من دروس " الترغيب والترهيب " ، شرح حديث : كلام الشيخ على حديثين : ( رَحِمَ الله مَن سَمِعَ مقالتي حتى يبلِّغَها غيرَه ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
من دروس " الترغيب والترهيب " ، شرح حديث : كلام الشيخ على حديثين : ( رَحِمَ الله مَن سَمِعَ مقالتي حتى يبلِّغَها غيرَه ) .
A-
A=
A+
الشيخ : ... (( يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) ، أما بعد :

فإنَّ خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .

كان درسنا الأخير انتهى بحديث : ( إن لكل أمة فتنة ، وفتنة أمتي المال ) ، والآن نشرع في الحديث الستين ؛ وأعني أن ما بين الحديث السابق : ( إن لكل أمة ) وحديث الليلة كلها مما لا يصح من أحاديث " الترغيب والترهيب " ، وهو الحديث السادس والخمسون ، والسابع والخمسون ، والثامن والخمسون ، والتاسع والخمسون ؛ كل هذه أحاديث ضعيفة كما جَرَيْنا في دروسنا هذه نجتنبها ولا نرويها لكم ؛ لأن فيما صح وثبت من الحديث عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - غنية عمَّا لم يصح .

حديثنا الصحيح قوله : وعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( رَحِمَ الله مَن سمع مقالتي حتى يبلِّغَها غيره ) - ثلاثًا - ؛ أي : كرَّر الرسول - عليه السلام - هذه الجملة : ( رَحِمَ الله مَن سمع مقالتي حتى يبلِّغَها) ثلاث مرَّات .

ثم قال - عليه الصلاة والسلام - ، عفوًا أنا أخطأت ، نصُّ الحديث : ( رَحِمَ الله مَن سَمِعَ مقالتي حتى يبلِّغَها غيرَه ) ثم قال : ( ثلاث أو ثلاثًا لا يَغِلُّ - وفي رواية : لا يُغِلُّ - عليهنَّ قلبُ امرئٍ مسلم ) . ما هي هذه الثلاث ؟ ( إخلاصُ العملِ لله ) = -- بس يا أخي -- = ( إخلاصُ العَملِ لله ، والنصحُ لأئِمَّةِ المسلمينَ ، واللُّزومُ لِجمَاعَتهِم ؛ فإنَّ دُعاءَهُم يُحِيطُ مَن وراءَهم . إنَّه مَن تكُنِ الدنيا نِيَّتَهُ يَجعلِ اللهُ فَقرَهُ بينَ عينيهِ ، ويشَتِّتْ عليه ضَيعَتَهُ ، ولا يَأتِهِ منها إلا ما كُتِبَ له . ومَن تَكُنِ الآخِرَةُ نِيَّتَه يَجعَلِ اللهُ غِناهُ في قَلبِه ، ويَكفِيه ضَيعَتَهُ ، وتأتيهِ الدُّنيا وَهِيَ راغِمَةٌ ) .

رواه ابن ماجة ، وتقدَّم لفظه وشرح غريبه في " الفراغ للعبادة " ، والطبراني واللفظ له ، وابن حبان في " صحيحه " .

... و ( مَن سَمِعَ مقالتي حتى يبلِّغَها غيرَه ) ، يدعو الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - على مَن سَمِعَ حديثه ، ثم بلَّغَه غيره مما لم يسمَعْه من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، في هذه الرواية يقول : ( رَحِمَ الله ) ، وفي أخرى يقول : ( نضَّر الله ) ؛ والنتيجة واحدة ؛ لأن المرحومين وجوههم نَضِرَة .

( رحم الله من سمع مقالتي ) ، وفي الحديث الآخر : ( نضَّر الله امرأً سمع مقالتي ) ، وهذا دعاء من الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - على الذين يُعنَون بنقل الحديث إلى أمَّته - عليه الصلاة والسلام - تنفيذًا منه لحديثٍ آخر ؛ أَلَا وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( بلِّغوا عنِّي ولو آية ) ، ليس المقصود في لفظة الآية في هذا الحديث هو المعنى العُرفي الإسلامي وهي الآية الكريمة من القرآن ، وإنما المقصود بهذه اللفظة الآية في الحديث ما هو أعم ذلك ؛ أي : الجملة . فالرسول - عليه الصلاة والسلام - يقول : ( بلِّغوا عنِّي ولو آية ) ؛ أي : ولو جملة ؛ سواء كانت هذه الجملة من كتاب الله أو من حديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، هذا التَّبليغ أمرٌ واجبٌ على الكفاية ؛ إذا قام به البعض سقط عن الباقين ، فهذا الذي أمر به الرسول - عليه الصلاة والسلام - من تبليغه هو الذي دعا لصاحبه - عليه السلام - بهذا الحديث بأن يرحمه الله ، أو في ذاك الحديث : ( نضَّر الله امرأً سمع مقالتي ) ، دعا له بالنَّضارة ؛ ولذلك يقول شرَّاح الحديث حينما يشرحون هذه الجملة خاصَّة : ( نضَّر الله امرأً ) قالوا : وقد استجاب الله - تبارك وتعالى - دعاء نبيِّه - صلى الله عليه وآله وسلم - في رواة الحديث والمبلِّغين له إلى أمَّته ، فتجد على وجوههم النُّضرة التي دعا بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهؤلاء الأفراد من الأمة .

مواضيع متعلقة