حكم الصَّعق بالكهرباء للمقروء عليه . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
حكم الصَّعق بالكهرباء للمقروء عليه .
A-
A=
A+
السائل : كذلك الصعق بالكهرباء ... .

الشيخ : إيش ؟

السائل : الصعق بالكهرباء .

الشيخ : كمان في صعق بالكهرباء ؟

السائل : إي نعم .

السائل : ما أدري إذا الصعق بالكهرباء ، نحن نعرفه عند الأطباء .

السائل : ... مجرب .

الشيخ : عند الأطباء معروف ، الحقيقة أن هناك أمور تتعلق بالتجربة ؛ يعني هذا السؤال الأخير يلفت نظري إلى أن نقول شيئًا : هناك أمور تتعلق بالتجربة ولا تتعلَّق بالديانة ، فالصعق بالكهرباء - أظنُّكم تعلمون - أن هذا أمر معهود عند الأطباء الماديين ، فهم حينما يأتيهم بعض المُصابين بنوع من الصَّرع ؛ فيستعملون كل العلاجات المعهودة لديهم ، ثم يلجؤون إلى هذه التيَّارات الكهربائية على قاعدة فاقد الدواء ... ، فلا نستطيع أن نقول - بحكي الآن بالنسبة لاستدلال الماديين - لا نستطيع أن نقول ما حكم تسليط هذه التيارات الكهربائية على بعض المرضى المصابين بالصرع أو غيره ؛ لأن الأمر لا يتعلق أولًا بالدين ، وإنما يتعلق بالطب - ولستُ طبيبًا - ، أما الدين فلم يتعرَّض لهذا لا سلبًا ولا إيجابًا .

وبالمناسبة يحسن أن أذكر لكم أن أحد إخواننا في دمشق كان قد أُصيب بمرض ... الصرع يشتد عليه أحيانًا ، حتى لا يقفَ أمامه شيء في الدار حيث يكسِّره ويحطِّمه شرَّ تحطيم ، وتعالج في المستشفيات التي تعالج هذا النوع من المرض ؛ حتى ذهب إلى بيروت إلى الجامعة الأمريكية ، وتعالج هناك بهذه الطريقة - أي : الصدمات الكهربائية - ، ورجع إلى دمشق ولم يصلح ، بقي كذلك ... على نوبات مش دائمًا هو مصروع ، وبعد ذلك قدمت أنا إليه اقتراحي ، وهو ما يُسمَّى حديثًا بالتطبيب بالصوم ، والمقصود بالصوم ليس هو في طبيعة الحال الصوم الشرعي ، وإنما فلنسمِّه بالتجويع - التطبيب بالجوع - ، هذا التطبيب بالجوع ليس له علاقة بالشرع ، فلا نقول هو بدعة ، ولا نقول هو سنة ، إن نجح أو نجحت هذه الوسيلة كوسيلة لمعالجة بعض الأمراض ؛ فهو خير ، وإن لم ينجح ؛ فلا شيء في ذلك إطلاقًا ، وأنا شخصيًّا - لعل بعضكم يعلم - أنني بلغت هذا النوع من التطبيب بالجوع ، فصمتُ أربعين يومًا ، ومعنى هذا الصوم أن لا يأكل هذا الصائم شيئًا إطلاقًا ولا يشرب شيئًا مطلقًا سوى هذا الماء أربعين يومًا ، وبعد هذه الأيام كلها يبدأ يتمرَّن رويدًا رويدًا على الطعام الذي هو معتاد له ، فيجد أثرًا للشفاء في كثير مما كان يشكوه من الأمراض ، أنا بلوتُ هذا بنفسي ولا أطيل الشرح ، وإنما الشاهد هذا الذي عولج بالصدمات الكهربائية ، وأنفق الأموال الطائلة ... في سوريا وفي لبنان ما عوفي إلا في هذا الصوم ، صام أول مرة ستة أيَّام ، ثم بعد ذلك أكثر وأكثر ، حتى وصل الأمر أنها صام أربعًا وثلاثين يومًا ، ثم لم يرَ لهذا المرض أثرًا ، فمثل هذا العلاج الذي لم يكن معهودًا ، وإن كان بعض الوعَّاظ اليوم يشجَّعون عليه بمثل قوله - عليه السلام - - فيما يقولون ! - : ( صوموا تصحُّوا ) ، لا شك أن الصوم الشرعي فيه كل الفوائد ، لكن هذا الحديث وبهذا اللفظ لم يصح كما كنَّا بيَّنَّا ذلك في " سلسلة الأحاديث الضعيفة " . لكن هذا الصوم الطبي الذي يُباح فيه لهذا الصائم أن يشرب بها الماء ما يشاء ومتى ما شاء ، حصل منه فوائد كثيرة وكثيرة جدًّا في شخصي وفي شخص ذلك الطالب من إخواننا هناك ، وفي غيره كثير وكثير .

وعلى سبيل - أيضًا - المثال الأخير - مع شيء من الطرافة والنكتة - ؛ هذا الذي كان يُصرع مما لمس من هذا النوع من الصوم من الفائدة ؛ صار كلما جاء إليه إنسان يشكو مرضًا ألمَّ به وعَيَا الأطباء علاجه يقول له عليك بالصوم ، عليك بالصوم ، جاءه شخص شاب ... يشكو إليه أمَّه ، وهي عجوز وأصبحت طريحة الفراش ، ولا تستطيع أن تنطلق لقضاء حاجتها ، ومع أن لها ابنتين ممرَّضتين في بعض المستشفيات ملَّتا وكلَّتا من خدمتهما لأمِّهما العجوز ، لأنو تتصوَّرون معي أصبحت في حالة يعني من القذارة بحيث أنُّو حتى الأولاد يعافون هذه الأمور ، فلما شكى ابن هذه العجوز أمرَها قال له : صوِّمْها ، وهو شرح له ماذا يعني بالصوم ؛ أي : امنعها من كل طعام ، وضع أمامها على الطاولة مثل هذه إبريق الماء والكأس ومتى شاءت تشرب ، قال يا أخي هذه تصيح وهذه عجوز وربما تموت و و إلى آخره - تموت جوعًا ... - ، ويقول له مازحًا : الحكي بيناتنا أنت ما لك مصدق أن تموت العجوز فتستريح أنت وأختاك منها ؟ صوِّمها ، فالرجل كأنَّه اقتنع ، وفعلًا وضع الماء أمام العجوز ومنع عنها الطعام بكل أشكاله ، والشراب بكل أنواعه ، هي تصيح وهم لا يردُّون عليها ؛ طعام طعام أكل ما أحد يرد عليها ، ... تشرب الماء حينما تشعر بالحاجة ، يقول ابنها الذي أخذ هذه الوصفة من صاحبنا : ما مضى إلا نحو ستِّ أيام إلا جاء يبشِّر صاحبنا بأن أمَّه قامت من فراشها وبدأت تخدم نفسها بنفسها ، وهكذا ظلَّت هي بعد أن رأت أثر هذا ... صارت هي تمنع نفسها من الطعام حتى شفاها الله - تبارك وتعالى - .

أريد من هذا أن أقول : سواء استعملت صدمات كهربائية الأطباء الماديون أو هؤلاء المُحدثون اليوم الذين سيسألون عنهم ؛ فهذه الوسيلة لا يجوز لنا أن نُبادر إلى إنكارها إلا في حالة ظهور آثارها السيئة للذين تُستعمل فيهم هذه الوسيلة الحديثة ، لذلك فما ينبغي لنا أن نخلط ما هو من الوسائل المادية التي لا تدخل في البدعة الدينية ، وبمعنى آخر نريد أن نفرِّق بين المصالح المرسلة وبين البدع الجديدة ، المصالح المرسلة هي الوسائل الحديثة التي تحدث ويتبيَّن للمسلمين أنهم بحاجة إليها ، فلا مانع من استعمالها ما دام أنها لا تصادم نصًّا شرعيًّا ، أما كونه أمر حدث فهذا ليس ... ، المستحدثات كثيرة وكثيرة ، ولكنها ليست من المحدثات في الدين ، وأنتم تعلمون جميعًا - إن شاء الله - أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( من أحدث في أمرنا هذا ) - أي : في ديننا هذا - ( ما ليس منه ؛ فهو ردٌّ ) ، إذًا يجب أن نفرِّق بين هذا وبين وسائل أخرى تدخل في الدين باسم البركة والتبرُّك وما أشبه ذلك ؛ فهذا ما دام أنه لم يَرِدْ فنحن لا نقرُّه ، أما ذاك النوع - كالصَّدمات الكهربائية - فلا ننكره ما دام أنها وسيلة من وسائل المعالجة ، هذا ما عندي .



السائل : ... .

الشيخ : لا يختلف جوابي عن ذاك ، لأن القضية قائمة على التجربة ، ... الأطباء الماديون حينما وصلت تجاربهم إلى استعمال هذه الوسيلة ، هم وصلوا إلى هذه الوسيلة بالتجارب ... هل هناك أدلة ... بمثل هذه الوسيلة أم لا ؟ لكن هم عرفوا - يعني كما قيل عن بعض الأعراب : كيف عرفت ربك ؟ قال : الأثر يدلُّ على المسير - ؛ فهم استنبطوا من هذا الاستعمال بعد التجربة أن هذه التجربة مفيدة ، لكن - مثلًا - هل هناك براهين يقصدونها بواسطة هذه الوسيلة ... ؟ ما يستطيعون أن يعلِّلوا ، لكنهم وجدوا أن هذه الصدمات هي صدمات نافعة لنوع من أنواع هذه الأمرض ، هؤلاء الآن - كما تنقلون - - ونحن عندنا لا نعرف شيئًا من ذلك - يعلِّلون أن الجنَّ الذي صرع ذاك الإنسي يتأثَّر بهذه الصدمات الكهربائية ، ممكن أن يكون الأمر كذلك ، وممكن أن لا يكون كذلك ، لكن المهم نحن نريد أن ننظر إلى آثار هذه الصدمات ، هي نفعت أم لم تنفع ، كالضرب الذي يُنقل - أيضًا - عن بعضهم من المحدثين اليوم أو من القدامى ، هذا الضرب - كما نعلم - هو بالنسبة للأحياء ... مضرٌّ ، لكن هم يقولون بالتجربة ، أنُّو هذا المصروع مهما ضربته بالعصا الغليظة مثلًا بحيث لو كان غير صريع لأوجعته ولربَّما كسرته ، إنما في هذه الحالة لا يتأثَّر ، وإنما يتأثَّر الصَّارع من الجنِّي - إذا صح التعبير ! - ، فإذًا نحن لا نستطيع أن نقول أنُّو هذا التعليل منهم هو صحيح ، لكن المهم أن ننظرَ إلى الأثر ، إذا كان الأثر مفيدًا للمصروعين فَبِها ؛ ما دام أن هذه الوسيلة أولًا لا تخالف الشريعة ، وثانيًا لا تضرُّ بالمصروع .

هذا ما عندي والله أعلم .

مواضيع متعلقة