إذا أُقيمت الصلاة وأنا في النافلة ؛ فما العمل ؟ أرجو التوضيح ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
إذا أُقيمت الصلاة وأنا في النافلة ؛ فما العمل ؟ أرجو التوضيح ؟
A-
A=
A+
السائل : فضيلة الشيخ ، إذا أُقيمت الصلاة وأنا في النافلة ؛ فما العمل ؟ أرجو التوضيح ؟

الشيخ : هناك أحاديث تصلح جوابًا لهذا السؤال مع شيء من التوضيح والبيان ، روى الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إذا أُقيمت الصلاة فلا صلاة إلَّا المكتوبة ) ، ومعنى : ( إذا أقيمت الصلاة ) ؛ أي : إذا شَرَعَ المؤذِّن في إقامة الإقامة فحينئذٍ لا ينبغي المتنفِّل في نافلته ، وعليه أن يقطعَها ، وليس أن يسلِّمَ منها ؛ لأنه ليس في صلاة ؛ ( إذا أُقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ) ، وجاء في بعض الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - دخلَ مسجدَه ذات صباحٍ ، وقد أُقيمت الصلاة ، فرأى رجلًا يصلي ركعتي الفجر ، فقال : ( أتصلي الصُّبح أربعًا ؟! ) ، وفي رواية : ( آلصُّبح أربعًا ؟! ) وهو المعنى ؛ ( آلصُّبح أربعًا ؟! ) ؛ يعني أنت تصلي الآن ركعتين ، وستصلي ركعتين وراء الإمام ؛ فأنت تصلي الصبح أربعًا ، ومعلوم أن صلاة الصبح ركعتان ، هذا اسمه استفهام استنكاري ؛ أي : لا تصلي الآن وقد أُقيمت الصلاة ، لكن الذي يُشكل على بعض الناس هو أنَّ في بعض الأحوال يكون المتنفِّل في آخر صلاته ، وقد يكون في منتصفها ؛ فهل أينما كان قد وصلَ بصلاته من النافلة مجرَّد أن يقول المؤذِّن : الله أكبر إلى آخر الإقامة يقطع الصلاة أم في ذلك خلاف أو تفصيل ؟ الجواب : نعم ، منهم من يقول بظاهر الحديث لو هو لم يبقَ عليه إلا السلام والخروج من الصلاة بالسلام ، وقال المؤذِّن : الله أكبر الله أكبر قطع الصلاة ولا يسلِّم ، وإنما يقوم يتهيَّأ للصَّفِّ ، ومنهم ومنهم أقوال كثيرة ، فالراجح - والله أعلم - التفصيل الآتي :

وهو تفقُّه من بعض الأئمة لا نخالفهم بل نؤيِّدهم ، المقصود من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إذا أُقيمت الصلاة ) ، أو كما يقال اليوم : فقه هذا الحديث أن يحاولَ المسلم أن يدركَ الصلاة مع الإمام في تكبيرة الإحرام ؛ فلا يفوته شيء من الصلاة وراء الإمام حتى ولا تكبيرة الإحرام ؛ لِمَا في ذلك من الأجر والفضيلة التي جاء ذكرُها في بعض الأحاديث في " سنن الترمذي " وغيره من حديث أنس بن مالك - رضي الله تعالى عنه - : ( من صلَّى في مسجد أربعين يومًا لا تفوته تكبيرة الإحرام كُتِبَتْ لها براءتان ؛ براءة من النفاق ، وبراءة من النار ) ؛ فنفهم من هذا الحديث حضُّ المسلم على المواظبة على إدراك الصلاة وراء الإمام من أولها ، فإذا عُدْنا إلى مسألتنا : زيدٌ من الناس قام يصلي سنة الظهر القبليَّة مثلًا ، وبينما هو كذلك إذ أُقيمت الصلاة ؛ فماذا يفعل ؟ أَيَقطَعُها فورًا كما قلنا في القول الأول ولو كان لم يبقَ عليه إلا أن يسلِّمَ عن يمينه عن يمينه أم المسألة فيها تفصيل ؟

أقول : نعم ، الراجح التفصيل التالي ؛ وهو : لا بد على هذا المتنفِّل الذي أُقيمت الصلاة وهو في نافلته من أن يجتهد ويقدِّر ، ونحن نأخذ مثلَين متعاكسَين تمامًا ؛ نأخذ المثل الأول الذي لم يبقَ عليه لإتمام صلاته إلا أن يسلِّم عن يمينه ، ونأخذ مثلًا معاكسًا له تمامًا ، هو قال ناويًا صلاة السنة القبلية : الله أكبر والمؤذِّن قال : أقيم للصلاة الله أكبر ، لا شك أن الصورة الأولى لا يقطع الصلاة ، ولا شك أن الصورة الأولى يقطع الصلاة ، وما بينهما صور عديدة شتَّى ، فالإنسان المصلِّي هذا عليه في هذه الحالة أن يقدِّر وأن يجتهد ، فإذا غلب على ظنِّه في بعض الصور لنفترض - مثلًا - أنُّو هو قام من السجدة الثانية إلى الركعة الثانية وأقيمت الصلاة ؛ فهنا يتمُّ صلاة ركعتين يحتاج أن يؤدِّي الركعة الثانية ، وهذه تأخذ بعض الوقت ، فيقدِّر إذا أتى بهذه الركعة ولو بأقلِّ قراءة كقراءة الفاتحة فقط ؛ لأنه لا بد منها ، ويستطيع أن يختصر الركوع والسجود وما بينها ، ويسلم قبل أن يكبِّر الإمام ؛ فيتابع الصلاة ولا يقطعها ، أما إذا غلب على ظنِّه بأن تكبيرة الإحرام تفوته وراء الامام ؛ فحينئذٍ يقطع الصلاة ولا يتمُّها ؛ لقوله : ( إذا أُقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ) .

أما في الصورة الأولى فهو على يقين بأنه يدرك الصلاة إذا سلَّم ، فبكون كتب له فضيلة هاتين الركعتين ، أما في الصورة الأخرى هو أحرم بالصلاة وكبَّر المقيم ؛ فهو يقينًا لا يستطيع أن يُدرك تكبيرة الإحرام ، وهذه المسألة فيها دقَّة متناهية ؛ لأنها تختلف من مسجد إلى مسجد ، ومن إمام إلى إمام ، ومن بلد إلى بلد ، وإقليم إلى إقليم ، ومذهب إمام ومذهب إمام آخر ، كلُّ هذه القضايا يجب أن يكون هذا المصلِّي على معرفة بها ، وإلا فالاحتياط حينَ ذاك إذا كان جاهلًا أن يقطع الصلاة فورًا ، وأريد بهذا التفصيل أن أذكِّر بأن بعض المذاهب تقول : إذا قال المؤذِّن قد قامت الصلاة فالإمام يكبِّر ، هذا ما يستطيع أن يدرك بهذه السرعة لو كان باقي عليه نصف ركعة !! لكن بعض الأئمة الآخرين - ما شاء الله - يحافظون على السنة ؛ يأمرون الناس بتسوية الصلاة ، ويقول لهذا : تقدَّم ولهذا تأخَّر ، واستووا ، ( لتسوُّن صفوفكم أو ليخالفنَّ الله وجوهكم ) ؛ في مثل هذا الوقت يستطيع أن يتمَّ صلاته ؛ فإذًا المسألة فيها دقَّة ؛ فمَن كان على معرفة بمثل هذه التفاصيل يستطيع أن يتمَّ الصلاة في بعض الأحوال ، ومن لم يستطع ذلك بعدم معرفته التفصيلية بأحوال الأئمة فعليه أن يقطع الصلاة فور قول المؤذِّن : الله أكبر الله أكبر .

هذا هو الجواب .
  • رحلة النور - شريط : 66
  • توقيت الفهرسة : 00:20:19
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة