هل كان في " الصحيحين " من أحاديث المدلسين محمولًا على السماع كما في مسلم من رواية أبي الزبير عن جابر أم لا ؟ وهل المدلِّس مطلقًا غير صحيح إذا لم يصرِّح بالتحديث ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل كان في " الصحيحين " من أحاديث المدلسين محمولًا على السماع كما في مسلم من رواية أبي الزبير عن جابر أم لا ؟ وهل المدلِّس مطلقًا غير صحيح إذا لم يصرِّح بالتحديث ؟
A-
A=
A+
السائل : السؤال الثاني : هل كان في " الصحيحين " من أحاديث المدلسين محمولًا على السماع كما في مسلم من رواية أبي الزبير عن جابر أم لا ؟ وهل المدلِّس مطلقًا غير صحيح إذا لم يصرِّح بالتحديث ؟

الشيخ : هذا تكلمنا أمس تقريبًا في الفندق شيء من هذا ، وهو المدلِّس حسب نظر الباحث أو النَّاقد فيه ؛ إن كان من الذين قلَّ تدليسهم عند هذا الباحث أو يسلِّك حديثه ويمشِّيه ، وإلا أوقفَ الاحتجاج به لريثما يتبيَّن له أنه قد صرَّح بالتحديث أو على الأقل يجد له شاهدًا أو طريقًا أخرى يقوِّيه ، فتكلمنا أمس أن النظر إلى مرتبة هذا المدلِّس تختلف ؛ فمن كان ينظر إلى مرتبته أنه من الأولى أو الثانية في تصنيف الحافظ بن حجر العسقلاني ؛ فمعنى ذلك أن عنعنته تُقبل ؛ لأن تدليسه قليل ، أما من كان .

السائل : والحسن البصري ؟

الشيخ : ذكر الحسن البصري في الأمس القريب ، الآن جاء المثال بالنسبة لأبي الزبير ، فأبو الزبير فهو نفس الحافظ فيما أذكر ذكره في المرتبة الثالثة التي يتردَّد العلماء في قبول حديثه أو تمشية تدلسيه ، ورواية أبي الزبير عن جابر بصورة خاصَّة جرى النقاد الحفاظ على التوقف عن قبول عنعنته ؛ لأنه قد ثبت أنه يروي كثيرًا بالعنعنة عن جابر ، ولذلك يقول الحافظ الذهبي كما ذكرت ذلك في بعض تعليقاتي وفي القلب شيء مما أخرجه مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر ، وما ذاك إلا من أجل تدليسه ، وقد وقفت أخيرًا على كتاب " الوهم والايهام " لأبي الحسن ابن القطان المغربي يتعقَّب فيه بعض أوهام الحافظ عبد الحق الإشبيلي في الكتاب المذكور آنفًا أن ابن القطان يتتبَّع عبد الحق الإشبيلي وهو حافظ باحث نقَّاد في كثير من الأحاديث التي ذكرَها ... .

نعود لنقول بأن الحافظ عبد الحق الإشبيلي - رحمه الله - في كتابه " الأحكام " ، وكتابه هذا ينقسم إلى ثلاثة كتب ، الأول " الأحكام الكبرى " ، والثاني الوسطى " الأحكام الوسطى " ، والأخرى " الأحكام الصغرى " ، أكرمك الله ، " الأحكام الكبرى " أسلوبه فيها أنه يسوق الأحاديث بأسانيد مخرِّجيها ، فيقول - مثلًا - البخاري حدثنا فلان عن فلان بالسند الذي هو في " صحيح البخاري " ، مسلم حدثني فلان عن فلان بالسند الذي في " صحيحه " ، وهكذا بقية الكتب كلها ، أبي داود والبزار " مسند البزار " إلى آخره ، هذا في " الأحكام الكبرى " ويتكلم هناك على الإسناد إذا كان بحاجة إلى بيان صحَّته أو ضعفه ، الكتاب الثاني " الأحكام الوسطى " لا يسوق أسانيد المخرِّجين للأحاديث ، وإنما يقول : رواه البخاري ، رواه مسلم ، متفق عليه ، رواه أبو داود إلى آخره ، لكن هنا يقول رواه أبو داود - مثلًا - بإسناد صحيح ، بإسناد حسن ، بإسناد فيه فلان وهو ضعيف ، أو نحو ذلك من العبارات التي تبيِّن ضعف الإسناد ، هذا شأنه في الكتاب الثاني المُسمَّى بـ " الأحكام الوسطى " .

أما " الأحكام الصغرى " فهو قد انتقاه من كل من الكتابين الكبرى والوسطى ؛ فيسوق الأحاديث سوقًا على أساس أن ما ذكره في هذا الكتاب هو كله صحيح ثابت له ، هذا في " الأحكام الصغرى " .

نعود الآن إلى ابن القطان فهو ينتقد الحافظ عبد الحق الإشبيلي في بعض الأحاديث التي عزاها لمسلم ، وهي من رواية أبي الزبير عن جابر ، وأحاديث أخرى عزاها للترمذي ولغيره من هذه الطريق - أيضًا - ، فيبيِّن ابن القطان بأن عبد الحق الإشبيلي أحيانًا يُعِلُّ الحديث الذي هو من رواية أبي الزبير عن جابر بأنه عَنعَنَه ، ويعتبر ذلك علَّة ، أحيانًا يسكت وبخاصَّة إذا كان قد عزاه لنفسه يقول الآن ابن القطان : سكوته يُوهم على هذا الحديث الذي هو من رواية أبي الزبير عن جابر يُوهم قارئ كتابه أن هذا الإسناد أو هذا الحديث خالٍ من علة ، وليس كذلك ؛ لأن الإشبيلي نفسه يُعِلُّ بعض الروايات التي جاءت من طريق أبي الزبير عن جابر ، يقول ابن القطان : فكان من الواجب على الإشبيلي أن يبيِّن كل الأحاديث التي هي من طريق أبي الزبير ولا يُعِلُّ بعضها في هذه الرواية ويسكت عن بعض الآخر ؛ لأن القارئ يتوهَّم أنه سالم من العلة .

فالشاهد أن رواية أبي الزبير عن جابر هي معلَّلة ، وقد كنت قديمًا حينما أخرجت " مختصر المسلم " للمنذري في تعليقي قد أشرتُ إلى بعض الأحاديث التي في " صحيح مسلم " من رواية أبي الزبير عن جابر ، وذكرت هناك بأن هذه الرواية معلَّلة بالعنعنة ؛ بخلاف ما إذا كان الحديث من رواية الليث ابن سعد عن أبي الزبير عن جابر ، والآن - والحمد لله - يعد " مختصر مسلم " هذا بطبعة جديدة وتحقيقات جديدة ؛ منها أنني تتبَّعت ما تيسَّر لي من روايات أبي الزبير عن جابر التي فيها العنعنة تتبَّعتها في مصادر أخرى فوجدت لبعضها تصريحه بالتحديث ، فنبَّهت على ذلك ، فوجدت للحديث الذي رواه أبو الزبير بالعنعنة عن جابر ما يشهد له أو يقويه ؛ فإذًا أحاديث أبي الزبير هي في الواقع من المرتبة التي ينبغي التوقف عن الاحتجاج بها لما سبق ذكره آنفًا .

لقد كنت كتبت ردًّا على هذا المصري الذي اسمه محمود سعيد ممدوح كتبت ردًّا عليه في بعض المقدمات ، أذكر منها الآن مقدمة ... وإيش كمان في أظن بعد السلسلة الصحيحة أو الضعيفة ؟ ما عاد أذكر الآن ... طيب ؛ هذا ما عندي بالنسبة لذاك السؤال .

السائل : إلى ... أحاديث المدلسين من الطبقة الأولى والثانية هذه بدون ... .

الشيخ : إي نعم .

السائل : أما الطبقة الثالثة لأبي الزبير هذه تحتاج إلى استماع ، لا بد من الاستماع أو الشاهد ... .

الشيخ : أو بالشواهد نعم .

السائل : إي نعم . السؤال الثالث .

الشيخ : بس لا تنس تعليقي أمس يعني أن هذه الطبقات هي بالنسبة لاجتهاد ابن حجر ، قد يختلف رأيي - غيره يعني - في هذا التقسيم ، فقد يجعل مَن جعله في الطبقة الثانية في الطبقة الثالثة ونحو ذلك .

السائل : لكن أنت مع هذا التقسيم الآن ؟

الشيخ : لا ، بالنسبة للحسن البصري أنا عندي مثل أبي الزبير . إي نعم .

السائل : وما السبب يا شيخ ؟

الشيخ : السبب ؟

السائل : الذي جعلك بالذات بالنسبة للحسن البصري تنزله على المرتبة الثانية .

الشيخ : لكثرة تدلسيه .

السائل : لكثرة تدليسه .

السائل : طيب ؛ بالنسبة ... مطلقًا إذا ما صرَّح بالسماع غير مقبول بالنسبة للطبقة الثالثة .

الشيخ : لكن هذا بالنسبة للطبقة الثالثة فمن دونها .

السائل : هل عملت استقراء يا شيخ لرواية الحسن البصري ؟

الشيخ : الاستقراء في حدود المصادفة مش تعمُّدًا ، وإلا لا سبيل إليه .
  • رحلة النور - شريط : 16
  • توقيت الفهرسة : 00:16:26
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة