سؤال حول عبارة : ضَعْ يد الله في يدي . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
سؤال حول عبارة : ضَعْ يد الله في يدي .
A-
A=
A+
السائل : يا شيخ ، ... قول قائل ... : ضع يد الله في يدينا ... ؟

الشيخ : ما ينبغي أن يُقال هذا .

السائل : يعني لو كان مجاز ؟

الشيخ : المجاز يقول الرسول - عليه السلام - بإبطال هذا التأويل : ( لا تكلمَنَّ بكلام تعتذر به عند الناس ) ، وفي حديث آخر : ( إياك وما يُعتذر منه ) ، إذا أردت أن تقول - مثلًا - : جاء خادم الأمير فلا تقل : جاء الأمير ، لأن توهم الناس خلاف ما تريد ؛ فما الذي يمنعك من أن تفصح عن مرادك فتقول : جاء خادم الأمير ؟ لا ، أنا قلت : جاء الأمير ولكن قصدي كذا ! ( دَعْ ما يريبك إلى ما لا يريبك ) ، و ( إياك وما يُعتذر منه ) ، ومن هذا الطريق نحن كنا نردُّ في سوريا على بعض مشايخ الصوفية الذين يؤمنون بشطحات شيوخهم ، تعرفون شطحات الصوفية ؟ وهي العبارات التي إذا نظرت إليها نظرة عاجلةً وسريعةً مع الفقه والعلم تراها كفرًا ، لكن هم يتأوَّلون تلك كلمات وبيسمُّوها هذي شطحات ، لكن لها معاني جميلة وجائزة ، فكنا نحن نقول لهم : مثل هذا الحديث إذا كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أدَّبنا وأحسن تأديبنا ، وعلَّمنا وأحسن تعليمنا ، فقال : إذا تكلَّمت مع الناس فتكلَّم بكلام واضح مبين ما تحتاج أن تقول : والله أنا قصدت كذا ، وهذا يقع بيني وبين كثير من السائلين كثير من البحوث حول هذه النقطة ؛ لأنه يسأل سؤالًا لو وقفتُ عند لفظه لأجبتُ بجواب لا يريد هو ، هو يريد معنى آخر ، لكن هذا المعنى الآخر لا يُؤخذ من سؤاله ، لا يُحسن السؤال ، فأقول : يا أخي ، أنت تريد كذا وكذا أظن . يقول : إي والله . طيب ؛ لماذا لم تقل هكذا ؟ فيجب - كما قال أهل العلم : " نصف العلم حسن السؤال " - أن يكون السؤال واضحًا ، وليكون - أيضًا - الجواب على ذلك بيِّنًا .

الشاهد : أن هؤلاء الصوفية ينقلون كفريَّات عن بعض شيوخهم ، مثلًا يقولون عن ابن عربي المدفون هناك في دمشق بأنه كان يقول : " كل ما تراه بعينك فهو الله " ، " الخلق هو عين الحقِّ " ، كفريَّات صريحة !! بل نقلوا عنه أو عن غيره مثل ابن الفارض أنه كان يقول :

وما الكلب والخنزير إلا إلاهنا *** وما الله إلا راهب في كنيسةِ

كفر صريح ، وإيش يقولوا هنّ ؟ لا ، هو ما يقصد هذا ، يقصد معنى أنتم ما تفهمون ، طيب ؛ هَبْ أنه يقصد معنًى ما يفهمه إلا الخاصة من هؤلاء الصوفية ، لكن وين أدب الرسول ؟ لقد سمع رجلًا يقول له ذات يوم وهو يخطب : ما شاء الله وشئتَ يا رسول الله . قال - عليه السلام - : ( أجعلتَني لله ندًّا ؟ قل : ما شاء الله وحده ) ، أدَّبه ، وبيَّن له أن قوله : ما شاء الله وشئت فيه تشريك للرسول مع الله ولو باللفظ ، ولكن مع علم الرسول - عليه السلام - بحسن نيَّة هذا القائل قال له : ( أجعلتني للله ندًّا ؟! قل : ما شاء الله وحده ) ، إذا كان النبي أنكر هذا اللفظ ، ولو سمع قائلًا يقول : وما الله إلا راهب في كنيسة ؛ أفلا ينكر هذا ؟ بلا شك ، فإذًا يجب أن نقول قولًا ما نضطرُّ إلى تأويله ؛ كما أنت قلت آنفًا ، إيش ؟ يده في يدي .

السائل : ضع يد الله في يدي .

الشيخ : يد الله في يدي ، مفهوم أنه ما يعني أن اليد حقيقةً كما هو الخلاف بين أهل السنة في قوله - تعالى - : (( يد الله فوق أيديهم )) ، فأهل السنة يقولون : هذه صفة لله نؤمن بها بدون تشبيه ، أما المعطِّلة والمؤوِّلة بيقول : يد الله تارةً يقولوا : بمعنى قدرته ، تارةً يقولوا : بمعنى نعمته ، فهنا يُؤوَّل هذا الكلام ، لكن لماذا نتكلم بكلام نضطرُّ إلى تأويله ؟! ( لا تكلمَنَّ بكلام تعتذر به عند الناس ) .
  • رحلة النور - شريط : 34
  • توقيت الفهرسة : 00:27:32
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة