رجل جمع ثروة من مال حرام ثم تاب فكيف يتصرف بهذا المال ؟ وردُّ الشيخ على من أفتى بجواز الغناء . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
رجل جمع ثروة من مال حرام ثم تاب فكيف يتصرف بهذا المال ؟ وردُّ الشيخ على من أفتى بجواز الغناء .
A-
A=
A+
الحويني : هناك سؤال آخر ، رجل ممثِّل مغنِّي ففي أثناء فترة غنائه أو تمثيله جمع ثروة طائلة ، بنى منها عمارة ضخمة ، ويأخذ قدرًا من الناس إجارات ثم إنه تاب . فهنا سؤالان : السؤال الأول : ريع الشرائط للأداء العلني هذا بعدما تاب ؛ هل يجوز له أن ينتفع به بدل أن يخدمها أهل الصالونات وهذه الأشياء ؛ فهل يأخذها ؟ وإن أخذها يتصدَّق بها أم ينتفع بها ؟ هذا السؤال الأول .

الشيخ : أما عندي فلا يجوز ذلك بأيِّ وجه من الوجوه . والجواب عن هذا السؤال الثاني يُؤخذ من الجواب عن السؤال الأول ؛ لأنهما يلتقيان في الاشتراك في المال الحرام ، لكن لا يعدم هذا الإنسان من أن يجد من يُفتيه من المتفقهة في العصر الحاضر ، الذين - أيضًا - يلتمسون الرُّخص ويدفعون الحجج والبيِّنات الشرعية لبعض الدعاوى الباطلة ، فإذا ما عزم الأمر واشتدَّ الحكم كتحريم التكسب بالغناء وآلات الطرب ، قالوا : لا يوجد نص قاطع في التحريم فيجوز ! وقد وقع أن أفتوا أحد البريطانيين الذين أسلموا ، فقد كان مكسبه من قبل من هذا المال الحرام ، فأجازوا له أن يستمرَّ بعد إسلامه على تعاطيه مهنة الغناء والاكتساب منه ؛ بدعوى أنه ليس هناك دليل قاطع !! وهم يعلمون أن الأدلة القطعية لا تُشترط في الأحكام الشرعية ؛ لأن الأحكام الشرعية - باتفاق الفقهاء - يُكتفى فيها بالظَّنِّ الغالب ، فلأمرٍ ما كان من المتفق عليه بين علماء المذاهب الأربعة وغيرهم أنه يجوز الاستدلال على أمرٍ ما بالقياس ، وهو الدليل الرابع والأضعف من هذه الأدلة الأربعة لأنه قائم على الرأي ، والرأي معرض للصواب وللخطأ ، فإذا كان الأمر متفقًا عليه بين العلماء أن الأحكام الشرعية ليس من الضروري أن يكون الدليل فيه قطعي الثبوت قطعي الدلالة ، بل يكفي أن يكون ظنِّيَّ الثبوت ظنِّيَّ الدلالة ، وقد جاءت هناك أحاديث في تحريم آلات الطرب ، إن لم نقل إنها قد وصلت في مجموعها إلى مرتبة الحديث المتواتر معنًى ؛ فهو على الأقل من الأحاديث المشهورة بالصحة في تحريم آلات الطرب ، مع ذلك أباحوا لذلك المسلم بعد إسلامه أن يتعاطى مهنة الضَّرب على المعازف والأوتار ، مع علمهم بأن هناك بعض الأحاديث وفي " صحيح البخاري " لكنها ليست قطعية الثبوت .

فنحن نقول : لا يجوز لأيِّ مسلم كان قد اكتسب مالًا حرامًا بوسيلة من الوسائل المحرمة كالغناء بالآلات أو بالصَّوت الماجن ؛ فحرامٌ عليه أن يظلَّ يكتسب بسبب هذه المهنة مالًا حرامًا ، وإذا كانت توبته نصوحًا ؛ فعليه أن يخرج من ذاك المال كله ويصرفه في المرافق العامة التي لا يستفيد منها شخص معين ، وأن يجدِّدَ طلبه للرزق بطريق حلال مباح .

الحويني : السؤال الثاني : بالنسبة للعمارة التي بناها من المال الحرام ، الإيجار الذي يتقاضاه من السكان ؟

الشيخ : هو ، هو .

الحويني : حلال ؟

الشيخ : حرام ، وهل يستقيم الظِّلُّ والعود أعوج ؟ حرام .

الحويني : ثم هذا ألا يشبه ذهب المرأة ، إن هذا الرجل أجَّر الشُّقَّة ودفع فيها أموالًا ؟

الشيخ : كيف وأين الشبه ؟ انتقل المال الحرام من شخص إلى شخص آخر بطريق شرعي ، هذا شيء ، أما هنا الدار لا تزال له ؛ فهو ينتفع من ريعها ، فلا شبه بين الأمرين إطلاقًا .

الحويني : على أساس - عفوًا - على أساس أن الدار وهي إن لم تنتقل لكن هذه إجارة ، يعني الشُّقَّة صارت ملكًا لهذا المستأجر .

الشيخ : لكن ثمرة ماذا ؟ الإيجار ثمرة ماذا ؟ أليس ثمرة ما جناه بالمال الحرام ؟! لا يستويان مثلًا أبدًا ، فهو حرام .

  • رحلة الخير - شريط : 10
  • توقيت الفهرسة : 01:20:27
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة