الحكم في الاختلاف في مسائل تتعلَّق بالعبادات . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الحكم في الاختلاف في مسائل تتعلَّق بالعبادات .
A-
A=
A+
السائل : السؤال الثالث : ما رأي الشيخ فيمن إذا اختلف مع غيره في مسائل تتعلق بالعبادات ؛ كتحديد مدة قصر الصلاة ، وصلاة التسابيح وغيرها ؛ قال إن الخلاف مُرجَّعه بدعة ، لأنه ترجَّح عنده عدم تحديد المدة - مثلًا - فتحديدها عنده مخالفة للسُّنَّة ، ومخالفة السنة في العبادات بدعة ، ونحو ذلك من الخلاف ؛ هل يجوز إطلاق البدعة على المخالف ؟

الشيخ : السؤال فيه خطأ لفظي ، لعله لفظي ، إطلاق البدعة على المُخالف شيء ، واطلاق البدعة على المسألة التي تُركت فيها السُّنَّة شيء ، والفرق أن تقول فلان مبتدع شيء ، وهذه المسألة التي يقول فيها فلان بدعة شيء آخر ، هذا التفريق أمر ضروري جدًّا ، لأننا نعتقد مع علماء المحقِّقين - وعلى رأسهم ابن تيمية - رحمه الله - - أنه لا ينجو عالمٌ من خطأ ما ، هذا أمر لا يختلف فيه اثنان ، ولا ينتطح فيه عنزان ، كما كانوا يقولون في قديم الزمان ، لا ينجو عالم من أن يقع في خطأ ، نأتي الآن للتَّفريع على هذا الأمر المُتَّفق عليه ، الخطأ قد يكون في تحليل ما حرَّم الله ، وقد يكون في تحريم ما أحلَّ الله ، وقد يكون في إنكار سنة ، وقد يكون في إقرار بدعة ، هذا أمر واقع ما له من دافع ، لا يمكن إنكاره ، وحينئذٍ إذا قال العالم - أي عالم كان - : هذه المسألة حلال ، لكن هو يعلم أن فلانًا من أهل العلم قال : حرام ؛ سيقول - هذا الذي يقول هذا حرام - : خطأ بلا شك ، وهو بالتالي مخطئ ولكنه مأجور ؛ لأنه ما قال ذلك إلا عن اجتهاد ، وعلى ذلك سَلسِل الموضوع إلى أن يصل إلى كل المسألة .

إذا ادَّعى مدَّعٍ مثلي أن المسألة الفلانية - كما ذكرنا آنفًا في بعض الأمثلة - بدعة ، فأنا لا أعني أن الذي قال هذه الكلمة - وأنا رأيتها بدعةً - أنه يُوصف بأنه مبتدع ، لأن كلمة المبتدع كلمة تعني أن من طبيعته ومن ديدنه أنه يبتدع ويبتدع لذلك أخذ هذ الإثم ... ، وهذا مثاله معروف في ... " الجامع الصغير " ، سواء بالصحيح أو بالضعيف لكن صحيح بصورة خاصة ...

... ( إمام عادل ) ما يأخذ هذا الوصف لمجرد أنه مرة ، لكن يأخذه فيما إذا غلب عليه العدل ، فيقال إنه عادل ، ولا يعني أنه على العكس من ذلك في بعض القضايا ظلم ، فالعبرة بما يغلب على الإنسان من خير أو شر ، من صواب أو خطأ ، وما شابه ذلك ، إذًا لا غرابة بأن نقول فلان أخطأ في قول هذا حلال وهو حرام ، أو بالعكس ، أو أن نقول أن هذا القول هو بدعة في الدين ، لأن هذا رأينا ، لكن هذا لا نعنيه بأن الذي جاءت منه هذه البدعة هو مبتدع ، بسبب الذي ذكرناه آنفًا أنَّ كلمة مبتدع تعني أنه من شأنه أنه يبتدع ، فلذلك يجب أن نفرِّق إذا سمعنا ، وأنا أشعر بأن المقصود بهذا السؤال هو قولي الذي قلتُه منذ أكثر من عشرين سنة ربما ، ولا يزال إلى اليوم مطبوعًا ، ولا أزال أنا مصرًّا عليه ؛ بأن وضع اليدين على الصدر بعد الركوع بدعة ؛ هذا لا يعني أن من أخذ بذلك هو مبتدع ، لكن أنا أعتقد أن هذا القول بدعة ، لماذا ؟ لأنه لم يفعله السلف الصالح ، وهذا تعريف البدعة عند جميع العلماء ، نعم أولئك الذين يقولون بسنِّيَّة هذا الوضع هم لهم أدلَّتهم ، ولذلك فأمرهم كأمر أنا وغيري ممن معنا في هذه المسألة يدور بين أن يُؤجروا أو يُؤجر أجرين ، أو أحد الفريقين يُؤجر أجرًا واحدًا ، والفريق الآخر أجرين ، لكن هذا التعبير أنُّو بدعة يعني أنه لم يفعله السلف ، وهذا عبادة ، فما أدري لماذا تُستنكر هذه القضية ولا تستنكر - مثلًا - ما يُنسب إلى أبي حنيفة من أقوال خالف فيها السنة ، بل ربما خالف فيها أقوال أئمة السلف والصحابة وإلى آخره ، مع ذلك يظلُّ هو إمامًا من أئمة المسلمين ؛ لأن العبرة بما غلب عليه من الصَّواب ، وليس بما ندر منه من خطأ ، وهكذا كما قال الإمام مالك - رحمه الله - : " ما منَّا من أحد إلا ردَّ ورُدَّ عليه إلا صاحب هذا القبر " ، لعل الأمر وضح في هذا الكلام أو لذاك السؤال .

نعم .

مواضيع متعلقة