حديث أبي موسى - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إذا مَرِضَ العبد أو سافر كُتِبَ له مثلُ ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
حديث أبي موسى - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إذا مَرِضَ العبد أو سافر كُتِبَ له مثلُ ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا ) .
A-
A=
A+
الشيخ : الحديث الذي بعده على ما اصطلحنا عليه في كل دروسنا الماضية بياض ، أما الذي يليه فضعيف .

الآن حديث آخر صحيح كالسابق ؛ وهو قوله : وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إذا مَرِضَ العبد أو سافر كُتِبَ له مثلُ ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا ) رواه البخاري وأبو داود .

هذا الحديث من الأحاديث التي يتجلَّى فيها فضل الله - عز وجل - على عباده ؛ حيث أنه يصرِّح أن المسلم إذا كان له عادة من طاعة لله - عز وجل - في حالة إقامته وفي حالة صحته ، ثم اقتضى له سفر أو حلَّ به مرض ، فصَرَفَه عن تلك العادة من العبادة والطاعة ، أما السفر فهو بلا شك مَشْغلة ، يصرف الإنسان عن كثير من الأمور الهامة ، ولا جرم أن الله - عز وجل - بحكمته خفَّفَ عن عباده كثيرًا من العبادات بل الواجبات حينما يكونوا مسافرين ، فهنا مع هذا التخفيف من الطاعات والعبادات الواجبات على المسافر ؛ فإذا كان لهذا المسافر عادة في حالة إقامته من عبادة من طاعة من مواظبة على النوافل - مثلًا - من السنن وغيرها ، ثم لا يتمكَّن إما شرعًا وإما قدرًا لأنه مسافر ؛ لا يتمكَّن من الإتيان بتلك العبادات والطاعات التي كان معتادًا عليها ، فالله - عز وجل - يكتبها له كما لو أنه فَعَلَها وهو مقيم ؛ هذه واحدة .

كذلك إذا ابتُلِيَ الإنسان بمرض ، فصَرَفَه مرضه عن ما كان ينشَطُ له من الطاعة والعبادة ؛ فالله - عز وجل - - أيضًا - يتفضَّل على هذا المريض فيأمر الملائكة بأن يكتبوا له ما كان يفعله في حالة صحته ونشاطه ، (( ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا )) "" يعلمون "" .

فإذًا في هذا الحديث ممَّا يناسب الموضوع الذي نحن في صدده حضٌّ بليغ جدًّا على أن يصبر المسلم فيما إذا أُصِيبَ بمرض ، ومما يحمله على الصبر أن يتذكَّر بأن الله - عز وجل - يُثيبُه على كل العبادات والطاعات التي كان يفعلها في حال صحته .

وفي الحديث - أيضًا - حضٌّ غير مباشر للمسلم الصحيح السليم على أن يغتنمَ صِحَّته وشبابه ، وأن يُكثِرَ من طاعة الله - عز وجل - وعبادته ؛ لأن للصحة حقًّا وللسِّنِّ حقًّا ، فالصحيح لا يظلُّ صحيحًا ، والسليم لا يظلُّ سليمًا ؛ فقد يمرض ، كذلك الشاب والكهل لا يظلُّ كذلك ، فلا بد من أن يخضع شاء أم أبى لسنة الله في خلقه - عز وجل - ، من ذلك أن يكون طفلًا ، فيصير صبيًّا ، فيصير شابًّا ، فيصير كهلًا ، فيصير شيخًا ؛ فلا يستطيع في حالة شيخوخته أن يستمرَّ على تلك العبادات والطاعات التي كان ينهض بها في حال شبابه ، فينبغي على المسلم الحريص على آخرته أن يتذكَّر هذه الحقيقة ، وأن يهتَبِلَها فرصة ؛ فيكثر من العبادة والطاعة ؛ حتى ما إذا أسَنَّ وشاخَ أو مرض ولم يستطع أن يقوم بتلك العبادات والطاعات فالله - عز وجل - يكتبها له ؛ لأنه معذور عذرًا اللهُ - عز وجل - بتقديره فَرَضَه عليه ، ليس له إرادة وليس له في ذلك كسب ، هذا الحديث يُعطينا هذا الحضَّ غير المباشر ؛ أي : أيها القوي السليم ، احرص على طاعة الله - عز وجل - في حالة قوَّتك وشبابك ؛ حتى إذا ما عجزت أو مرضت كَتَبَها الله لك ولو لم تفعل شيئًا من ذلك .

مواضيع متعلقة