حديث ثاني يتعلق بالرواية ، الأصل باعتبار الحديث المتواتر : ( جزى الله امرأً سَمِعَ مقالتي فحفظها ووعاها وأدَّاها ، وربَّ حامل فقه غير فقيه ، وربَّ حامل فقه إلى من هو أفقَهُ منه ) ؛ هل يدل رواية الحديث بالنَّصِّ كما سمع الراوي بلَّغها كما سمعها ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
حديث ثاني يتعلق بالرواية ، الأصل باعتبار الحديث المتواتر : ( جزى الله امرأً سَمِعَ مقالتي فحفظها ووعاها وأدَّاها ، وربَّ حامل فقه غير فقيه ، وربَّ حامل فقه إلى من هو أفقَهُ منه ) ؛ هل يدل رواية الحديث بالنَّصِّ كما سمع الراوي بلَّغها كما سمعها ؟
A-
A=
A+
السائل : عندهم مسألة أخرى ؛ وهو حديث - أيضًا - يتعلَّق - أيضًا - بالرواية ، الحديث يقول إيش ؟ فالأصل باعتبار ضبط الحديث المتواتر ، ( جزى الله امرأً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأدَّاها ، وربَّ حامل فقه غير فقيه ، وربَّ حامل فقه إلى من هو أفقَهُ منه ) ؛ هل يدل رواية الحديث بالنص كما سمع الراوي بلَّغها كما سمعها ؟

الشيخ : من حيث التبليغ هو الواجب ، لكن ذلك لا ينفي رواية الحديث بالمعنى ، يعني هنا شيئان :

الشيء الأول : تبليغ السَّامع للحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحرف الواحد ، لكن ذلك لا ينفي - كترخيص من الشارع الحكيم - أنه يجوز له أن يروي الحديث بالمعنى بالشرطين المذكورين سابقًا ؛ الدعاء بالنَّضارة هو لمن أتقن رواية الحديث ورواه كما سمعه ، لكن ذلك لا ينفي جواز رواية الحديث بالمعنى بالشرطين السابقين ، نفس هذا الحديث قد رُوِيَ بألفاظ ، وذلك كما أن هناك أحاديث كثيرة وكثيرة جدًّا ؛ فالناحية العملية تدلُّ على جواز رواية الحديث بالمعنى ، لكن إذا جاء وقت التبليغ فينبغي أن يكون مستحضرًا للَّفظ ، وأن يرويه كما سمعه ، لكن ذلك لا ينفي جواز روايته بالمعنى ؛ خاصَّة إذا كانت الحالة تدعو إلى ذلك .

السائل : بالنسبة للشرطين السابقين بالمعنى ؛ ما يكون الشرط الأحدث أن يكون فقيهًا بأنه إذا روى روايةً ؟

الشيخ : لا ، ليس شرطًا أن يكون فقيهًا ، شرط أن يفهم المعنى .

السائل : ... قد يكون الإنسان فقيهًا ؟

الشيخ : قد يكون ؛ لأنَّ الفقيه لا يخفاك دائرة الفقه أوسع من دائرة فهم المعنى ، لعلك تذكر معي قصة الحسن قصة تلميذ أبي حنيفة ليس هو أبو يوسف ، الحسن بن إيش ؟ التلميذ الثاني لأبي حنيفة ؟

السائل : محمد بن الحسن .

الشيخ : محمد بن الحسن الشيباني ، يذكرون عنه بأنه نزل ضيفًا على الإمام الشافعي أو العكس لا أستحضر الآن ؛ المهم قام محمد بن الحسن الشيباني يصلِّي في الليل ، والشافعي على فراشه ، ولما أصبح الصباح فذكر محمد بن الحسن للشافعي بأنه يلمح بأنه ما قام يصلي بالليل ، كأنه يأخذ عليه ، فقال : لقد بتُّ أفكِّر في قوله - عليه السلام - : ( يا أبا عمير ما فعل النُّغير ؟! ) ، فاستنبطت منه كذا وكذا حكمًا ، الآن ( يا أبا عمير ما فعل النُّغير ؟! ) كلام مفهوم قد يُشكل على بعض الأعاجم من أمثالنا نحن ، ما هو النُّغير ؟ شايف ؟ فإذا عرف النُّغير عرف معنى الحديث ، ها ؟ لكن هل عرف الفقه الذي فهمه الإمام الشافعي ؟ لا ، فإذًا لا تلازمَ هناك بين أن يكون فقيهًا كما يشترط الحنفية وبين أن يكون عارفًا بما يوحيه المعنى كما هو الشرط الأساسي ، واضح الفرق ؟

السائل : نعم .

الشيخ : ... كثيرًا ما يضع بعض الناس وبخاصة شروط نظرية ... ، ثم لا ينهضون بها لصعوبة تحقيقها ، فالأحناف - مثلًا - يذهبون في أصولهم الفقهيَّة إلى أنه لا يجوز تخصيص النص المتواتر بالآحاد ، بينما تراهم في تفريعاتهم الفقهية خالفوا هذه القاعدة ، ولا يمكن فعلًا لفقيه أن يقرِّر هذه القاعدة وأن يقول : لا يصحَّ تقييد النص المتواتر بنص الآحاد ، فهم - مثلًا - يحرِّمون الذهب والحرير - بل والفضة - على الرجال ، مع قوله - تعالى - : (( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) ؛ فأين هذه القاعدة هذه التي وضعوها ثم لم يلتزموها في مثل تحريم الذهب ، تحريم الحرير ، بل وتحريم الفضة التي نرى أنها حلال على الرجال إلا أواني الفضة ؟ واضح هذا المثال ؟

فمن هذا القبيل اشتراطهم أن يكون فقيهًا ، أين الفقه في رواة الحنفية للأحاديث ؟ هل هناك مثل أبي حنيفة أو مَن يُدانيه في الفقه في الرواة الذين هم يحتجُّون بهم ؟ لا وجود لهذا الشرط في عالم فيه البحث بالتحقيق ، وإنما هو - كما يُقال - حبر على ورق ! واضح ؟ طيب .
  • رحلة النور - شريط : 10
  • توقيت الفهرسة : 00:04:58
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة