هل يعتبر قول الصحابي حجَّة ؟ ثم ما الفرق بين فعل الصحابي وفعل السلف ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل يعتبر قول الصحابي حجَّة ؟ ثم ما الفرق بين فعل الصحابي وفعل السلف ؟
A-
A=
A+
السائل : بالنسبة للأخذ من اللحية ؛ هل يُعتبر قول الصحابي حجَّة ؟ أم هناك فرق بين فعل الصحابي وفعل السلف ، وكذلك في حديث في " حجاب المرأة المسلمة " حسَّنته شيخ ؛ أنَّ المجوس يقصُّون يأخذون .

الشيخ : يقصُّون لحاهم .

السائل : يقصُّون لحاهم .

الشيخ : نعم .

السائل : و ... أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بمخالفته فقال : ( واعفوا عثانينكم وخذوا من سائر ... ) .

الشيخ : نعم .

السائل : ومعنى الحديث ، والله أعلم .

الشيخ : إي نعم .

السائل : وكيف نوفِّق بين هذا وهذا ؟

الشيخ : أولًا قول الصحابي شيء ، وفعله الذي يُعتبر شرطًا ... قول الصحابي حجة أم لا ، لذلك هذه المسألة نتركها الآن جانبًا ، إنما فعل ابن عمر له علاقة بمسألة أخرى ؛ وهي الراوي أدرى بمرويِّه من غيره أم غيره أدرى ... من راويه ؟ هناك قواعد عديدة ، وقد يرتبط الأمر بعضه ببعض ، منها مثلًا هذه القاعدة السالفة ؛ هل العبرة برواية الراوي أم برأيه ؟ فردُّنا ثلاثة أمور ، عندنا :

1) هل يُحتجُّ بقول الصحابي أم لا ؛ هذا قول ؟

2) هل يحتج بفعل الصحابي الراوي لحديثه أم لا ؟

3) هل يحتج بفعل الصحابي إذا خالف حديثه ؟ هذه مسألة الثالثة .

المسألة الثالثة هذه لا شك أن الحق فيها العبرة بروايته وليس برأيه ، لكن المسألة الثانية - وهي الوسطى - عكسُ هذه تمامًا ؛ هل العبرة برأي الراوي وفهمه أم بفعل غيره لروايته ؟ ابن عمر يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( حفُّوا الشوارب ، واعفوا اللحى ) ، هو روى كلمة ( واعفوا اللحى ) ، هنا يرد السؤال ، هذا نصٌّ عام ، هل هذا نصٌّ عامٌّ مُطلق بحيث لا يأخذ المسلم من لحيته ولو طالت ووصلت إلى ما دون سرَّته ؟ إذا أخذنا الحديث هكذا على إطلاقه يكون المعنى هكذا ، لا يأخذ منها ؛ لأن الإعفاء مطلق ، هنا يأتي البحث في مثل السؤال السابق ، ابن عمر - رضي الله عنه - الذي روى الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجب أن نلاحظ الآن الحقيقة التالية ، أو الحقيقتين التَّاليتين :

الحقيقة الأولى : أنه رأى الرسول وسمع منه ورأى لحيته ، فهو يعلم يقينًا هل كان يأخذ منها أم لا يأخذ منها ؟ بمعنى هو يعلم يقينًا هل الرَّسول طبَّق هذا الحديث على إطلاقه ولم يأخذ من لحيته شيئًا ؟ أم أخذ منها شيئًا دون تحديد الآن ؟ هذه الحقيقة الأولى ؛ وهي أن ابن عمر سمع هذا الحديث ، ورأى الرسول الذي يتحدث بهذا الحديث .

الحقيقة الثانية : هي أن ابن عمر - رضي الله عنه - كان أشدَّ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قاطبةً وأحرصَهم جميعًا على اتباع الرسول - عليه السلام - ، في اتباعه لسنَّته إلى درجة فوق ما يقول أهل العلم إنَّه من السنة ؛ أي : إن أهل العلم يقسمون سنة الرسول - عليه السلام - إلى سنة عبادة وسنة عادة ، سنة العبادة هي التي نحن مأمورون بالاقتداء بالرسول - عليه السلام - بها ونُثاب على هذه القدوة ، أما سنة العادة فهي عادة ، لا يترتَّب من وراء ... أو تركها شيء إطلاقًا ، ابن عمر الحريص على اتباع الرسول - عليه السلام - كان يتبعه حتَّى في سنن العادة ، ولعلكم تعلمون بعض الأمثلة التي تُروى عنه في كتاب - مثلًا - ... " مجمع الزوائد " للهيثمي وغيرهما .

الآن إعفاء اللحية هل هو من سنن العبادة أم من سنن العادة ، لا شك أنها من سنن العبادة ؛ لماذا ؟ لما سبق ذكره من الحديث أولًا ، وبخاصَّة أنه جاء في بعض الروايات الصحيحة : ( وخالفوا اليهود والنصارى ) ، في رواية : ( وخالفوا المجوس ) ، والحديث الآخر في " صحيح مسلم " : ( عشر من الفطرة ) ذكر منها : ( قص الشارب ، وإعفاء اللحية ) . فإذًا إعفاء اللحية سنة عبادة وليست سنة عادة .

الآن نعود لنقول تُرى ابن عمر - رضي الله عنهما - المعروف مغالاته في اتباع الرسول - عليه السلام - حتى في سنن العادة ، هل يعقل أن يرى الرسول - عليه السلام - لم يأخذ من لحيته ولا قيد شعرة من ... ثم هو يأخذ منها ما دون القبضة ؟ أنا أعتبر القول بأنُّو نعم هذا يمكن ؛ هذا قريب يعني من المستحيل ، إلا أن ينسب ابن عمر إلى أنه كان لا يهتم باتباع سنة الرسول - عليه السلام - ، وهذا خلاف المقطوع به عند جميع علماء المسلمين . يُضاف إلى ذلك ما أشرت إليه آنفًا بأنه لم ينفرد بالأخذ من اللحية ، بل تابعه على ذلك أبو هريرة ومجاهد ، وذلك مروي في " تفسير ابن جرير الطبري " ، أضف إلى ذلك أن لم يُنقل عن أحد من السلف - فيما علمت - - (( ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها )) - لا قولًا ولا فعلًا أنه لا يجوز الأخذ من اللحية ، ولو ما أخذ منها عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - .

إذا عرفنا هذا البيان يأتي الجواب عن سؤال الأخ أنُّو الرسول - عليه السلام - نهى عن قصِّ اللحية كما تقصُّ في العادة ، نقول نعم قصُّ العادة نصَّ علماء الحنفية في فقههم أنه لا يجوز الأخذ من اللحية كما تفعل - أنا أشك الآن - قالوا كما تفعل المغارمة يومئذٍ يوم قالوا هذه العبارة ، أو قالوا كما تفعل ... ، وهم يقولون : السنة أن يأخذ ما دون القبضة إدلالًا كما ذكرنا من فعل ابن عمر - رضي الله عنه - ، إذًا كما نقول : الإعفاء بالحديث مطلقٌ وليس مرادًا ، والقصُّ في الحديث مطلق وليس مرادًا ، بل المراد في كلٍّ من الأمرين خلاف المطلق ، المراد بالإعفاء هو إعفاء ما فوق القبضة أو ما تحت القبضة وليس ما دونها ، والمقصود بالنهي عن القصِّ ... إذا زاد أن يأخذ خلاف ما أخذ ابن عمر ؛ أي : أخذ أسفل ما أخذ ابن عمر .

هذا ما عندي في هذه المسألة .

السائل : ... طيب يا شيخ ، إذا أجاز ما بعد اللحية ؟ ... .

الشيخ : سامحك الله ! كأنك ما كنت معي ؛ يمنع رؤيتهم للرسول - عليه السلام - .

نعم .

مواضيع متعلقة