ما تفسير الوجه في قوله - تعالى - : (( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ )) ، هل هناك مجاز ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما تفسير الوجه في قوله - تعالى - : (( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ )) ، هل هناك مجاز ؟
A-
A=
A+
السائل : فضيلة الوالد - حفظك الله - ، يقول السائل : ما تفسير الوجه في قوله - تعالى - : (( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ )) ... ، وجزاك الله خيرًا ؟

الشيخ : أيضًا هذه من الآيات التي يستقيم عليها المجاز ولا مجاز فيها ؛ لأن المقصود كما هو اصطلاح القرآن الكريم في بعض الآيات أن المقصود منها ذات الله - تبارك وتعالى - ، ولو كان الأمر متعلِّقًا ببشر لَقلنا : إنه من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل ، لكن لا يُوصف ربنا بأنَّه له أجزاء ، ولكن هذا التعبير معروف في اللغة العربية ، الله - تبارك وتعالى - يقول : (( أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا )) ، فقوله - تبارك وتعالى - : (( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ )) يعني صلاة الفجر ، ولا مجاز هنا ؛ لأن هذا هو الأسلوب القرآني الذي يدلُّ عليه السياق ، والاتباع في المعنى الأدق ؛ حيث قال في أول الآية : (( أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ )) ؛ أي : أقم القرآن ، و(( قُرْآنَ الْفَجْرِ )) القرآن المقصود هنا إنَّما هو صلاة الفجر ؛ لذلك قال : (( أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا )) ، لو رجعنا إلى الأحاديث الصحيحة لَوجدنا أنَّه يعني صلاة الفجر تشهدها الملائكة ، فإذا هذا تسليك المجاز كما سبق ذكره في الإجابة عن سؤال سابق اصطلاح من بعضهم ، ولكن الحقيقة أن هذا هو الحقيقة .

وهذا منه كثير وكثير جدًّا من إطلاق الجزء وإرادة الكل ، قال - تعالى - : (( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ )) ، أيضًا المقصود هنا (( فَاقْرَءُوا )) أي : فصلُّوا ما تيسَّر لكم من صلاة الليل ، هذا هو معنى هذه الآية ، وليس المقصود بها اقرأ في صلاة الليل ما تيسَّر لك من القرآن ، وإنما قوله : (( مَا تَيَسَّرَ )) صلِّ قيام الليل ربعه نصفه كما جاء في الآيات المتقدِّمة على هذه الآية .

كذلك - مثلًا - قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( الحجُّ عرفة ) ، لا يفهم العربي أنَّ المسلم إذا لم يأتِ بأيِّ شيءٍ من أركان الحج إذا أنَّه وقف على عرفة ، وخلاص انتهى كلُّ شيء ، لا طاف طواف القدوم ولا سعى ، ولا طاف طواف الإفاضة وإنما وقف على عرفة ، مَن يفهم هذا الفهم ؟ الأعجمي ، وأما العربي يقول : ( الحجُّ عرفة ) أي : أعظم أركان الحج عرفة ، هذا الأسلوب هو المعروف عند العرب ، بعضهم يسمِّيه مجازًا ؛ لا مشاحَّة في الاصطلاح ، لكن لا أحد يفهم أن الحجَّ كلَّ الحجِّ هو الوقوف بعرفة ، فالمهم بالموضوع أن الآية : (( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ )) لا يعني يبقى وجهه دون ذاته - تبارك وتعالى - ، وإنما يبقى ذاته - تبارك وتعالى - بكامل صفاته .

نعم .
  • رحلة النور - شريط : 72
  • توقيت الفهرسة : 00:15:22
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة