هل يجوز لمسلم جاء المسجد متأخرًا بعد تسليم الإمام أن يقتدي بآخر قام ليتمَّ صلاته - يعني مسبوق - ؟ وهل هناك من الأئمة من يُجيز هذا ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل يجوز لمسلم جاء المسجد متأخرًا بعد تسليم الإمام أن يقتدي بآخر قام ليتمَّ صلاته - يعني مسبوق - ؟ وهل هناك من الأئمة من يُجيز هذا ؟
A-
A=
A+
السائل : هل يجوز لمسلم جاء المسجد متأخرًا بعد تسليم الإمام أن يقتدي بآخر قام ليتمَّ صلاته - يعني مسبوق - ؟ وهل هناك من الأئمة من يُجيز هذا ؟

الشيخ : نعم هناك من يقول بجواز مثل هذه القُدوة ، ولكن نحن نرى أنها كالجماعة الثانية المستأنفة بعد الجماعة الأولى ، وسندنا في ذلك أمران اثنان :

الأمر الأول : أن هذا لم يُنقل عن السلف الصالح كما لم يُنقل عنهم الجماعة الثانية .

والسند الآخر - وهو بلا شك أقوى لأنه إيجابي - : حديث المغيرة بن شعبة في " الصحيحين " ، وخلاصته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في سفر ، ففي الفجر خرج ليقضي حاجته ويتوضأ ، وكان أصحابه ينتظرونه ليصلي بهم صلاة الفجر ، ويظهر أنه تأخَّر عنهم حسب عادتهم ، فظنُّوا أن هناك أمرًا أخَّره عنهم ، فقدَّموا ليصلي بهم إمامًا عبد الرحمن بن عوف ، وكان المغيرة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث هيَّأ له الوَضوء - الماء الذي يُتوضأ به - ، ثم صبَّ عليه الماء ، وكان لابسًا الخفين ، فهمَّ المغيرة بنزعهما ؛ فقال له - عليه السلام - : ( دَعْهما ؛ فإني أدخلتهما طاهرتين ) ؛ يعني أنه لبس الخفين على وضوء .

الذي كانوا هيَّؤوه للصلاة فيه وهم في السفر ، وهنا إشارة لا بدَّ من الإفصاح عنها ؛ وهي اهتمام الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بصلاة الجماعة ، وبتعليم على مكان واعتباره مصلى كمسجد ، وهم في سفر ، وربما يقيمون هناك يوم أو أقل من يوم ، أو يُعيِّنون مكانًا ويُوجِّهون المكان إلى القبلة ، فمن أراد أن يصلي هناك صلاة يعرف القبلة بتحديد وتسوير هذا المكان بحجارة قليلة .

فهناك لما انتظروه في هذا المسجد ، أقول هذا لأنه قد يُشكل على البعض أنُّو جماعة في سفر ويأتي في الحديث أنهم انتظروه في المسجد ، وين المسجد ؟ أي : المسجد المؤقَّت ، فلما تأخَّر عنهم الرسول - عليه الصلاة والسلام - للسبب السابق صلى بهم عبد الرحمن ، ثمَّ بعد أن أتمَّ الرسول - عليه الصلاة والسلام - وضوءه يمَّم شطر المسجد هو وصاحبه المغيرة ، وإذا به يرى الناس في الصلاة فيهمُّ المغيرة بتنبيه الإمام بمجيء الأصيل ، الإمام الأصيل وهو الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، فأشار إليه أن دَعْهم ، ثم اقتدى - عليه الصلاة والسلام - والمغيرة بعبد الرحمن بن عوف ، ثم سلَّم عبد الرحمن من الصلاة ، فقام - عليه الصلاة والسلام - ليصلي ما فاته وهو ركعة في صلاة الفجر ... ، وبعد أن سلَّم التفت الناس فرأوا الرسول الإمام صار مأمومًا ، عظُم الأمر عليهم ورأى ذلك في وجوههم ، فقال لهم مطمئنًا مُحسِّنًا لفعلهم : ( أحسنتم ؛ هكذا فاصنعوا ) .

هذا فيه معاني عظيمة جدًّا ، منها تطمين المسلم أنه إذا عمل خيرًا ، منها أن نُبعد الأمور العاطفية ونُحِلُّ محلَّها الأمور الشرعية ؛ أي : الإمام الرسمي تأخَّر ، ما في مانع أن يُقدَّم من هو أحقُّ بذلك إمامًا ولا يُشُقُّ على الناس ، يا أخي ما بصير عيب !! يجي هو يلاقينا سبقناه بالصلاة وما شابه ذلك !! لأ ، الرسول - عليه السلام - قال لهم : ( أحسنتم ؛ هكذا فاصنعوا ) .

كما أن العكس - أيضًا - لا يجوز ؛ إذا كان هناك نظام في مسجد يتأخَّرون خمس دقائق ، عشرة دقائق عن الأذان فبيجي واحد بيفتات على الإمام وبيتقدَّم ، كمان لا يجوز .

المهم أنه - عليه السلام - لما قال لهم : ( أحسنتم ؛ هكذا فاصنعوا ) اطمئنوا حين ذاك ، الشاهد أنه لم يأتي في هذا الحديث وفي غيره أن المغيرة بن شعبة ائتمَّ بالرسول - عليه الصلاة والسلام - في هذه الركعة التي كانت فاتتهما .

من هنا نقول : من جاء إلى المسجد أو إذا جاء اثنان تأخرا في المسجد ، وسُبِقوا بركعة أو أكثر يصلِّي كل واحد منهم بنفسه ، هكذا الذي جرى عليه العمل ، وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .

مواضيع متعلقة