مناقشة في سند الحديث الذي صحَّحه الشيخ الألباني ؛ وهو : " كنَّا إذا سلَّم النبي - صلى الله عليه وسلم - علينا قلنا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته " ، ففي هذا الإسناد رجل اسمه إبراهيم بن المختار ، وهو " صالح الحديث " ، وفي بحث لكم في " السلسلة الضعيفة " أن " صالح الحديث " مثل قولهم : " ليِّن الحديث " يُكتب حديثه للاعتبار والشواهد ، ومعنى ذلك أنه لا يُحتجُّ به ؛ ألا ترى أن الحديث بهذا الإسناد لا يصح ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
مناقشة في سند الحديث الذي صحَّحه الشيخ الألباني ؛ وهو : " كنَّا إذا سلَّم النبي - صلى الله عليه وسلم - علينا قلنا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته " ، ففي هذا الإسناد رجل اسمه إبراهيم بن المختار ، وهو " صالح الحديث " ، وفي بحث لكم في " السلسلة الضعيفة " أن " صالح الحديث " مثل قولهم : " ليِّن الحديث " يُكتب حديثه للاعتبار والشواهد ، ومعنى ذلك أنه لا يُحتجُّ به ؛ ألا ترى أن الحديث بهذا الإسناد لا يصح ؟
A-
A=
A+
السائل : هناك سؤال - يا شيخ - يتعلق بالحديث الذي صحَّحتموه ؛ " كنَّا إذا سلَّم النبي - صلى الله عليه وسلم - علينا قلنا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته " ، الحديث ليس في فقه الْـ السؤال ليس في فقه الحديث ، ولا في جواز زيادة : " مغفرته " ، ونعلم إجابتك أنه لو ضربنا على الحديث بأنه ضعيف فعندنا قرآن يؤيده ، ولكن السؤال في مسألة حديثية نريد أن نعرف رأيك فيها ، هذا الحديث ذكرتم له طريق واحد فقط ، ولم تصحِّحه ، أو قلت أنت عنه : وهذا إسناد جيد رجاله ثقات ، فلو تزود إسناده أو قلت عنه أن إسناده جيد ، وفي هذا الإسناد رجل اسمه إبراهيم بن المختار ، وهو الرازي ، والرازي هذا قلت عنه : روى عنه جماعة من الثقات ، وذكره ابن حبان ، ثم قال : سألت أبي عنه فقال : " صالح الحديث " ، وهو أحبُّ إليَّ من سلمة بن الفضل وعلي بن مجاهد ، سلمة هذا متروك . ثم ذكرت في بحث جيد ولطيف في " الضعيفة " الثالث ، عن قول الرازي أن الحاكم " صالح الحديث " ، وخرجتم بعد كلام طويل ردَدْتم فيه على بعض الدكاترة ، وقلتم : هذا نصٌّ منه أن كلمة " صالح الحديث " بعد أن ذكرت كلام أظن ابنه ذكر في " الجرح والتعديل " ، فابنه في " الجرح والتعديل " : إذا قيل للواحد إنه : " ثقة " أو " متقن " أو " ثبت " فهو ممن يُحتجُّ بحديثه ، وإذا قيل : " إنه صدوق " أو " محلُّه الصدق " أو " لا بأس " به ؛ فهو ممن يُكتب حديثه ويُنظر فيه ، وهي المنزلة الثانية ، وإذا قيل شيخ فهو بالمنزلة الثالثة ؛ يُكتب حديثه وينظر فيه ، إلا أنه دون الثانية ، وإذا قيل : " صالح الحديث " - استحببتم هذا اللفظ ... - .

الشيخ : إي نعم .

السائل : وإذا قيل : " صالح الحديث " فإنه يُكتب حديثه للاعتبار ، وإذا أجابوا في الرجل بـ " لين الحديث " فهو ممن يُكتب حديثه وينظر فيه اعتبارًا .

الشيخ : وإذا إيش ؟

السائل : وإذا أجابوا في الرجل بـ " ليِّن الحديث " فهو ممن يُكتب حديثه وينظر فيه اعتبارًا ، ثم قلت : هذا نصٌّ منه على أن كلمة " صالح الحديث " مثل قولهم : " ليِّن الحديث " يُكتب حديثه للاعتبار والشواهد ، ومعنى ذلك أنه لا يُحتجُّ به ؛ فهذه العبارة من ألفاظ التجريح لا التعديل عند ابن أبي حاتم ، أقول بعد هذا الاستطراد : ما أدري ما تقول في هذا الحديث بهذا السند الذي جوَّزته ؟

الشيخ : الجواب عندك .

السائل : ألا ترى أن الحديث بهذا الإسناد لا يصح ؟

الشيخ : الجواب عندك هنا ، هل قرأتَ البحث كله ؟

السائل : أقول : هذا في موضع آخر يا شيخ .

الشيخ : أنا عارف ، هذا الموضع الآخر أليس هو ردًّا على مَن ضعَّف هذا الحديث ولَّا في موضوع ثاني ؟

السائل : لا لا ، في موضع آخر ؛ في حديث : ( يا معشر الأنصار ، إن الله قد أثنى عليكم ) .

الشيخ : أذكر أن ... .

السائل : تقول هذا في حديث آخر .

الشيخ : طيب .

السائل : أنا عندما قرأت ... لهذا الحديث - حديث السلام - رجعت إلى رجال سند الحديث ، فلفت انتباهي قول الرازي في هذا الحديث : " صالح الحديث " في هذا الرجل ؛ إبراهيم بن المختار الرازي ، ثم راجعت كلامكم في إبراهيم بن المختار أقصد في كلمة : " صالح الحديث " عند ابن أبي حاتم فخرجتم بأنه .

الشيخ : في أيِّ حديث ؟

السائل : في حديث آخر : ( يا معشر الأنصار ، إن الله قد أثنى عليكم خيرًا في الطهور ؛ فما طهوركم هذا ؟ ) إلى آخره ، هذا الكلام في " الضعيفة " في الثالث ، قلتم : ضعيف بهذا اللفظ ، وهناك ممن صحَّح هذا الحديث ، وأنت يعني كان كلامك عن تضعيف هذا الحديث بسبب رجل قال عنه ابن أبي حاتم أنه " صالح الحديث " ، فتوصَّلت في الكلام لكي تبيِّن أن ابن أبي حاتم إذا قال في رجل : " صالح الحديث " فهو من ألفاظ التجريح عنده وليس التعديل .

الشيخ : فهمت عليك ، طيب .

السائل : فأنا أريد أن أطبِّق كلامك هذا قول ابن أبي حاتم : " ... صالح الحديث " على إبراهيم بن المختار في حديث السلام ، الذي لم تذكر له سندًا آخر ، أو الذي زودت إسناده مع أنه في إبراهيم بن المختار الذي قال عنه ابن أبي حاتم أنه : " صالح الحديث " ، فإذا قلنا أن قول ابن أبي حاتم : " صالح الحديث " - أي : ليِّن - من ألفاظ التجريح ؛ فكيف يُدوَّن هذا الإسناد ؟

الشيخ : هل قال : " ليِّن " ووقف ولَّا في عبارة زائدة ؟

السائل : قال : " صالح الحديث " ، ثم قال : وهو أحبُّ إليَّ من سلمة بن الفضل .

الشيخ : لا لا ، إيش قال يُعتبر به ولَّا إيش قال ؟

السائل : كلام ابن أبي حاتم ؟

الشيخ : أيوا ... .

السائل : كلام الابن قال : وإذا قيل : " صالح الحديث " فإنه يُكتب حديثه للاعتبار .

الشيخ : للاعتبار .

السائل : نعم .

الشيخ : وأنت تدري إيش معنى الاعتبار ولَّا ؟

السائل : نعم .

الشيخ : وهو ؟

السائل : يعني يُعتبر بالحديث ، ويعني يُنظر في طرق أخرى للحديث حتى .

الشيخ : يعني بأن هذا أن يكون فيه هذا الراوي يحتمل أن يكون الحديث ثابتًا أو غير ثابت ؛ أليس كذلك ؟

السائل : نعم .

الشيخ : طيب ؛ الآن هذا الحديث الذي فيه هذا الرجل الذي قال فيه أبو حاتم : " صالح الحديث " وُجد ما يشهد له أم لم يوجد ؟

السائل : فيما علم يوجد ما يشهد له من الكتاب لا من السنة .

الشيخ : والآثار التي ذُكرت .

السائل : ما ذكرتم شيئًا يا شيخ .

الشيخ : كيف ؟

السائل : ما ذكرتم آثار .

الشيخ : في بعض الكتب .

السائل : يعني أقرأ عليك كلامك في هذا .

الشيخ : لأ لأ لأ ، أذكِّرك ؛ فما دام أنت متتبِّع الموضوع ولا بد أنك على ذكر مما سأنبِّه عليه ، ألم يمرَّ بك في مقدمة من هذه المقدمات أن أحد إخوانا الطلاب أرسل إليَّ خطابًا يدندن حول ما تقول أنت من تضعيف هذا الرجل أو غيره - لا أذكر الآن - ، كتبت ردًّا عليه ، مرَّ عليك هذا ؟

السائل : نعم ، في مقدمة هذا الكتاب .

الشيخ : كويس ، وفي المقدمة ألم تر الآثار التي تشهد لهذا الحديث ؟

السائل : أظنها آثار ، لكن فيما أذكر أنا بعيد عن المقدمة ، لكن ما أذكر أن هناك طريق آخر للحديث مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .

الشيخ : ما أسأل عن طريق آخر - بارك الله فيك - ، باختصار : أنا أقول لك : هنا شيئان : ولذلك فقضيَّة " صالح ، للاعتبار " هذا مسألة مثل بعض المسائل التي سبقت آنفًا ، وأنت الآن لما سألناك إيش معنى صالح للاعتبار ؟ يعني هذا الراوي يُوقف عنده ويُتأمَّل : هل ما رواه منكر تفرَّد به أم هو مما له ما يشهد ؛ فحينئذٍ يصلح للاحتجاج ويكون صالحًا ؟ وأول ذلك ما أشرت إليه في أول كلامك أن الاية لا تبحث فيها ، لأنها أمر ... في دلالتها ، الشيء الثاني الذي لفتُّ نظرك إليه أن هناك آثار من السلف من فعل في الرَّدِّ على من قال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛ فزاد : ومغفرته ، فعمل السلف من جملة القرائن التي تُذكر في الشواهد ؛ أنه إذا جاء حديث ضعيف ، ولا شيء ، ثم جاء عمل السلف بهذا الحديث ؛ فذلك دليل على أن لهذا الحديث أصلًا أصيلًا ، فأنا ذكرت هناك ردًّا على من ضعَّف هذا الحديث متمسِّكًا ربما بهذا - أنا بعيد العهد - أو برجل آخر ، وأنت تقول - أيضًا - بأنك بعيد العهد بردِّي عليه .

لكن الشاهد : أنُّو أنا ذكرت هناك أن هناك بعض الآثار عن ابن عمر وغيره أنه إذا سلم عليه مسلِّم سلامًا كاملًا : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛ زاد هو : ومغفرته ، ففهمت أنا من ذلك أن هذا الرجل الذي قال فيه الإمام أبو حاتم بأنه صالح هنا يجب أن نفسِّر صالحًا بخصوص هذا الحديث ليس بمصطلح أبي حاتم ، وإنما بالمصطلح العام الذي بسببه أن الحديث إسناده جيد ، فلو تعرَّى هذا الحديث بهذا الإسناد عن الشاهد من القرآن ، وعن الشاهد من الأثر ؛ يكون الكلام حين ذاك على وجهه الذي ذكرت أنت آنفًا ، أما وأنا وحين أكتب الحديث أُعمل ذهني وفكري ، وأبحث يمينًا ويسارًا وأمام وخلف لعلي أجد له شاهدًا يقوِّيه ؛ فحينئذٍ فلو كان فيه شيء من الضعف فأنا أعتبر أن هذا الإسناد صالح ، ولا يضرُّني بعد ذلك أنني تكلمت عن أحد رواته واستشهدتُ بكلام أبي حاتم أنه صالح ؛ يعني معناه أنه ضعيف يُستشهد به ، فأنا هنا وجدت الآية ، ولذلك أقول لما يناقشني بعضهم : ما المقصود من هذا الحديث ؟ هل فيه حكم زائد عن النص القرآني ؟ الجواب : لا ، بل هذا الحديث هو تفصيل القرآن وتنبيه لجماهير المسلمين الذين ما عرفوا هذه الزيادة ، ما عرفوها من القرآن ؛ لأن السنة توضِّح القرآن ، فمن تعرفون أنه كان يفهم القرآن على ضوء هذا الحديث ؟ لا أحد ، إنما كانوا يعتقدون أن من ألقى السلام بكامله وبركاته أنه لا يجوز أن تقول في الرد : ومغفرته ، لكن هذا الحديث هو الذي فتَّح الأذهان ولَفَتَها إلى أن الآية تعني : (( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا )) فإذا سلَّم عليَّ أخي المسلم بأتمِّ السلام فما ردي عليه ؟ سدُّوا عليَّ الباب وقال : ما عليك إلا أن تردَّ بالمثل ، طيب ؛ هل أصاب الآية نسخ ؟ الجواب : لا ، ما هو طريقة تطبيق إذًا هذه الآية المحكمة ؟ هو ما جاء في هذا الحديث ، فإذًا أنا لاحظتُ شيئًا آخر لا يلاحظه بعضهم ربَّما ؛ ألا وهو أن هذا الحديث شاهده القرآن الكريم ، شاهده فعل بعض السلف ، وهذا مذكور في الرَّدِّ ، فبإمكانك أن تعود إليه ، هذا وجهة نظري ؛ ولهذا فقد تختلف الأنظار في معالجة بعض النصوص ، والسبب أنه قد يخطر في بال بعضهم ما لا يخطر في بعض آخرين .

السائل : يا شيخ ، أنا سؤالي عن السند ، السند - يا شيخ - هل يُقال عنه جيِّد ؟ السند الذي فيه هذا الرجل ؟

الشيخ : إيش معنى جيد ؟

السائل : صحيح على الأقل - فيما أعلم - أنه أعلى من الحسن وأدنى من الصحيح .

الشيخ : لأ ، السند الجيد والصالح والثابت ليس كالإسناد الصحيح ، هذه الألفاظ يدخل فيها ما دون الصحيح وهو الحسن ، فأنا أعني هنا جيد بمعنى أنه إسناد حسن ، والحسن قد جاء بملاحظة التخريج الذي قرأته آنفًا ، أعد عليَّ التخريج ؟

السائل : قلت : هذا إسناد جيد رجاله ثقات كلهم ... إبراهيم بن المختار وهو الرازي ، روى عن جماعة من الثقات ، ذكرهم ابن أبي حاتم .

سائل آخر : روى عنه .

الشيخ : روى ؟

السائل : روى عنه .

الشيخ : عنه .

السائل : جماعة من الثقات ، ذكرهم ابن أبي حاتم ، ثم قال : سألت أبي عنه .

الشيخ : إلى آخره . فأنت بخاصة بعد البيان السابق في المجهول الذي روى عنه جماعة من الثقات ؛ خاصَّة بعد ذلك البيان السابق ؛ فينبغي أن تلاحظ لماذا قلتُ أنا عنه روى جماعة من الثقات ؟ إشارة أنُّو رواية هؤلاء الثقات عنه ترفع من شأنه ، فهذا والآية والأثر هو الذي أوحى إليَّ في نفسي أنَّه رفع من قيمة هذا الراوي في هذا الحديث ، وقلت : إن إسناده جيد ، ولا يعني علماء الحديث بأنه جيد يعني صحيح الإسناد ، إنما يعنون أنه دون الصحيح ، وفوق الضعيف ، وما ذلك إلا الحديث الحسن ، وهذا ، ونرجو من الله التوفيق لنا ولكم .
  • رحلة النور - شريط : 53
  • توقيت الفهرسة : 00:01:17
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة