وصل إلى جدة ولم يُحرم ، وأحرم من جدة وهو جاهل ، يعني تجاوز الميقات ، وقضى عمرته وذهب ؛ فهل عليه دم ؟ وما عليه ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
وصل إلى جدة ولم يُحرم ، وأحرم من جدة وهو جاهل ، يعني تجاوز الميقات ، وقضى عمرته وذهب ؛ فهل عليه دم ؟ وما عليه ؟
A-
A=
A+
السائل : من تجاوز الميقات ، كنتم ابتدأتم ... .

الشيخ : كنت شرعتُ ثمَّ أُنسيت ، (( وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره )) .

من عادة بعضهم أنه إذا سئل عن خطأ وقع فيه بعض الحجَّاج ، ويسأل هذا المخطئ : عليه دم أم لا ؟ فيجيبه بما يراه ، إما أن يقول : ليس عليك دم ، أو عليك دم .

الذي أراه مع عدم وجود أدلة صحيحة في السنة فضلًا عن القرآن الكريم ملزمة للحاج بدمٍ على كل خطأ أو ذهولٍ أو نسيان يقع منه على الرغم من عدم وجود مثل هذا الإيجاب بالدم ، فينبغي قبل أن يجيب المسؤول السائل القائل هل عليه دم أم لا ؟ سواء كان جوابه إيجابًا أو لا ، عليه أن يقول : إن ما فعلته إن كان خطأً منك (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) ، وكما أكد ذلك - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح ، ( وُضع ) ، والرواية المشهورة في بعض كتب الفقه ( رُفع ) ، هذه رواية مرجوحة ، والرواية الثابتة إنما هي : ( وُضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه ) ، فإذا كان الذي أخلَّ بنسك من مناسك الحج وقع ذلك من عن نسيان ؛ قلنا بأن المؤاخذة عن الناس مرفوعة ، وإذا كان عامدًا متكاسلًا مهملًا من الاهتمام بأداء مناسك الحج كما أمر بذلك - عليه الصلاة والسلام - في حجة الوداع في حديثه المشهور : ( خذوا عنِّي مناسككم ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامكم هذا ) ، تطبيقًا لهذا الحديث يجب على كلِّ حاجٍّ أن تكون عنايته متوجِّهةً بكلِّ طاقاته وبكل جهده أن يأتي بها أقرب ما تكون إلى حجَّة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فمن البداهة بمكان أن نعترف أننا مهما حرصنا أن نتبع النبي - صلى الله عليه وسلم - في عباداته كلها في صلاته في حجته فلن نستطيع أن نقارب صلاته ، ولكن الأمر كما قيل :

فتشبَّهوا إن لم تكونوا مثلهم *** إن التشبه بالكرام فلاح

فنحن علينا فقط أن نجتهد أن تكون حجتنا كحجة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وبالكاد أن نقاربها وأن ندنو منها ، فإذا تعمَّد الإنسان أن يُخلَّ بشيء من مناسك الحج فيجب عليه حتى يُلفت نظره بأنك آثم ، وأن لا يكتفي بقوله : عليك دم ، لأن الناس اليوم وبخاصة إذا كانوا من الأغنياء الذين يسَّر الله عليهم الأموال ؛ فمن السهل عليه أن يُقدِّم دمًا ، لكن المهم أن يوجَّه نظر هذا المخطئ عامدًا إلى أنه آثم ، وأنه خالف أمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، بعد ذلك إن كان يرى أن على فعله متأثِّمًا دم أجاب على ذلك ، وإلا فلا .

الذي أريد أن أنبِّه عليه هو أنه يجب على المسؤولين دائمًا أن يدندنوا حول هل عليه إثم أم لا ؟ حتى ما يقع مرة ثانية في مثل هذا الإثم بحجة أن كفَّارته معروفة ، على حد قول العامة في بعض البلاد العربية : " هلِّي بتعرف ديتو اقتلو " ، " هلِّي بتعرف ديتو " الذي تعرف ما هي ديَّته فاقتله ما يهمَّك ، مادام أنت باستطاعتك أن تقدِّم الدية ، هذا حضٌّ على الإجرام ، فإن عليك دم معناها بيمشي الحال نعمل ... المخالفة مادام أن الدم يكفِّر تلك المخالفة ، لا ، ينبغي أن نُلفت النظر بأنه آثم إن كان متعمِّدًا ، أو لا إثم عليه إن لم يكن متعمِّدًا .
  • رحلة الخير - شريط : 2
  • توقيت الفهرسة : 01:11:17
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة