قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( بين المرء والكفر ترك الصلاة ) ، يقول البعض أنه لم يَرِدْ لفظ الكفر بأل التعريف إلا في قضية الصلاة في هذا الحديث ، لذا فالمقصود هو الكفر الأكبر المخرج من الملة ؛ فكيف يُردُّ على هذا ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( بين المرء والكفر ترك الصلاة ) ، يقول البعض أنه لم يَرِدْ لفظ الكفر بأل التعريف إلا في قضية الصلاة في هذا الحديث ، لذا فالمقصود هو الكفر الأكبر المخرج من الملة ؛ فكيف يُردُّ على هذا ؟
A-
A=
A+
السائل : آخر سؤال - يا شيخ - عندي هو : ذكرت اليوم الصبح حين قلت عن قضية تارك الصلاة في حديث " صحيح مسلم " عن جابر : ( بين المرء والكفر ترك الصلاة ) ، وذكرت أن هناك أحاديث جاء فيها كـ ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) وغيره من الأحاديث ، لكن لم يَرِدْ لفظ الكفر بأل التعريف إلا في قضية الصلاة في هذا الحديث ؛ فعلى معاني أل في اللغة سواء كان الاستغراق أم العهد على ماذا نخرِّجه ؟ أليس الكفر العهدي الذي هو الكفر الخروج من الملَّة أو الاستغراق ؛ فإن هذا أشدُّ في الحجة ؟ فكيف يرُدَ ُّعلى المستدل بهذا الحديث أن الكفر المقصود به هو الكفر الأكبر ؟

الشيخ : هو الحديث ماذا يقول ؟

السائل : ( بين المرء والكفر والشرك ترك الصلاة ) .

الشيخ : ومن ترك الصلاة .

السائل : فقد كفر .

الشيخ : وين التعريف ؟ الاستغراق والشمول وين ؟

السائل : ( بين الكفر والشرك ) ، هذا في كلمة الكفر والشرك ؛ هذا ليس فيه استغراق ؟

الشيخ : لو أراد كفرًا عمليًّا ما يختلف التعبير .

السائل : بس ... سمعت كلام قديمًا أنه دائمًا يُؤخذ الحكم بالأعلى فالأعلى ، يعني إذا كان مثلًا ، فهنا عندنا الآن ( فقد كفر ) هذا ممكن يُحمل هذا العملي ، لكن أسأل الآن الكفر والشرك ؛ علمًا بأنه ليس هناك حديث نصَّ عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه الكفر أو الشرك إلا في قضية ترك الصلاة فألا يمكن الاستدلال به على كفر تارك الصلاة كفرًا اعتقاديًّا ؟

الشيخ : أظنك تعلم أن أيَّ حديث له دلالة ظاهرة ينصرف الذِّهن إليها ، ولكن إذا قام مانع شرعي يمنع من أن ينصرف الذِّهن إلى هذه الدلالة الظاهرة ؛ فهنا يأتي ما يسمى بالتأويل والتوفيق بين الأحاديث ؛ يعني - مثلًا - قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له ) ، فإذا نظرنا إلى هذا الإطلاق ؛ أليس يعني ذلك أنه كافر ؛ لأنه نفى مطلق الإيمان ؟

السائل : الإيمان هنا نكرة .

الشيخ : نعم ، نكرة ؛ لا تفيد الشمول ؟

السائل : تفيد الشمول بلى .

الشيخ : فإذًا فنفى الإيمان مطلقًا ، لا إيمان مطلقًا لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له ، ومثل هذا الشيء الكثير [في] النصوص الشرعية ، ولكن لما الإنسان يجمع بين هذا النَّصِّ وبين نصٍّ آخر يضطرُّ أن يقول : لا إيمان كاملًا ، لا دين كاملًا ، وعلى هذا تُؤوِّل كثير من الأحاديث كمثل قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - عند جمهور الأئمة ؛ ( مَن سمع النداء فلم يجب ؛ فلا صلاةَ له إلا من عُذرٍ ) ، فلا صلاة له هذا نفي للصلاة ؛ أي : تكون الصلاة باطلة ، لكن الذي يقولون بأن هذه الصلاة مع جماعة فريضة ، لكن ليست شرطًا أو ركنًا من أركان الصلاة ، يضطرُّون أن يفسِّروا هذا الحديث على ضوء الأحاديث الأخرى ؛ صلاة الجماعة فرد ، وصلاة الفرد بسبع وعشرين درجة ، وليس القصد الآن هنا تحرير القول لمثل هذا الحديث ، وإنما المقصود التذكير بأساليب العلماء في سبيل التوفيق بين حديث يدلُّ بظاهره على شيء ، ثم لما يضمُّون إليه الأحاديث الأخرى يضطرُّون أن يخرجوا عن هذه الدلالة الظاهرة ويفهموا أن دلالة الحديث على ضوء الأحاديث الأخرى ، وما أكثر الأحاديث لهذا الصدد ؛ مثلًا : ( لا يدخل الجنة قتَّات ) ؛ شو ... ؟

السائل : أنه لا يدخل أبدًا .

الشيخ : لا يدخل أبدًا ، لكن لما ... الأحاديث اللي بتفيد عدم خلود المسلم مهما كان عاصيًا بالنار ، ويذكر - مثلًا - حديث البطاقة ونحو ذلك : ( وأخرجوا من النار مَن كان في ) ، كلُّ هذه الأحاديث هذه لما بتجمع مع مثل حديث : ( لا يدخل الجنة قتَّات أو نمَّام أو ديُّوث ) أو أو إلى آخره ، يضطرُّ أن يفهم الحديث على غير المتبادر منه ، قد يكون الحديث المشهور هكذا ؛ لأنه لا يوجد في الشريعة مطلقًا أن الإنسان يكفر بترك عمل ، وهو يؤمن بأن هذا العمل معصية .

السائل : طيب ؛ بعض الآثار اللي تعضِّد هذا القول ، مثل قول عبد الله بن شقيق : " أنه كانوا لا يرون عملًا تركه كفر إلا الصلاة " ، ومثل حديث الرسول - عليه الصلاة والسلام - : ( أول ما يضيِّع من دينكم الأمانة ، وآخر ما يُفقد ) إلى آخره ، قول الإمام أحمد قال : " شيء ذهب آخره لم يبق منه شيء " .

الشيخ : كل هذا ليس نصًّا في التكفير .

سائل آخر : حديث حذيفة يا شيخ .

الشيخ : وهو خروج عن الملة ، وقد قلنا نحن في الجلسة ذكر الصلاة وحدة .

سائل آخر : هم مختلفون .

الشيخ : معليش ، لماذا اختلفوا ؟

السائل : لفهمهم القضيَّة ( مَن تركها ) ، هل تركها بالكلية أم ترك بعضها ؟

الشيخ : طيب ؛ فإذًا ما في نصّ فاصل في الموضوع ؛ وإلا لَمَا اختلفوا .

السائل : قطعية من ناحية الكفر لا من ناحية مقدار الترك ، هذا هو وجهة نظر العلماء .

الشيخ : أنت تقول العلماء ، أكثر العلماء يقولون بخلاف ما يقول العلماء !!

السائل : نعم ، لكن أقصد يعني هم الذين قالوا وهم كثر من المتأخرين .

الشيخ : مفهوم ، لكن أقول : مثل هذه المسألة لا يجوز إهدار نظرية الآخرين إلى مثل هذه الأحاديث ، حديث عبد الله بن شقيق إذا نظرت إليه على ضوء لا ، إيش الحديث ؟

السائل : كانوا لا يرون من الأعمال تركه كفر .

الشيخ : طيب ؛ هذا صحيح يا ترى ؟ صحيح أعني من حيث المعنى ؟ هلق هنا كفر ، وقول الرسول : ( وقتاله كفر ) ؛ لا يرى الصحابة ذلك ؟

السائل : كفر مخرج من الملة يعني .

سائل آخر : تبيَّن هذا ... الرسول - صلى الله عليه وسلم - كذلك ، فبيَّنوا أن هذا الكفر كفر الذي يخرج من الملة ؛ لذلك .

الشيخ : مين اللي بيَّن - بارك الله فيك - ؟

السائل : الصحابة .

الشيخ : لا .

السائل : الصحابي يقول : " كانوا لا يرون شيئًا تركه كفر إلا الصلاة " ، ورد أحاديث عن الرسول أن هذا كفر ، وقتال المسلم كفر ، و ... كفر ؛ فنقول : إن الصحابة فهموا أن ذاك كفرٌ مخرج من الملة من الأحاديث اللي فهموها من الرسول الأخرى كحديث الكفر والشرك و و إلى آخره ، وفهموا أن ... .

الشيخ : يا أخي ، قولك فهموا يحتاج إلى غير هذا النَّصِّ ، ما كانوا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر إلا إيه ؟ الصلاة ، طيب ؛ ترك الزكاة مثلًا ؟

السائل : ما كانوا يرون .

الشيخ : والحج ؟

السائل : إذا كان يعني يقصد أنُّو ... .

الشيخ : طبعًا البحث في الصلاة ؛ ابتداءً من الصلاة ليس بالمنكر ، لأنُّو إذا أنكر انتهى الأمر ، طيب : (( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )) ، إيش الفرق ؟

يا الله ، سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت .
  • رحلة النور - شريط : 60
  • توقيت الفهرسة : 00:18:23
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة