حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( خمسٌ مَن عملهنَّ في يوم كَتَبَه الله من أهل الجنة : مَن عاد مريضًا ، وشهد جنازة ، وصام يومًا ، وراح إلى إلى الجمعة ، وأعتق رقبة ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( خمسٌ مَن عملهنَّ في يوم كَتَبَه الله من أهل الجنة : مَن عاد مريضًا ، وشهد جنازة ، وصام يومًا ، وراح إلى إلى الجمعة ، وأعتق رقبة ) .
A-
A=
A+
الشيخ : الحديث الذي بعده وهو - أيضًا - حديث صحيح يرويه المؤلف - رحمه الله - عن نفس الصحابي السابق الذكر وهو أبو سعيد الخدري ، فيقول : وعنه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : ( خمسٌ مَن عملهنَّ في يوم كَتَبَه الله من أهل الجنة : مَن عاد مريضًا ، وشهد جنازة ، وصام يومًا ، وراح إلى إلى الجمعة ، وأعتق رقبة ) رواه ابن حبان في " صحيحه " .

في هذا الحديث فضيلة خاصَّة للمسلم الذي يجمع بين هذه الخصال الخمس في يوم واحد ومنها عيادة المريض ؛ فَمَن فَعَلَ ذلك كما يأتي في الحديث التالي ضمن الله - عز وجل - له الجنة ، قال - عليه السلام - : ( خمسٌ مَن عملهنَّ في يوم كتبَه الله من أهل الجنة : مَن عاد مريضًا ، وشهد جنازة ) .

شهود الجنازة تحتاج إلى شيء من التوضيح بخلاف عيادة المريض ، فقد كفى ما تكلَّمنا فيه آنفًا وسابقًا ، أما شهود الجنازة فلها دلالة عامة ، فهي تشمل تشييعها ، وتشمل الصلاة عليها ، وتشمل حضور دفنها ، ولا شك أن اللفظ إذا أُطلِقَ في اللغة العربية فهذا الإطلاق ينصرف إلى المعنى الأشمل الأعمِّ ، فحينئذٍ قوله - عليه السلام - في هذا الحديث : ( شهد جنازة ) لا يعني مجرَّد أنه صلى عليها في المسجد أو في المصلى ، وإنما يعني كلَّ ما سبق ذكره من تشييع الجنازة من ساعة خروجها من بيتها ، ثم الصلاة عليها إما في المسجد وإما في المصلى وهذا أفضل ، ثم متابعة تشييعها وحضور دفنها ، ( فمَن عاد مريضًا وشهد جنازة ) بهذا المعنى ( وصام يومًا ) هذا اليوم مطلق ، ولكنه لا بد من تقييده بأن يكون يومًا لم ينْهَ الشارع الحكيم عن صيامه ، وإنما يكون يومًا مباحًا صومه على الأقل إن لم يكن من الأيام التي يُفضَّل صومها على سائر الأيام كيوم الاثنين ويوم الخميس ونحو ذلك ، لكن المهم أن يكون هذا اليوم الذي يصومه هذا الذي يستحقُّ دخول الجنة أن يكون صومًا جائزًا ، فلا يصوم - مثلًا - يوم الجمعة وحده ؛ لأن الرسول - عليه السلام - كما سبق معنا مرارًا قد نهى عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام ، ونهى عن تخصيص نهارها بصيام ؛ فأيُّ يوم صام وكان صومًا جائزًا فهو الذي يشمله هذا الحديث .

( وراح إلى الجمعة ) . كذلك الرَّواح إلى الجمعة له درجات ، فتُرى هل المقصود أعلاها أم أدناها ؟ الذي يتبادر إلى الذهن ما قلناه آنفًا في شهود الجنازة ؛ أي : المعنى الأعم والأشمل والأفضل ؛ ذلك لأن الذي يذهب إلى صلاة الجمعة في الساعة الأولى اسمه راح إلى الجمعة ، ومَن ذهب في الساعة الأخيرة وبالكاد أدرك الخطبة ، ثم الصلاة - أيضًا - ؛ راح إلى الجمعة ، لكن هذا الأمر الأخير هذا أقلُّ ما يجب على الإنسان ؛ فهل المقصود بمثل هذا الحديث الذي قُيِّد فيه هذه الفضيلة العظيمة لصاحبه هو أن يذهب لصلاة الجمعة فقط ؟ الظاهر أن المقصود بهذا الذي راح إلى الجمعة كما في حديث البخاري : ( مَن راح في الساعة الأولى فكأنما قرَّبَ بدنة ، ومَن راح في الساعة الثانية فكأنما قرَّبَ بقرة ، ومَن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرَّبَ كبشًا ، ومَن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرَّبَ دجاجة ، ومَن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرَّبَ بيضة ) . لا شك أن هنا لا يقصد مَن كان له بيضة فقط فضلًا عن أنه يقصد مَن ليس له حتى ولا بيضة ؛ حين يذهب إلى المسجد وقد طُوِيت الصحف وصعد الخطيب على المنبر .

إذًا في هذا الحديث حضٌّ على عيادة المريض وشهود الجنازة من أولها ، وأن يصوم يومًا مشروعًا ، وأن يبكِّر في الذهاب إلى الجمعة ، هذه هي الخصلة الرابعة .

أما الخصلة الخامسة فهي قوله : ( وأعتق رقبة ) ، وهذا - مع الأسف الشديد - مما لا سبيل إليه اليوم ، والسبب واضح هو أننا نعيش في مجتمع إسلامي اسمًا على الغالب وليس حقيقةً مع الأسف الشديد ، وعسى أن يعود إلى المسلمين عزُّهم ومجدهم ليتمكَّنوا من أن يقوموا ببعضِ ما ذهبَ عليهم من الفضائل بسبب انصرافهم عن العمل بما أنزل الله - عز وجل - ، ومنها عتق الرقاب .

مواضيع متعلقة