هل يوجد في القرآن الكريم شيء اسمه مجاز ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل يوجد في القرآن الكريم شيء اسمه مجاز ؟
A-
A=
A+
السائل : فضيلة الشيخ - حفظك الله - ، يقول السائل : هل يوجد في القرآن شيء مجاز ، أرجو التوضيح ؟

الشيخ : ... هذه المسألة كثيرًا في سفرتي هذه ، وتكلَّمنا فيها بما يسَّر الله لنا ، فأقول : بناءً على ما كنتُ فهمتُه من كلام شيخي الإسلام ابن تيمية وتلميذه البار ابن قيم الجوزية ؛ أن المجاز المُدَّعى عند علماء الكلام وعند المعطِّلة في كثير من آيات الله وصفاته ؛ فمثل هذا المجاز لا أصل له ، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أنَّ ما يسمِّيه أولئك مجازًا يحتجُّون به على أهل السنة في إثبات مجازهم هم ؛ يقول : ليس ذلك من باب المجاز ، وإنما هم يسمُّونها بهذا الاسم ؛ أي : على حدِّ قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( ليكوننَّ في أمَّتي أقوامٌ يشربون الخمر يسمُّونها بغير اسمها ) ، فهم - مثلًا - - أعني علماء الكلام - يدَّعون أو يستدلُّون على اثبات مجازهم الذي عطَّلوا به كثيرًا من صفات ربِّهم - تبارك وتعالى - بمثل قوله - عز وجل - : (( وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ )) ؛ فابن تيمية - رحمه الله - يقول : إن هذه الآية لا يصحُّ لهم أن يستدلوا بها أن فيها مجازًا ؛ لأن المجاز في عرف القاملين به إنما هو إخراج المعنى المتبادر من الآية وهو المعنى الحقيقي إلى معنى مجازي لا يسبق إلى الذهن ، وإنما يضطرُّ أن يذهب إليه السامع لذلك الكلام لدليل أو لقرينة ، والواقع في هذه الآية وأمثالها أن الأمر على العكس من ذلك ؛ أي : حينما يسمع الرجل العربي هذه الآية حكايةً عن لسان إخوة يوسف - عليه السلام - : (( وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ )) لا أحد يتبادر إلى ذهنه أنَّه يأمر بسؤال القرية بجبالها وبحيطانها وبأشجارها وترابها ورملها ونحو ذلك ، وإنما يتبادر إلى الذهن أهل القرية وأهل القافلة ، فإذًا هذا هو المعنى الحقيقي ، وليس يُسمَّى هذا بالمعنى المجازي ؛ لأنه المعنى المتبادر إلى الذهن من هذه الآية هو المعنى الحقيقي ، ولو أنهم اصطلحوا على تسميته بأنه مجازي ، وأنه من باب مجاز الحذف ، والتقدير كما هو المتبادر على ما قلت آنفًا أنه المعنى المراد من الآية (( وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ )) ؛ أي : أهل القرية ، وهكذا في تمام الآية ، فالمعنى هنا الظاهر هو المعنى الحقيقي ؛ خلافًا لما يسمُّونه هم بالمعنى المجازي ، هذا ما يُمكن ذكره بهذه المناسبة .

وخلاصة ذلك أن المجاز أن يكون مجازًا حقيقيًّا في عرف القائمين بالمجاز فهذا لا أصل له في القرآن الكريم ، ولا في سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وإما أن يكون معنى حقيقيًّا أطلقوا عليه إنه مجاز ، فحينئذٍ نقول : إنه تسمية على وجه حقيقتها ؛ كما سبق آنفًا يسمُّونها بغير اسمها .

هذا ما عندي ، ونسأل الله أن يوفقنا لفهم كتاب ربِّنا وسنَّة نبيِّنا على منهج سلفنا الصالح - رضي الله عنهم - .
  • رحلة النور - شريط : 70
  • توقيت الفهرسة : 00:17:29
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة