رجل يسكن في قرية ، وبها مسجد فيه قبر ، ولا يوجد مسجد غيره ؛ فهل تسقط عنه صلاة الجماعة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
رجل يسكن في قرية ، وبها مسجد فيه قبر ، ولا يوجد مسجد غيره ؛ فهل تسقط عنه صلاة الجماعة ؟
A-
A=
A+
السائل : رجل يسكن في قرية ، وبها مسجد ، وهذا المسجد فيه قبر ، ولا يوجد مسجد غيره ؛ هل تسقط عنه صلاة الجماعة في هذا المسجد ؟

الشيخ : إذا كان يعرف أن المسجد الذي فيه قبر لا يجوز الصلاة فيه ، ولا يوجد - كما تقول - مسجد آخر ، ولا يستطيع هو أن يذهبَ إلى قرية قريبة منه ليصلِّي ؛ فالذي أراه أنه يجوز له أن يصلي في هذا المسجد ؛ لأنني أعتقد أن النهي عن الصلاة في المساجد المبنيَّة على القبور هو من باب سدِّ الذَّريعة ، فإذا كان الذي يصلي يعرف هذا الحكم ، ويجد له عذرًا في الصلاة في هذا المسجد ، فهو شأنه عندي شأن المصلي في وقت الكراهة ، لكنه لا يتقصَّد الصلاة في وقت الكراهة ، فتكون صلاته صحيحة إن لم يتعمَّد ، ولا كراهة فيها ، وإلا إن تعمد فمعروف أن هذا التعمُّد يُؤاخذ عليه ، وسؤالك واضحٌ جدًّا على أنه لا يتعمَّد الصلاة في هذا المسجد ، وإنما لأنه لا يجد مسجدًا آخر خاليًا من قبر ، هذا شيء ، والشيء الآخر في اعتقادي يجب على هذا إذا كان على شيءٍ من العلم أن ينشر هذه المسألة بين المصلِّين ؛ ولو بتدرُّج وعدم الصَّدع بحيث أنه يُثير مشكلة أو فتنة في المسجد ، فربما نفع الله - عز وجل - به أهلَ المسجد ، وربَّما مع الزمن يستجيبون ؛ إما لبناء مسجد جديد إذا كان المسجد طارئًا على القبر ، أو بإزالة القبر إذا كان هو الطارئ على المسجد ، واضح الجواب ؟ تفضَّل .

السائل : ... ؟

الشيخ : ما فيش عندنا هذا النَّصُّ الذي تقوله أنت يا أخي ، نحن عندنا النهي عن اتخاذ القبور مساجد ، وهذا النهي يستلزم أمورًا كما ذكرنا ذلك مفصَّلًا في كتاب خاص في هذه المسألة ، وهو المسمَّى بـ " تحذير الساجد عن اتخاذ القبور مساجد " ، فهذا النهي يستلزم النهي عن بناء المسجد على القبر ، ويستلزم النهي عن الصلاة في المسجد الذي فيه قبر ، كما سبق الكلام آنفًا ، ويستلزم النهي عن الصلاة إلى القبر .

فإذًا هذا الحديث وأمثاله فيه النهي عن كلِّ هذه الأمور ، فلو أنَّ رجلًا صلى إلى قبر ، وهذا أعرق في الضَّلال وفي الخطأ أن يصلي إلى قبر ، لكنه هو لم يتقصَّد الصلاة إلى القبر ، فصلاته تكون صحيحة ؛ لأن القصد لم يكن التوجُّه إلى القبر ، هذا مع قوله - عليه السلام - : ( لا تصلوا إلى القبور ، ولا تجلسوا عليها ) ، ولمَّا رأى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنس بن مالك يصلِّي إلى قبر قال له عمر : " القبرَ القبرَ " ، فلم يفهم اللفظة هذه أنس مباشرة ، ورفع بصره كأنه فهمَ أنه يقول : " القمرَ القمرَ " ، فأعاد عليه فقال له : " القَبر القبر " ؛ أي : احذر القبر ، وابتعد عن القبر . فلم يقل - الشاهد من هذا الأثر - لم يقل أن صلاتك باطلة ، ثمَّ نحن قلنا ما قلناه آنفًا بعد هذا التوضيح أن الأمر - أي النهي عن بناء المساجد على القبور - هو من باب سدِّ الذريعة ، فإذا كان الَّذي يصلي معذورًا كما جاء في السؤال ؛ فهو كالذي يصلي في أوقات الكراهة معذورًا ، لا فرق بين هذا وهذا ، لكن علينا نحن أن ننصحَ الناس وأن لا يبنوا المساجد على القبور ، وأن ينظروا إن كان المسجد طارئًا على القبر ؛ فيزال المسجد ، والعكس بالعكس .

نعم . تفضَّل .

مواضيع متعلقة