التفريق في مسألة الاقتداء بين الإمام الذي يقلِّد إمامه ولم يتبيَّن له الحق وبين من يعرف السنة ويخالفها عمدًا . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
التفريق في مسألة الاقتداء بين الإمام الذي يقلِّد إمامه ولم يتبيَّن له الحق وبين من يعرف السنة ويخالفها عمدًا .
A-
A=
A+
الشيخ : هنا يجب أن نفرِّق بين قضيتين اثنتين ، وبذلك أنهي الجواب عن المسألة السابقة ؛ وهي ينبغي أن نفرِّق بين إمام يصلي حسبما تلقَّى من العلم المذهبي ، وبين إمام آخر تبيَّنت له السنة ثم هو يخالفها عامدًا متعمِّدًا ، فالبحث السابق كله إنما يتعلق بالجنس الأول من الأئمة وهم أكثر الناس اليوم .

أما الجنس الآخر ممن يتبيَّن لنا أنه يُعاند السنة وقد تبيَّنت له فحينئذٍ عناده لا حُرمة له ، نحن نحترم إمامه الذي يتَّبعه ويقلِّده ، أما إذا تبيَّن لنا بأنَّه توضَّحت له السنة فخالف السنة وخالف إمامه نفسه حين يقول : إذا صحَّ الحديث فهو مذهبي ؛ حينَ ذاك لا حُرمة لمثل هذا الإمام ؛ لأنه يتعمَّد مخالفة السنة ، وليس هو مجتهدًا بطبيعة الحال ، ولا هو متَّبع في ذلك لمجتهد ؛ لأن المجتهد قال له : " إذا صح الحديث فهو مذهبي " .

ولذلك فأنا أريد أن أذكِّر بهاتين النقطين والفرق بينهما ؛ لأني أُلاحظ من كثير من إخواننا يعمد يسأل دائمًا عن النوع الثاني ؛ يعني عن الجنس الذي يتعمَّد مخالفة السنة ؛ هذا كمان نتابعه ؟ فأنا حينما يأتيني سؤال خارج المجلس العلمي بأقول له للسائل ، واليوم وقع هذا - أيضًا - بيني وبين أحد إخواننا ؛ حيث صلَّينا في مسجد إمامه حنفي ، وأنا كما فهمتم مني مرارًا لا أرفع يدي حول مثل هذا الإمام ، فخرج معي المُشار إليه قال : يا فلان ، إذا صلينا وراء إمام تبيَّنت له السنة وهو يخالفها ؛ نتابعه ؟ قلت له : لماذا تسأل عن ذاك الإمام ولا تسأل عن هذا الإمام ؟ لماذا تترك هذا الإمام الذي أنت تصلي خلفه ؟ أنا أشاهده كل يوم تقريبًا يصلي هناك ، لماذا لا تسأل عن هذا ؟ هذا هل بَلَغَتْه السنة ؟ هل بلَّغْتَه السنة ؟ قال : لا . قلنا : لذا لماذا لا تسأل عن هذا ؟ هل نتابعه ؟ فتدع هذا وتمسك صورة هي نادرة ، وهو الإمام الذي تتبيَّن له السنة ثم يُعاند ويُصرُّ على مخالفتها .

إذًا ينبغي أن نفقه المسألة أولًا من الناحية العلمية فقهًا صحيحًا ، وثانيًا يجب أن نطبِّقها تطبيقًا عمليًّا صحيحًا ، فأكثر الأئمة الذين نصلي ونصلي وراءهم هم لا يعلمون السنة ، ولا يعلمون المذهب ، ولا يعلمون أنُّو إمام المذهب قال : " إذا صحَّ الحديث فهو مذهبي " .

التفاصيل التي نحن نحياها بصفتنا سلفيين هم ممَّن حُرموا أن يعيشوا في هذا الجوِّ العلمي ، ولذلك فلا تفترضوا أن كلَّ إمام بلغَتْه الحجَّة وقامت عليه البيِّنة ولذلك فنعتبره معاندًا ، ليس كذلك ، بل أنا أقول أكثر من ذلك ، وبه أنهي الجواب ؛ إنه لا يعني أن كل واحد ممكن اتصل بأي إمام من هؤلاء الأئمة أنه أقام الحجة عليه ؛ لأن إقامة الحجة تحتاج إلى علم وتحتاج إلى أسلوب في البيان والمناظرة ، فليس مجرَّد ما تعلم أحدنا مسألة ومسألتين وجاء يجادل فيها إمام من أولئك الأئمة ؛ خلاص أقام الحجة عليه ! الله أعلم هل أقامها عليه أم لم يقمها ؟

خلاصة القول : المبدأ ( إنما جُعل الإمام لِيُؤتمَّ به ) يجب تنفيذه تنفيذًا عامًّا ، فلا مذهبيَّة وراء القدوة ، فإذا ما تبيَّن الإنسان بيانًا يقينيًّا أن إمامًا ما عرف السنة ثم هو يَدَعُهَا فحينئذٍ نحن لا نتابعه ، وأنا شخصيًّا أفعل هذا ، إمام شافعي مثلًا لا يرفع يديه ، لماذا ؟ قال : مراعاة للحنفية ، هذا لا يقول به لا الحنفية ولا الشافعية وإنما يقوله الهوى ، بينما هذا الإمام شافعي المذهب يقنت في الفجر ، وهذا مذهب الإمام الشافعي ؛ فأنا شخصيًّا أقنت معه في الفجر وأرفع يديَّ خلفه ، وهو لا يرفع ؛ لأنه مخالف لمذهبه الذي ينتمي إليه مراعاةً للناس ، فالمسألة تحتاج إلى علم ، تحتاج إلى تفصيل .

السائل : حول الموضوع .

الشيخ : نفس السؤال يعني ، لا يكون بس نفس السؤال ؟

السائل : لا نفس الموضوع .

الشيخ : الموضوع ، بس ما يكون ... الجواب ، تفضل .

السائل : بالنسبة للحديث : ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) الإمام معرَّفًا بأل ، أيُّ إمام ؟ الإمام الشرعي الذي نص عليه الشارع الحكيم الذي وصفه بأقرؤهم لكتاب الله ، أعلمهم بالسنة إلى آخره ، فنحن نرى اليوم كثير من الأئمة لا تتوفر فيهم هذه الصفات التي أُمروا بها فهم مُوظَّفون أو جاهلون خلفهم من هو أحقُّ منه في الصلاة ؛ فهل يعني يتغيَّر حكم الموضوع في ملاحظة هذه الحالة الحاضرة ؟

الشيخ : ما بيتغير بطبيعة الحال ، أنت تصلي خلفه ولَّا لأ ؟

السائل : نعم .

الشيخ : ليش عم تصلي خلفه ما دام ليس هو الإمام ؟

السائل : يعني .

الشيخ : ( إنما جُعل الإمام ) ؛ ما دام ليس هو هذا الإمام ليش بتصلي خلفه ؟

السائل : لا يوجد أحد غيره .

الشيخ : إي هذا هو الجواب ، لما بتلاقي أحسن منه اتركه وروح لعنده ، لما بتلاقي أحسن منه اتركه وروح لعنده !

مواضيع متعلقة