الموقف السليم نحو ما يجري في الانتخابات ؛ سواء على مستوى الدولة أم على مستوى أقل كالاتحادات والجامعات . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الموقف السليم نحو ما يجري في الانتخابات ؛ سواء على مستوى الدولة أم على مستوى أقل كالاتحادات والجامعات .
A-
A=
A+
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .

هذه تابعة - أيضًا - للأسئلة السودانية ؛ يقول السؤال الأول : ما هو الموقف السليم نحو ما يجري في الانتخابات سواء كان على مستوى الدولة أم على مستوى أصغر كالاتحادات والجامعات ونحوهما ؟

الشيخ : إن كان الدخول في الانتخابات - وقد سمعتم أنواعًا منها - يستلزم مخالفةً للشرع وانجرافًا مع التيار المنحرف عن الكتاب والسنة ؛ فالجواب بدهيٌّ أنه لا يجوز المشاركة في مثل هذه الانتخابات ، أنا شخصيًّا أستطيع أن أقول : أن الانتخابات - انتخابات الدولة - هذه يتورَّط فيها في زعمي كثير من الشباب المسلم ، ويظنُّون أنهم بذلك يُحسنون ، وقد يعترفون في صراحة بأن مَن يدخل هذه المداخل قد يقع في مخالفة الشريعة ، لكنهم يبرِّرون ذلك أنه لا بد من ذلك ؛ كأنهم يقولون : " أن الغاية تبرر الوسيلة " ، وهذه بلا شك لا توجد مثل هذه القاعدة في ديننا الإسلامي ، ثم إن هذا الدخول فيه استباق للمسائل التي نحن نريد أن تكون أثرًا للدعوة التي سبيلها ما أشرنا إليه آنفًا ما ... عنه بـ " التصفية والتربية " ، أما إن كان الدخول في انتخابات في بعض الجامعات أو نحو ذلك - وهذا أنا لا أدري ما الذي ينفع الناس ؟ - ؛ إن كان لا يترتَّب مخالفة شرعية فلا نرى في ذلك بأسًا ، لأنُّو هذي وسائل مُحدثة ، وهذه الوسائل المُحدثة ما لم تكن لها علاقة بالتعبد - أي : بالزيادة في الدين - ؛ فلا نرى منها مانعًا ؛ لأنها تكون - والحالة هذه - من المصالح المرسلة ، فإذا كان دخول الشباب المسلم بمثل هذه الانتخابات في الجامعات ونحوها التي لا أعرف أنا أن لها مخالفات بخلاف انتخابات الدول ، إن كان لا يترتَّب من وراء ذلك مفسدة فحينئذٍ لا أرى مانعًا من المشاركة في هذه الانتخابات إذا كانت تحقِّق مصلحة شرعية ، لأنها ليس من التعبُّديَّات وإنما هي من العاديَّات ؛ والعاديَّات الأصل فيها الإباحة ما لم تخالف حكمًا شرعيًّا .

السائل : ... يترتَّب على دخول الانتخابات هذه حدث في الجامعة ، إن كان يترتَّب عليها نفس الاتحاد أن الأنظمة أنهم يناقشون من يأتيهم ؛ سواء كان امرأة أو رجل ، وهذا .

الشيخ : يناقشون بماذا ؟

السائل : في أصول الاتحاد وفي أعمالهم ، يكون يعني لجنة عموميَّة ؛ فتخرج امرأة سافرة عارية .

الشيخ : ... في كلامك ، سامحك الله ؛ أنا بقول بشرط كذا .

السائل : صورة مباح أنا أقول هذا ، لأنك ما تعرف الاتحادات يا شيخ .

الشيخ : ... أنا بالنسبة إليَّ أعطيت الجواب ، لكن أنت إذا رأيت إنسانًا يريد - مثلًا - أن ينضمَّ ، قل له أمامك كذا وكذا باعتبارك أنك تعرف ، لكن أنا لو أطلقت القول بالجواز فجزاك الله خير بتنبّهني ، لكن أنا وضعتُ قيدًا وشرطًا ، ففي هذه الحالة التي أنت تقولها يكون الدخول في هذه الانتخابات كالدخول في الانتخابات الأولى .

سائل آخر : ألا يترتَّب عليها يا شيخ - أيضًا - مفسدة مثل الأشياء هذي ، أنو يجي فرد - أفراد من الاتحاد أنفسهم - يقول لك : ماذا فيها ؟ لما تنشر دعوتك في هذه المرأة السافرة وتدعوها وتبيِّن لها يعني منهج التسليم ، وهي يعني - والعياذ بالله - امرأة سافرة ساقطة ، يعني مجرَّد الكلام معاها فسق .

الشيخ : ومن هذا الباب يُجيز البعض الدخول في الجامعات المختلطة .

السائل : إي نعم .

الشيخ : طيِّب ، وحينئذٍ نحن نقول : هؤلاء الناس الذين يُجيزون هذه الأمور كأنهم أخذوا ضمانًا من الله أنهم أصبحوا من حيث عدم تأثُّرهم بمخالطة الفتيات والنساء أنهم في ضمان وفي أمان ، فنحن نقول لهؤلاء : يا أخوان انجوا بأنفسكم ، حافظوا على أنفسكم قبل أن تُحاولوا أن تنفعوا الناس الآخرين احفظوا أنفسكم ، وكيف يكون المحافظة على الأنفس ؟

هو - كما يُقال في بعض الأمثال العامية - : " ابعد عن الشر وغنِّيلو " ، وهذا يعني ليس معنى عامي ، هذا مأخوذ من شريعة الله ، من ذلك قوله - عليه السلام - : ( كُتب على ابن آدم حظُّه من الزنا فهو مُدركه لا محالة ، فالعين تزني وزناها النظر ، والأذن تزني وزناها السمع ، واليد تزني وزناها البطش ) - وفي رواية : ( اللمس ) - ، لا شك أن هذا الشاب يجرُّ شرًّا كما يُسلسل هذا الحديث الصحيح العظيم ، ومن الدليل على ذلك أن الذين يقولون بجواز هذا الإصلاح هؤلاء النساء الكافرات الفاسقات سيقع في ورطة أخرى ، وأنه يُجيز لنفسه أن يُصافح المرأة ، يُصافحها حتى ما تقول المرأة هذه ... رجعيِّين و و وإلى آخره ، فإذًا لازم يكونوا هم ناعمين مع الجنس اللطيف ( الجميع يضحك ! ) ، فلازم إيش ؟ يسمحوا لأنفسهم بالمصافحة ، وهذه حقيقة واقعة ، لأن الشَّرَّ - يا إخوانا - لا يأتي طفرةً ، الشيطان من كيده لبني الإنسان يأتي بالشَّرِّ الصغير ، كما قال الشاعر في بعض الأشعار :

" وما معظم النار إلا من مستصغر الشَّرر "

شرارة صغيرة بتحرق بلد ، من أولها إلى آخرها ، الحديث يقول : ( والأذن تزني وزناها السمع ، واليد تزني وزناها البطش ، والفم يزني ) في بعض الروايات خارج " الصحيح " بالسند الصحيح : ( والفم يزني وزناه القُبَل ، والرجل تزني وزناها المشي ، والفرج يُصدِّق ذلك كلَّه أو يكذِّبه ) ، فحينما يفتح المسلم أو بعض الشباب المسلم لأنفسهم باب الشَّرِّ من باب " الغاية تبرِّر الوسيلة " فتحت أبواب الشَّرِّ عليهم بصورة لا يستطيعون فيما بعد أن يردُّوها ، كالسَّيل الذي كان محصورًا بسدٍّ مُحكم فحينما رُفع هذا السَّدُّ يجرف ما أمامه تمامًا ، قد أخذ من هذا الحديث الصحيح شاعر مصر في زمانه شوقي المشهور فقال متمثِّلًا معنى هذا الحديث العظيم :

" نظرةٌ فابتسامةٌ فسلامٌ *** فكلامٌ فموعدٌ فلقاءُ "

جاء الشَّرُّ الأكبر ! لذلك أنا أعتقد أنه يجب أن نستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ، أن نستمسك بشرعنا بكامله ، من أوَّله إلى يائه ، ولا نبرِّر لأنفسنا مخالفات بحجَّة أن نقدِّم الخير إلى الآخرين على حسابنا ؛ أي : أن نجعل أنفسنا كبش الفداء ، وهذا له أنواع كثيرة ؛ مثلًا بعض الشباب المسلم في كثير من البلاد في الأردن في سوريا في غيرها - كما نعلم - يُبيحون للمرأة أن تتعلَّم الطِّبَّ خليطًا مع الشباب ومع أساتذة الطِّبِّ إلى آخره ؛ فإذا قيل هذا لا يجوز هذا اختلاط ؛ وبخاصة أن هذه المرأة أو الطالبة التي تريد أن تتطلَّب العلم قد يلتصق رأسها برأس إيش ؟ الطبيب المعالج الأستاذ المدرِّس ونحو ذلك ، يقولون لا بدَّ أن تتحمَّل هذه المشاكل من أجل أن نخلص من مشكلة أكبر ، وهي أنُّو اليوم نحن بحاجة إلى نساء طبيبات ؛ هذه دعوى صحيحة ؛ لأننا نضطرُّ في كثير من الأحيان أن نعرضَ نساءَنا وبناتنا على من ؟ على الرجال ، وهذا لا يجوز إسلاميًّا ، فإذًا لننجوَ بأنفسنا من هذه المخالفة الشرعية لا بد من أن نُنتجَ ونُخرِّج فتيات مسلمات طبيبات ، هذا نقول هذا واجب ، و " ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب " ، لكن ما لا يتم الواجب إلا به ولو كان حرامًا ؟! الجواب لا ، ما لا يتم الواجب إلا به من الأسباب الجائزة شرعًا فالقيام به واجب .

رجل لا يستطيع أن يمشي إلى الحجِّ مشيًا ؛ هذا سقط عنه فرض الحج ، لكن ننظر يستطيع أن يحجَّ على وسيلة من الوسائل التي خلقها الله قديمًا أو حديثًا - على الدابة مثلًا أو على السيارة أو الطيارة - يستطيع ؟ إذًا ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب ، لأنُّو ركوب هذه الوسائل ما هو مخالفة للشريعة ، أمَّا أن نُخرِّجَ نساء مسلمات طبيبات بوسائل محرَّمة قد نُعرِّض بنتَنا أو زوجاتِنا أو قريباتنا قد نعرِّضهم

للفتنة في سبيل تحقيق واجب بطريق غير مشروع ؛ هذا لا يجوز ، لا بد - أنا لا أزال أقول عند الرأي الأول - لا بد من أن يكون عندنا نساء طبيبات لكن الفرق - أنا أقول - أمر واقع لا خلاف في ذلك أبدًا أن المُكلَّفين نساءً ورجالًا ليسوا كلهم بنسبةٍ واحدةٍ في تقوى الله وفي التمسُّك بأحكام شريعة الله ، منهم الحازم الذي يحرص على أن لا يفوتَه حكمٌ شرعيٌّ ما استطاع إلى ذلك سبيلًا ، منهم دون ذلك ، منهم لا يرعوي ولا ... شيء من أحكام الشريعة إلا أنُّو إيه ؟ هو مسلم أو هي مسلمة ، نحن بقى نُفسح المجال لهذا الجنس الأخير ، لأنُّو هذا لا يُحرِّم ولا يُحلِّل ، ... فليكنَّ إذًا ترك ... مش نساءنا وبناتنا ، ما نفادي نحن بنسائنا وبناتنا منشان تحقق هداك الواجب على حساب ديننا وعقيدتنا وشريعتنا ، نُفسح المجال عكس ما يقول بعض الناس نحن بحاجة - مثلًا - إلى صُوَّاغ يُصيغون الذهب ، وفي هذه المهنة مخالفات للشريعة كثيرة ، فلأمرٍ ما تجد الصُّوَّاغ في أكثر البلاد الإسلامية من النصارى أو اليهود ، لماذا ؟ لأن المسلمين كانوا متمسِّكين بأحكام شريعتهم فيُفسحون المجال لبعض المهن التي فيها ارتكاب مخالفات للشريعة لمن لا يُحرِّمون كما قال الله - عز وجل - : (( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ )) ، فيقول بعض الناس - اللي بيدّعو الإصلاح - : اقتصاديًّا ما بيجوز نفسح المجال لبعض المهن أن يُسيطر عليها غير المسلمين ، وكذلك يقولون في الطبابة - مثلًا - النساء الكافرات ، نحن نقول : النساء الكافرات كالرجال تمامًا بالنسبة لمعالجة المرضى ؛ أي : المرأة المسلمة عرضت نفسها على رجل مسلم بحيث إنها تضطرُّ أن تكشف عن عورتها كما لو عرضت نفسها على طبيبة نصرانية ، وهذا يُؤكِّد أننا بحاجة إلى طبيبات مسلمات ، لكن البحث في السبيل ، هل السبيل يجوز أن يكون بارتكاب ما حرَّم الله ؟ نحن نقول : لا . طيب إذًا كيف حلُّ المشكلة ما دام أنت بتوافق معنا على ضرورة وجود طبيبات مسلمات ؟ نقول : المجال واسع للَّاتي لا تحرِّم ولا تحلِّل ، ثم يأتي بعد ذلك دور هذه المرأة التي تخرَّجت طبيبة تتعلَّم وتتخرَّج على مثيلاتها نساؤنا وبناتنا المسلمات بدون أن نُعرِّضهنَّ للوقوع في المشاكل ، ما يُسمَّى اليوم ... .

فإذًا لعلي ابتعدتُ كثيرًا عن السؤال ، والشاهد : أن الانتخابات هذه وسائل بالأصل هي غير إسلامية ، لكن نحن لا نرفض هذه الوسائل رفضًا تامًّا باتًّا ، كما أننا لا نقبلها قبولًا تامًّا ، وإنما نقول : ما كان منها من الوسائل يُحقِّق مصلحة شرعية أو غرضًا نفسيًّا مباح شرعًا فنحن نتبنَّاه أما إذا كان يُؤدِّي إلى ما هو مخالف للشَّريعة فنرفضه رفضًا باتًّا .

غيره ؟

مواضيع متعلقة