بعض الشباب يقتدي ويتأسَّى بأفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم - التي تُعدُّ من العادات ؛ فما تعليقكم على ذلك ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بعض الشباب يقتدي ويتأسَّى بأفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم - التي تُعدُّ من العادات ؛ فما تعليقكم على ذلك ؟
A-
A=
A+
السائل : فضيلة الشيخ ، بعض الشباب المسلم نحثُّهم على اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصبحوا يطيعون الرسول - صلى الله عليه وسلم - في كلِّ الأفعال التي وردت عنه ؛ رغم أن بعض الأفعال التي كان يفعلها الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما كان ثبت عنه أنه يفعلها عبادةً ، وإنما كانت بعض الأفعال كما ذكرتم في بعض الأشرطة السابقة أنه في أفعال عادة وأفعال عبادة ، فحصل الآن أنه بعد من كثرة المحبة للرسول - صلى الله عليه وسلم - يفعلون أفعال العادة التي كان يفعلها عادةً ، ويقولون ويدعون إليها ويلتزمون بها ، وعندما يُناقشون في هذا الأمر يقولون : نحن نحبُّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونريد أن نفعل ونتَّبعه في كل شيء ، وعندما يُقال لهم هذا ما كان الرسول يقصد به التعبُّد ... استشهد بعضهم بحديث أنس - رضي الله عنه - الآن لا أذكر النَّصَّ ، إنما كان الحديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يحبُّ نوع من الطعام الدُّبَّاء ، نعم الدُّبَّاء ، فأخبر أنس - رضي الله عنه - من بيان هذا الحديث لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يحب الدُّبَّاء فهو يحبُّها - أيضًا - ويأكلها ؛ فما هو تعليقكم على ؟

الشيخ : نحن نقول له : فيه العافية ، يحبُّ الدُّبَّاء فيه العافية ، لكن أين هذا من ذاك ؟ يعني أنس بن مالك في هذا الحديث الصحيح وهو في البخاري ؛ هل كان يتقرَّب الى الله بأكله الدُّبَّاء ؟ كان الرسول - عليه السلام - يحبُّ العسل ؛ هل يتقرَّب المسلم بأكل العسل ؟ هذا ما يخطر في بال مسلم يفقه الدين ، على كل حال حديث الدُّبَّاء هذا صحيح وليس له علاقة بالموضوع الذي تُشير أنت إليه ، فنحن نقول لهؤلاء الشباب : إنكم خالفتم الرسول - عليه السلام - من حيث أردتم موافقته ، وقد أنا شرحت هذا خاصَّة في هذه الفترة أكثر من مرَّة ، وبيان ذلك أن كما قال - عليه السلام - في الحديث المتفق عليه : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكلِّ امرئ ما نوى ) ، فلو أراد مسلم أن يعمل عملًا ما عَمِلَه الرسول - عليه السلام - بنيَّةٍ ما ، عمله الرسول بنيَّةٍ ما لكن هذا المسلم عَمِلَ نفسَ العمل الذي عمله الرسول لكن بنيَّة أخرى ، هذا يكون قد وافق النبي بالصورة وخالفه في النية ، ونضرب على هذا مثلًا ، نرمي به عصفورين - كما يُقال - بحجر واحد ؛ فقد ذكرت قبل مدَّة حيث كنا جالسين نجيب عن الأسئلة شيئًا عن طائفة القاديانية ، وكيف أنهم خرجوا عن دائرة الإسلام بتأويلهم لبعض الآيات حسب أهوائهم ، إنَّ من ضلال هؤلاء أنهم صرَّحوا نقلًا عن نبيِّهم الكذاب أن ركعتي سنَّة الفجر هما واجبتان ، فالمسلمون اتَّفقوا على أن هاتين الركعتين من السنن الرواتب المؤكَّدة التي لم يدعهما الرسول حتى في حالة السفر ، فإذا كنا نعتقد أنهما سنَّة وصلَّاها مصلي بنية الواجب ؛ تُرى هل يكون متابعًا للرسول أم يكون مخالفًا له ؟

لا شك أنه يكون مخالفًا له ، وقِسْ على ذلك ما شئت من النوافل إذا عَمِلَها الإنسان بنية الواجب ، فهي في الصورة صلَّى ركعتين ، لكن في النية خالف نيَّة الرسول - عليه السلام - ، فمن الذي يقول من أهل العلم والفهم بالإسلام أن هذا مقتدي بالرسول - عليه السلام - ؟ ليس المقصود الاقتداء بالرسول هو الشكل والصورة فقط ، إنما النية أيضًا ، وإذ الأمر كذلك فنحن ينبغي أن ننظر أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - مثلًا دخل مكة وله أربع غدائر ، وهذه العادة لا تزال موجودة في بعض العرب في البوادي ، فرأى مسلم من هؤلاء أن الرسول دخل مكة وله أربع غدائر فربَّى أربع غدائر ، طيب ؛ ماذا تعني بالاقتداء بالرسول ؟ لكن ما عندك دليل أن الرسول لما فعل هذا فعل ذلك تقرُّبًا إلى الله - تبارك وتعالى - ، لبس نعلين لهما قبالان ، والأمثلة كثيرة ، هو يفعل هذا اقتداءً برسول الله ، أنت تعتقد أن هذا فعله الرسول للحاجة مش للعبادة كما قلت ، فإذًا أنت مخالف للرسول ولست متبعًا للرسول ، فهذه النقطة التي يمكن ردُّها على هؤلاء الغلاة .

نعم .

السائل : مثال ابن عمر لما كان يتتبَّع آثار الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الأشياء ... .

الشيخ : ... في النية ، نعم ، ابن عمر معروف هذا عنه ، لكن تفرَّد بذلك دون الصحابة ، وأبوه عمر خالفه في ذلك ، حينما خَطَبَ في أصحابه الذين كانوا معه في حجَّته في أيام ولايته ؛ لما رأى ناسًا يقصدون مكانًا في منزل نزله ، أين يذهب هؤلاء ؟ قال : هناك مصلى صلى فيه الرسول - عليه السلام - . فقال : " يا أيها الناس ، من أدركته الصلاة في موطن أو في مصلَّى من هذه المصليات فليصلِّ ؛ ومن لا فلا تتبعوا الصلاة هناك ، فإنما أهلك الذين من قبلكم اتِّباعهم آثار أنبيائهم " ، فإذًا ابن عمر كان عنده هذه الخصلة وهي المبالغة في اتباعه - عليه السلام - ، ولكن الحق ما فعله عمر أبوه .
  • رحلة النور - شريط : 59
  • توقيت الفهرسة : 00:24:03
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة