سؤال عن جماعة التكفير . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
سؤال عن جماعة التكفير .
A-
A=
A+
السائل : ... بلاد المسلمين جماعة تسمِّي نفسها " جماعة المسلمين " ، لا يصلون في مساجد المسلمين ويكفِّرونهم ؛ بحجَّة أنهم يتحاكمون بالقرآن الكريم ؛ فما رأيكم ؟

الشيخ : نأسف لهذا ؛ لأن هذه الجماعة كانت قد ظهرت منذ بضع سنين ، وأثارت المشاكل بين الشباب المسلم ، وانحرفوا بهم عما كان عليه سلفنا الصالح ، والبحث في هذا في الواقع طويل الذِّيل ؛ لأن هؤلاء اندفعوا بعواطف إسلامية جامحة لم تقترن مع المعرفة الصحيحة بالكتاب والسنة ، وقد كنَّا التقينا مع جماعات عديدة هناك في دمشق ثم في عمان منذ نحو قريب من عشر سنين ، وتداولنا البحث والنقاش معهم طويلًا وطويلًا جدًّا ، وأذكر أننا اجتمعنا في ليلةٍ بعد صلاة المغرب ، واستمرَّ النقاش ، وكان رئيسهم قد استحضر كتاب " الظلال " لـ " سيد قطب " - رحمه الله - ، وكتاب " التوحيد " وشرحه ، يحتجُّ ببعض المقالات أو الأقوال التي جاءت هناك على تكفير المسلمين جملةً وتفصيلًا ، فكانوا لا يحضرون الجمعة ولا الجماعة ، ولا يصلون في مساجد المسلمين ، ويكفِّرونهم جميعًا ، بدءًا من الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله - وهذا بلا شك حقيقة مؤسفة ، وإن كان ليس هذا الإطلاق على بابه تمامًا ، ولكنهم مع ذلك لم يتخذوا الإسلام حكمًا لهم وحكمًا لهم - ؛ الشاهد : بدءًا من الحاكم إلى الكنَّاس الذي يكنِّس المسجد ، كل هؤلاء عندهم كفار ، استمرَّ الحديث إلى أذان العشاء ، فقلنا لأحدهم أذِّن ، فاستأذن ، فعرفنا أنهم لا يصلُّون خلفنا ، فانصرفوا ، وصلينا نحن متواعدين معهم على أن نجتمعَ في بيتهم في ليلة أخرى عيَّنَّاها ، فكان اللقاء الثاني في دارهم استمرَّ إلى نصف الليل ، بعد صلاة المغرب إلى نصف الليل ، وقبل نصف الليل أقمنا صلاة العشاء ، فشعرنا بأنَّ جهدَنا وتعبَنا في هذه الليلة والليلة السابقة لم يذهب - والحمد لله - سدًى ؛ حيث أنهم شاركونا في الصلاة ، في الليلة أو في الاجتماع الثاني ، ثم اتفقنا على الاجتماع في ليلة ثالثة ، وكان ذلك ، فاستمرَّ الاجتماع من بعد صلاة المغرب إلى أذان الفجر فرد سحبة ، لكنها كانت الضربة القاضية - كما يقولون - ، في إيش ؟ في الرياضة والمصارعة ونحو ذلك ، وهم إلى الآن - والحمد لله - معنا ؛ لأنهم تبيَّن لهم أنهم كانوا في ضلالٍ مبين ، كانوا لا يفهمون بعض النصوص من الكتاب والسنة إلا على طريقة الخوارج القُدامى .

ولذلك فنحن لم ننتسب إلى السلف عبثًا ، ولا نقول عبثًا حينما نقول : لا يكفي للمسلمين أن يقولوا نحن ندعو إلى الكتاب والسنة بس وفقط ، بل نحن نزيد ونقول : إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ؛ ما هو السبب ؟ من أين جاءت هذه الإضافة ؟ من قوله - تعالى - ومن قوله - عليه السلام - ، من ذلك - مثلًا - قوله - عز وجل - : (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيَّن له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولِّه ما تولَّى ونصله جهنَّم وساءت مصيرًا )) ، فنجد هنا في هذه الآية يقول ربنا - عز وجل - : (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيَّن له الهدى ويتَّبع غير سبيل المؤمنين )) ، تُرى قوله - عز وجل - : (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) هذه الجملة لها فائدة ؟ لها حكمة من ذكرها ؟ وإلا ذُكرت من باب زيادة البيان ؛ فلو أنها حذفت لم ينقص من حكمها شيئًا ؟

طبعًا الجواب : كلام الله - عز وجل - كله حِكَمٌ وكله حقٌّ ، فقوله - تبارك وتعالى - : (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) حكم بيَّنه الإمام الشافعي حينما استدل بهذه الآية على إثبات إجماع المسلمين ؛ أي : إثبات عمل المسلمين على شيء ؛ فهو حجة على الذين يأتون من بعدهم ، فهذه الآيات والأحاديث التي يستدلُّ بها هؤلاء الذين يقال عنهم - أحيانًا - إنهم : " جماعة التكفير " ، أو " جماعة الهجرة " ، أو " الخوارج " ، أو نحو ذلك ، هذه الآيات يجب أن تُفهم على ضوء ما جرى عليه السلف الصالح ، فلا هم يلوون رؤوسهم إلى ما جاء في تفاسير علمائنا عن السلف ، بل هم يركبون رؤوسهم ، ويفسِّرون النصوص بتفاسير غير صحيحة ، وبحيث تتعارض مع بعض النصوص التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - .

وختامًا للكلام على هذه المسألة أقول : إذا عرفتم أن البحث جرى في أول ليلة من بعد المغرب إلى العشاء ، وثاني ليلة من بعد المغرب إلى قرابة نصف الليل ، وفي الليلة الثالثة من بعد المغرب إلى مطلع الفجر ؛ فتعلمون أن المسألة ليست من السهولة حتى ندخل في مناقشة هؤلاء في أدلتهم ، أو - على الأصحِّ - في أوهامهم ، فنسأل الله - عز وجل - لهم الهداية والتوفيق لاتباع ما كان عليه سلفنا الصالح في فهمهم لنصوص الكتاب والسنة .

نعم ، تفضَّل .
  • فتاوى جدة - شريط : 5
  • توقيت الفهرسة : 00:21:01
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة