نصيحة الشيخ للإخوة الحاضرين بالحرص على سنة إتباع السلام بالمصافحة ، وتصحيح العبارة الخاطئة ( أنا كمسلم أو أنا كسلفي ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
نصيحة الشيخ للإخوة الحاضرين بالحرص على سنة إتباع السلام بالمصافحة ، وتصحيح العبارة الخاطئة ( أنا كمسلم أو أنا كسلفي ) .
A-
A=
A+
الشيخ : تدخلون أن يدخل الدَّاخل منكم ، ويتمِّم السلام بالمصافحة ، فاحرصوا على هذه المصافحة ؛ لأنها سنة نبوية من فعله - عليه السلام - ومن قوله ، أما فعله فقد قال أبو ذر : " ما لَقِيَنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلا وصافحَنا " ، " ما لقينا إلا وصافحنا " هذا فعله ، أما قوله كما سمعتموه من الحديث وهو قوله - عليه السلام - : ( ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان ؛ إلا تحاتَّت عنهما ذنوبهما كما يتحاتُّ الورق عن الشجر في الخريف ) ، ثم في هذه السنة - أي : سنة إتباع السلام للمصافحة - قضاء على عادة سيِّئة منتشرة في العالم الإسلامي ، فينبعي علينا نحن بصفتنا سلفيين - ولا أقول ينبغي علينا كسلفيين ؛ لأن هذا تعبير خاطئ ، ولو أنه مشهور أنا كمسلم أنا كسلفي أنا كذا ، هذا تعبير أعجمي ؛ لأنه لما تقول أنا كسلفي معناه لست سلفيًّا ، ولما تقول أنا كمسلم معناه لست مسلمًا ، ذلك من الخطأ أن يقول الإنسان أنا كسلفي أو كمسلم ، فأقول بعد هذه الجملة المعترضة القصيرة - : فنحن بصفتنا سلفيِّين يجب أن ننشر السنة على الأقل بعضنا مع بعض ، وإلا منكون من الذين يقولون ما لا يفعلون ، أما الأمارات التي لا يتيسَّر لنا نشر السنة فيها ؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله ، يكون لنا عذر هناك ، أما على الأقلِّ مجالسنا الخاصة فينبغي أن تكون دائمًا وأبدًا معمورةً بالسنة قولًا وفعلًا ، فإذا دخل الداخل منَّا وسلم على الجالسين وهم جلوس وقعود وصافحهم ؛ ففي ذلك قضاء على الوثنيَّة التي عمت البلاد الإسلامية اليوم ، يقومون قيامًا للداخل ، ويظلُّون قائمين حتى يجلس هذا الداخل ويقعد ، هذا أنكره الرسول - عليه السلام - حتى في أقدس حالة أو صورة ؛ ألا وهي الصلاة ، فقد أخرج الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أتى الناس وصلَّى بهم قاعدًا صلاة الظهر ، فقام الناس من خلفه قيامًا ، فأشار إليهم وهو يصلي أن اجلسوا ، فجلسوا ، فلما قضى الصلاة التفت إليهم وقال : ( لقد كدتم آنفًا تفعلون فعل فارس بعظمائها ، يقومون على رؤوس ملوكهم ، إنما جُعل الإمام ليُؤتمَّ به فإذا كبَّر فكبِّروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا سجد فاسجدوا ، وإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا ، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعين ) .

الشاهد قوله : ( وإذا صلى الإمام جالسًا فصلُّوا جلوسًا أجمعين ) ، فمن الواضح في هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أسقط ركنًا من أركان الصلاة ؛ ألا وهو القيام عن المصلِّين الأصحَّاء الذين لا يجوز لهم أن يصلُّوا من قعود ؛ لقوله - عليه السلام - : ( صلِّ قائمًا ، فإن لم تستطع فقاعدًا ) ، فهؤلاء يستطيعون القيام ، وقد فعلوه خلف الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، مع ذلك أشارَ إليهم أن اجلسوا ، وقال صراحةً : ( وإذا صلى الإمام جالسًا ؛ فصلوا جلوسًا أجمعين ) لماذا ؟ ليبطل وثنيَّةً ظاهرةً ، وهي جلوس الملك على عرشه وقيام الحاشية من خلفه تعظيمًا له ؛ علمًا بأن الرسول - عليه السلام - إنما جلس في الصلاة مضطرًّا ، ولم يجلس كما يفعل كسرى متكبِّرًا ، والصحابة - أيضًا - جلسوا أو قاموا قبلُ ، قاموا خلفه - عليه السلام - لربِّ العالمين - سبحانه وتعالى - ، ولم يقوموا من أجل الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، مع هذه الفوارق بين الرَّسول وصحبه ، وبين كسرى وحاشيته قال لهم : (كدتم آنفًا أن تفعلوا فعل فارس بعظمائها ) ، مع اختلافهم بالمقاصد ، فأراد حتى في الصلاة أن لا تظهرَ صورة تُشبه صورة الوثنيِّين - أهل فارس - فقال : ( وإذا صلى جالسًا فصلُّوا جلوسًا أجمعين ) ، فما بالنا نحن اليوم ليس في الصلاة نقوم قيامًا وراء الإمام الجالس ، وإنما في مجالسنا المعتادة ، فنكون جالسين ، يدخل الداخل ، نقوم له أجمعين ، ونظلُّ قيامًا هكذا كأنَّما قمنا لربِّ العالمين حتى يجلس هو ، وبعد ذلك نجلس نحن ، فهذا هو المشكلة التي حاربها الرسول - عليه السلام - بمثل قوله المعروف في الصحيح : ( من أحبَّ أن يتمثَّل الناس له قيامًا ؛ فليتبوَّأ مقعده من النار ) ، وكل داخل لا يمقت هذا القيام في قلبه بل تحسِّنه له نفسُه الأمَّارة بالسوء له نصيب صغير أو كبير من ذلك الوعيد الشديد : ( فليتبوَّأ مقعده من النار ) ؛ لأني أقول هذا لأنَّ الناس الذين يقومون منهم من يقوم ويقعد ؛ أي : لا يتمثَّل ، ومنهم من يظلُّ متمثِّلًا ما ينقصه غير يضع يمناه على يساره كما يفعل في الصلاة ، ومنهم من يطيل المكث تعظيمًا للداخل ، لذلك أذكِّركم - والذكرى تنفع المؤمنين - أن من سنن الرسول - عليه السلام - عند الملاقاة المصافحة ، وفيها ما ذكرنا من الاقتداء به - عليه السلام - أولًا ، ثم من اكتساب فضيلة المغفرة ثانيًا ثم ثالثًا وأخيرًا القضاء على عادة التمثل قيامًا ، وإن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .

السائل : جزاك الله خيرًا .

مواضيع متعلقة