ماذا عما جاء في الأثر : " أن نساء الأنصار خرجْنَ وكأن على رؤوسهنَّ الغربان " حين نزل قوله - تعالى - : (( يدنين عليهنَّ من جلابيبهنَّ )) هل هذا دليل صحيح على التغطية ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ماذا عما جاء في الأثر : " أن نساء الأنصار خرجْنَ وكأن على رؤوسهنَّ الغربان " حين نزل قوله - تعالى - : (( يدنين عليهنَّ من جلابيبهنَّ )) هل هذا دليل صحيح على التغطية ؟
A-
A=
A+
السائل : ... عندما نزلت آية الحجاب أنهم خرجوا كالغراب الأسود ؛ من رأسها إلى رجليها ، فهذا دليل صحيح ... ؟

الشيخ : سمعت خيرًا وأسأت فهمًا .

السائل : جراك الله خير .

الشيخ : كالغراب الأسود .

السائل : ... .

الشيخ : إي ، لكن ليس فيه أن هذا الثوب الأسود غطَّين به وجوههنَّ ، وحينما خرجن هكذا تذكر أن في الحديث أنهم قاموا وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلِّين ؛ تذكر هذا ولَّا لأ ؟

السائل : لا ما أذكر .

الشيخ : ولما خرجن وعلى رؤوسهنَّ مثل الغربان ، أي : قمْنَ وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلين ؛ فهل يجب على المرأة أن تغطِّي وجهها إذًا في الصلاة ؟

السائل : في الصلاة ؟ لا ما يجب .

الشيخ : طيب .

السائل : ولكن إذا كان في فتنة وفي رجال ... في الحرم ... في المحلات ... لكن في الحرم ، الرجال والنساء ؛ فكيف تكون مكشوفة المرأة وهي فتنة أمام الرجال ؟

الشيخ : ... الآن هدمنا الحديث .

السائل : نعم ؟

الشيخ : هدمنا الحديث ، هدمنا .

السائل : أيوا .

الشيخ : ... عندك العلم ؟

السائل : نعم .

الشيخ : الهدم ضد البناء ، الحديث يقول : ( لا تنتقب المرأة المحرمة ) ، أنت بتقول يعمل مفسدة ، أرجوك هذا كلام فيه خطورة .

السائل : ليه ؟

الشيخ : لأنك تردُّ على الرسول .

السائل : اللهم صلِّ وسلم عليه .

الشيخ : هذا فيه خطر كبير ، هذا يشبه تمامًا الرهط الذين جاؤوا إلى نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - وسألوهنَّ عن عبادة الرسول - عليه السلام - ؛ عن قيامه ، وصيامه ، وإتيانه لنساءه ، وقلن واقع الرسول أنه يصلي في الليل وينام ، ويصوم ويفطر ، ويتزوَّج النساء ، فتقالُّوها ، أتدري ما معنى تقالُّوها ؟

السائل : نعم .

الشيخ : يعني وجدوها عبادة قليلة .

السائل : نعم ؟

الشيخ : وجدوها عبادة قليلة ، عبادة الرسول سيد العُبَّاد الذي قام حتى تفطَّرت قدماه قالوا : هذه عبادة قليلة !! فاهم عليَّ ؟

السائل : نعم .

الشيخ : آ ، ثم رجعوا يعلِّلون قلة هذه العبادة ، فقالوا : هذا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قد غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر ؛ كأنهم يقولون أنُّو لم يبق هناك دافع للرسول - عليه السلام - أن يتعبَّد كثيرًا . -- خلِّيك معي يا أب جمال ، الله يرضى عليك ، ... تغير نظرتك للكلام ... .

السائل : نعم نعم ، جزاك الله خير ، ...

الشيخ : صحيح -- فوجدوا عبادة الرسول قليلة ، إيش رأيك هذا أليس ... ؟

السائل : لا ما يجوز .

الشيخ : يجوز ؟

السائل : لأ .

الشيخ : ما يجوز ، لكن جاؤوا بشيء آخر ما يجوز ؛ وهو تعليلهم لهذه العبادة القليلة ؛ حيث قالوا : هذا رسول الله - عليه السلام - قد غفر الله ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر ، يعني ليه يتعِّب حاله بقى هو ؟ ليش يتعِّب حاله يقوم الليل كله ، ويصوم الدهر كله ؟ ها ربنا غفر له ... هو إيه ؟ ... كل مسلم ، والله قد غفر للرسول ، أما نحن وهم الرهط - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... - ... في خطأ ، ازدادوا خطأ على خطأ ، الخطأ أنهم زعموا أن عبادة الرسول قليلة ؛ هذا الخطأ الأول ، والخطأ الثاني علَّلوا قلَّة عبادته - بزعمهم - أن الله غفر له ؛ ليه يتعب حاله بقى ؟!! عرفت كيف ؟

السائل : ... .

الشيخ : آ ، فعادوا إلى أنفسهم قالوا : نحن ما حصَّلنا المغفرة من الله ؛ لذلك يجب علينا أن نجتهد حتى ربنا يغفر لنا ، فقال أحدهم : أما أنا فأقوم الليل كله ولا أنام ، وقال الثاني : أنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال الثالث : أما أنا فلا أتزوَّج النساء . ثم جاء الرسول - عليه الصلاة والسلام - وأُخبر الخبر - خبر الرهط - ، فخطبَ في الناس في المسجد قال : ( ما بال أقوام يقولون كذا وكذا وكذا ؟ ) - حكى ما قالوا - ( أما إني أخشاكم لله ، وأتقاكم لله ؛ أما إني أصوم وأفطر ، وأقوم الليل وأنام ، وأتزوج النساء ؛ فمن رغب عن سنَّتي فليس منِّي ) .

الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يجب أن يكون عقيدة راسخة في قلب كل مسلم يؤمن حقًّا بالله ورسوله ؛ أن يعتقد أنه ما ترك لأحد أن يستدرك عليه شيئًا ولو من باب سدِّ الذريعة فيما كان معروفًا في زمانه ، وهذه الكلمة - فيما كان معروفًا في زمانه - قيد ضروري جدًّا بهذه المناسبة ، قد جاء في " صحيح مسلم " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( ما من نبيٍّ بعثه الله - تبارك وتعالى - إلا كان حقًّا عليه أن يدلَّ أمته على خير ما يعلمونه ) ، لا شك أن هذه عقيدة كل مسلم أن الرسول ما كتم شيئًا ، ولا وَكَلَ أمر البيان لغيره ، كيف ونحن نقرأ في القرآن (( اليوم أكملت لكم دينكم )) إلى آخر الآية ؟ ونقرأ في حديث الإمام الشافعي الحديث التالي : ( ما تركت شيئًا يقرِّبكم إلى الله إلا وأمرتكم به ، وما تركت شيئًا يبعِّدكم عن الله ويقرِّبكم إلى النار إلا ونهيتم عنه ) ، إذا كان هذا عقيدة كل مسلم فيجب ألا يتغافل عن ذلك حينما يأتيه حكم الله وحكم رسوله ، ولا يكون موقفه موقف الرهط فيأتي الرسول ويردُّ عليه بقوله : ( فمن رغب عن سنَّتي فليس منِّي) ، فإذا كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد قال بحقِّ المرأة المحرمة : ( لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين ) ؛ فليس للمسلم أن يقول لهذا بصير عليه فتنة ، كيف الرجال والنساء في الطواف وفي السعي ؟ نقول : لا مجال للاستدراك على الرسول ؛ لأنه وحي من الله ، (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )) ، من أجل ذلك يجب بيان الحكم الشرعي بتمامه حتى ما يقع المسلم أو المسلمة في ناقض ومنقوض ، في إفراط أو تفريط ، وما يتعلَّق بوجه المرأة العلماء ذكروا قولين ؛ منهم من يقول بأنه عورة ، ومنهم من يقول بأنه ليس بعورة ، وهذا هو الصحيح الذي ... السنة ، وليس في القرآن ما ينافي هذا أبدًا ، والتجربة ليست بعيدة عنك ، لأن الآية السابقة لا تعني تغطية الوجه ، وإنما تعني تقريب الجلباب إلى الوجه ، هذا التقريب جاء بيانه في السنة : ( إذا بلغت المرأة المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا وجهها وكفَّيها ) .

مع ذلك الذين يقولون أنه ليس بعورة يقولون الأفضل لها أن تستر وجهها ، والذين يقولون إن الوجه عورة يقولون يجب عليها أن تكشف عن وجهها وهي محرمة ، هذا الجانب الثاني لا يقوم العلماء القائلون بأن وجه المرأة عورة ببيانه للناس كما يفعلون بالجانب الإيجابي ؛ يقولون يجب على المرأة أن تستر وجهها ، ولكن لا يقولون ما ينافي ذلك ؛ وهو يحرم عليها أن تستر وجهها في حالة كونها بالإحرام .
  • رحلة النور - شريط : 3
  • توقيت الفهرسة : 00:06:48
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة