه كما فصَّلتُ ذلك تفصيلًا في كتابي " حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة " .

هذا خلاصة ما نذهب إليه في هذه المسألة .

السائل : التفضيل فيه دليل ؟ تفضيل الغطاء ككل بدليل ؟

الشيخ : التفضيل ما ذكرناه آنفًا ، في واقعين في عهد الرسول - عليه السلام - ، الستر والكشف ، ولا شك أن الستر أستر .

السائل : يوجد له دليل ، يسأل : هل له دليل ؟

الشيخ : هذا هو الذي أقوله .

السائل : لا تنتقب المرأة في الإحرام .

الشيخ : لا ، هذا دليل ليس هو الذي يريد ، ( لا تنتقب المرأة ) بمعنى أنها تنتقب وهي غير محرمة .

السائل : أيوا .

الشيخ : ولكن هذا دليل الجواز .

السائل : الأفضلية ، دليل الأفضلية ؟

الشيخ : لا ، ليس دليل الأفضلية .

السائل : ... أوردتموه في كتاب " حجاب المرأة المسلمة " في قسم مشروعية جواز الـ .

الشيخ : أنا ما أذكر هذا .

السائل : موجود .

الشيخ : موجود على أنُّو كانت المرأة تنتقب .

سائل آخر : في الواقع يعني .

الشيخ : إي نعم ، مش دليل على أنُّو هذا مستحب .

السائل : الحديث موجود جنابكم استشهدتم فيه في قسم مشروعية ستر الوجه .

الشيخ : مشروعية نزع الـ .

السائل : إي ، مشروعية ، جواز أفضل جنابكم تقولوا ، ثم تأتي بهذا الحديث .

الشيخ : أنا ما أذكر ، على كل حال يُراجع الموضوع .

السائل : موجود .

الشيخ : الحديث موجود صحيح ، وأنا استدلَلْت به على أنُّو الانتقاب كان معروفًا في عهد الرسول - عليه السلام - ، وردَدْت به على مَن غَلَا في المسألة وقال : إن ستر المرأة لوجهها بدعة ، فردَدْتُ بهذا الحديث على هؤلاء ، لكن أنا ما تعرَّضت لبيان أن هذا الحديث يدل على الاستحباب .

والاستحباب ليس عليه دليل نص صريح ، إنما هو من طريق الاستنباط ، وذلك من وجهين :

الوجه الأول : بدأت بذكره آنفًا ، وهو قلت : لا شك أن المرأة أن الأشرف لها والأستر لها أن تستر وجهها ؛ لا سيما وبعض العلماء لما أوجبوا الستر لوجهها قالوا أنُّو هو موضع الفتنة ، ونحن لولا أنه يوجد لدينا بعض الأحاديث التي تصرِّح بأن المرأة كانت تكشف عن وجهها وهي جميلة ، وأقرَّ الرسول - عليه السلام - ذلك ؛ لَقُلنا بقول من يقول بوجوب أن تستر المرأة وجهها إذا كانت وضيئةً جميلة ؛ فلا أقل أن نقول : أن سترها لوجهها أفضل وأشرف لها ، هذا الوجه الأول .

والوجه الثاني : أن فضليات الصحابيات كأمهات المؤمنين كنَّ يستُرْنَ وجوههنَّ ، فمَن تستر وجهها اليوم من النساء فأسوتهنَّ نساء الرسول - عليه السلام - وأمهات المؤمنين ، فَمِن هذا الوجه نحن نرى أن الستر أفضل .

السائل : خاصة في الزينة هي المرأة الآن في العصر تضع الزينة .

الشيخ : لا ، لما بدها تضع الزينة يصير حرام عليها أن تستر عن وجهها .

سائل آخر : طيب ، ملاحظة .

سائل آخر : الآية صريحة ، (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ )) ؛ فهل يجوز خروج المرأة المسلمة إلى غير الأعمال الضرورية ؟

الشيخ : لا ، ما يجوز .

سائل آخر : ... ثبت في حديث صحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنُّو بعد نزول آية الحجاب ... إلا الأعمال الضرورية جدًّا ؟ والآية صريحة كذلك أنُّو في إنزال الحجاب على الوجه ... ؟

الشيخ : لذلك أنا بدا لي أنك أنت دخل عليك مسألة في مسألة ، هل أنت لا تزال في المسألة الأولى أم فتحت بابًا آخر ؟

السائل : لا ، مع تكملة السؤال في البداية (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ )) .

الشيخ : (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ )) ما له علاقة بالموضوع السابق .

هذا معنا أن المرأة ولو خرجت بأكمل لباسها لا يجوز أن تجعل ديدنها الخروج من دارها ، هذا معنى (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ )) ، لو كانت متسترة كلَّ التستُّر فالواجب عليها أن تلزم دارها ، هذه مسألة أخرى ، ليس لها علاقة بالمسألة الأولى ؛ ولذلك فما أظن أنك انتهيت من المسألة الأولى ؛ هل انتهيت من المسألة الأولى ؟

في الآية الأخرى التي ذكرتَها آنفًا وهي قوله - تعالى - : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ )) ، هذه الآية لا تدل على وجوب ستر المرأة لوجهها ، لأن الأمر في هذه الآية إنما هو بالإدناء ؛ (( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ )) . وما هو معنى الإدناء ؟ الإدناء من الدنو وهو القرب ، (( يُدْنِينَ )) أي : يقرِّبْنَ ، وهذا تصوير ربما يأتي ، كانت المرأة في الجاهلية أشبه ما نراه اليوم في بعض النساء العراقيات اللاتي لا يزلْنَ محتفظات بالعباءة ، لكن ما فائدة هذه العباءة ؟ هي تلقي هذه العباءة على أمِّ رأسها ، ثم تسدلها على منكبيها ، ثم يظهر كل شيء من صدرها ونحرها .

عيد عباسي : وبعض الشعر .

الشيخ : وربما شيء من شعرها أيضًا ؛ هكذا كنَّ في الجاهلية يفعلْنَ ، فنزلت هذه الآية : (( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ )) ، (( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ )) ، هذا هو معنى الإدناء ، الآن يجب أن نحدِّد الإدناء الواجب المأمور به في هذه الآية ، ما هو الإدناء الواجب ؟

الذي أعتقده أن لا أحد يذهب إلى أن الإدناء المأمور في الآية السابقة هو إدناء تام ؛ بحيث أنها تغطِّي وجهها وفيه العينان ، لا أحد يقول بهذا ؛ إذًا الآن بهذا الاتفاق استثنَينا شيئًا من الوجه ، ما هو الشيء المستثنى مع تحديده ؟ فناس يقولون : تبدي عينًا واحدة ، تقريبًا هكذا ، وناس يقولون : تبدي العينين هكذا ، وناس يقولون : تبدي الوجه الأنف والفم أيضًا ؛ لأنُّو موضع التنفُّس .

لما رأينا هذا الاختلاف وجب الرجوع إلى مزيل الاختلاف ، والقاضي عليه ؛ ألا وهو السنة كما قال - تعالى - : (( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ )) ، فبيان الإدناء الواجب في الآية لا يمكن أخذُه منها ؛ لأنه كما ذكرنا مطلق ، فإذا أُخِذَ بإطلاقه معناها المرأة لا تستطيع أن تمشي في طريقها .

وأنا أريد أن ألفت النظر بمناسبة قولي : لا يمكنها أن تمشي في طريقها ؛ لأن الجلباب قماش صفيق ليس شفَّافًا ، ليس كالمنديل الذي له عيون دقيقة ؛ فهي ترى ولا تُرى ، وإنما هو شيء صفيق ، فلو أُمِرت بأن تلقي هذا الجلباب على وجهها كله لَمَا استطاعت أن تخرج من دارها مطلقًا ؛ ولذلك ذهب مَن ذهب إلى استثناء عين واحدة أو العينتين كلتيهما معًا .

فإذًا ينبغي أن نحدِّد الأمر الواجب من الإدناء بالسنة ، السنة منها قولية ومنها فعلية ، أما القولية فقوله - عليه السلام - : ( إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا وجهها وكفَّيها ) ، هذا نص من قوله - عليه السلام - بأن المرأة التي بلغت سنَّ التكليف لا يجوز - والحالة هذه - أن يُرى منها أكثر من الوجه والكفين ؛ فهو نصٌّ صريح بجواز كشف الوجه والكفين من المرأة جوازًا مطلقًا كما ذكرنا آنفًا .

ثم اندعمَ هذا الحديث بالسنة العملية كما أشرنا آنفًا إلى أن هناك كثير من الأحاديث فيها أن النساء كانت تكشف عن الوجه ، وكان بعض الصحابة يرى خدَّ المرأة ويصف لون هذا الخدِّ ؛ لأنه مكشوف ، وآخر يرى امرأة فيصفها بأنها وضيئة جميلة ؛ فكل هذا يؤكد بأن الاستثناء المذكور السابق القولي اندعمَ بفعل النساء في زمن الرسول - عليه السلام - ، ولا شك أن الأمر الذي أقرَّه الرسول ولم ينكره ؛ فالإقرار وحده دليل على الجواز ؛ فكيف إذا تأيَّد بالقول السابق : ( إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا وجهها وكفَّيها ) ؟!

إذا ثبت هذا حينئذٍ نعود إلى الآية ؛ (( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ )) أي : يغطِّين كل بدنهنَّ إلا الوجه والكفين باستثناء الحديث المؤيَّد بالسنة الواقعة في عهد النبوَّة والرسالة ، بهذا يمكن فهم الآية السابقة ، أما أخذ الإدناء على إطلاقه ؛ فهذا ما يقوله إنسان مطلقًا ؛ فلا بد من التحديد ، والتحديد بالنَّصِّ أولى من التحديد بالاجتهاد ؛ فالذي قال : عين واحدة تبدي ؛ هذا اجتهاد منه ، راعى في ذلك الضرورة ، الضرورة أن ترى طريقها ، والذي استثنى العينين كلتيهما - أيضًا - استثنى هذا الاستثناء بالاجتهاد وليس بالنَّصِّ .

سائل آخر : ما هو مروي عن ابن عباس ستر الـ ؟

الشيخ : مروي ، لكن بإسناد لا يصح عنه ، إي نعم ، رواه ابن جرير الطبري بإسناد فيه انقطاع .

سائل آخر : قوله - تعالى - : (( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ )) لا تفيد يعني أنُّو غطاء الوجه أو ستره ؟

الشيخ : لا ، هذا في البيوت ، فالمرأة في البيت تكون متبذِّلة في ثيابها ، تكون حاسرة عن رأسها وعن عنقها = -- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته -- = ؛ ففي هذه الحالة يجب أن لا تُرى مطلقًا شخصها ، إي نعم ، هذا الحجاب غير ذاك الحجاب الذي سبق في الآية : (( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ )) ، ذاك الحجاب الذي تلقيه المرأة على بدنها ، والحجاب الثاني الحجاب الذي يكون في دارها وهي تكلِّم الغريب عنها خلف هذا الحجاب ؛ فهما حجابان وليسا حجابًا واحدًا .

سائل آخر : جزاكم الله خيرًا .

الشيخ : وإياكم .

عيد عباسي : على كلٍّ الأسئلة والأجوبة لها ... .

مواضيع متعلقة