الكلام عن إخلال كثير من الناس بتوحيد الأسماء وصفات ، وذكر مثال عن هذا وهو غلوُّ الصوفية في مشايخهم ؛ حيث يقولون : إن شيوخهم يعلمون الغيب ، وكذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والرَّدُّ عليهم . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الكلام عن إخلال كثير من الناس بتوحيد الأسماء وصفات ، وذكر مثال عن هذا وهو غلوُّ الصوفية في مشايخهم ؛ حيث يقولون : إن شيوخهم يعلمون الغيب ، وكذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والرَّدُّ عليهم .
A-
A=
A+
الشيخ : وتوحيد الصفات هذا مما يُخِلُّ به - أيضًا - اليوم كثير من المسلمين ، وهذا الإخلال يتجلَّى في صور شتى ؛ مثلًا نجد كثيرًا من الطلاب طلاب العلم ، وبخاصَّة منهم مَن كان مِن الصوفيين يعتقدون في شيوخهم أنهم يعلمون الغيب ، وأنهم يقرؤون ويطَّلعون على ما في الصدور ، فيصرِّحون بأن أحدهم يحضر في المسجد في درس الشَّيخ ، فإذا بالشَّيخ يُكاشف ما في قلب المريد من سؤال ، فيجيبه قبل أن يتوجَّه المريدُ بالسؤال ، فقد أعطَوا الشَّيخ صفة وهو العليم بما في الصدور ، الله - عز وجل - هو العليم بما في الصدور ، فأعطَوا هذه الصفة لشيوخهم ، فكفروا بوحدانية الله - عز وجل - في صفاته التي منها أنه عليم بما في الصدور ، وكذلك كفروا بقوله - تعالى - - وهم لا يشعرون طبعًا - : (( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ )) ، فالله - عز وجل - يصرِّح في هذا القرآن أن الغيب لا يعلمه إلا الله من جهة ، وأن الله لا يُطلِعُ على هذا الغيب إلا من ارتضى من رسول ، فإما أن يكون هؤلاء الذين يعتقدون بأن الشَّيخ يطَّلع على ما في الصدور قد شَرَّكوه مع الله في صفة الاطلاع على ما في الصدور ، أو كفروا بقوله - تعالى - : (( فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ )) ، أو أنهم يعتقدون على الرغم من قوله - تعالى - : (( وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )) أن الرسول ليس بخاتم النبيين ؛ لأنُّو هذا الله يظهره على الغيب ؛ فإذًا هناك رسول بعد نبيِّنا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ فكيف ما أدَرْتَ هذه الضلالة كانت النتيجة الكفر بآية أو أكثر من آية من آيات الله في القرآن الكريم .

عيد عباسي : هل ... ؟

الشيخ : هذا مستحيل بعد قوله - تعالى - : (( فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ )) ، هذا مظهر من المظاهر التي يتمثَّل فيها الكفر بوحدانية الله في صفاته ، فقد أعطوا صفة الاطِّلاع على الغيب بشرًا من البشر ، ومن تلك المظاهر - أيضًا - قصيدة البوصيري التي لا يزالون يترنَّمون بها ، بل ويتقرَّبون إلى الله بها زلفى ، والتي يخاطب النبي - عليه الصلاة والسلام - بقوله :

" فإنَّ مِن جودك الدنيا وضرَّتها *** ومِن علومِك علمَ اللَّوح والقلمِ "

-- أهلًا مرحبًا ، كيف حالك ؟ --

فيقول : " ومن علومِك علمَ اللَّوح والقلمِ " ، فهذا يعطي الرسول - عليه السلام - صفة الاطِّلاع على الغيب ؛ لأنُّو علم اللوح والقلم هو الغيب كله ، (( الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ )) ، الغيب هو كلُّ ما غاب عن عقلك ، فَمِن صفات المؤمنين الإيمان بهذا الغيب ، وأول المؤمنين هو الرسول - عليه السلام - ، لكن إذا قيل بأنه يعلم ما في اللَّوح والقلم ، ومثل ما يقولوا عن بعض الصوفيين اطَّلع هكذا على اللوح المحفوظ ، فيقرأ ما سيجري في ذلك اليوم وما سيقع في الدنيا ، فهذا لم يؤمن بالغيب ؛ لأن الإيمان بالغيب هو أن تصدِّق الرسول فيما أخبر ، فإذا اطَّلعت على الغيب مباشرة فقد زالت الواسطة بينك وبين الله وهو رسول الله ، وهذا جحد للرسالة ، فحينما يقولون : البوصيري قال : " ومن علومك علمَ اللَّوح والقلم " ؛ فقد كفروا بآيات من القرآن التي فيها تخصيص الله - عز وجل - بعلم الغيب ، حتى الرسول قال في القرآن عنه : (( وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ )) ، الله يقول هكذا على لسانه : (( وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ )) ، وهم يقولون .

سائل آخر : ... .

الشيخ : نعم ؟

سائل آخر : قُلْ .

عيد عباسي : (( وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ )) .

سائل آخر : في اثنتين ؟

عيد عباسي : (( وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ )) .

الشيخ : (( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ )) تلك آية أخرى .

سائل آخر : ... .

الشيخ : (( وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ )) .

المهم هكذا حكى الله عن نبيِّه ، وهم يحكون عن بوصيريِّهم بأنه يعلم ما في اللوح المحفوظ ، " ومن علومك علمَ اللَّوح والقلم ؛ فبأيِّ القولين نؤمن ؟ أَبِمَا حكاه الله في قرآن عن لسانه - عليه السلام - : (( وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ )) ، أم بقولهم أن البوصيري قال : " ومن علومك علمَ اللَّوح والقلم " ؟ إذا آمنَّا بهذا كفرنا بذاك ، وإذا آمنَّا بذاك كفرنا بهذا ، فنؤمن بما قال الله ، ونكفر بكلِّ قولٍ يعارض قول الله - تبارك وتعالى - ، هذه حقائق مؤلمة جدًّا انغمس المسلمون في جحدها وفي مخالفتها إلى أذقانهم ... .

مواضيع متعلقة