نصيحة من الشيخ للسلفيين في عدم التقاطع والتدابر والتحاسد . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
نصيحة من الشيخ للسلفيين في عدم التقاطع والتدابر والتحاسد .
A-
A=
A+
إن الحمد نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يُضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله . (( يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون )) (( يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) (( ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ))

أما بعد. فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأُمور محدثاتها وكل محدثةٍ بدعة وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالة في النار.

و بعد فمن المعلوم عندنا جميعاً قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة.قالوا لمن يارسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. ) ونحن المسلمين اليوم من عامة الناس الذين يجب على كل ناصحٍ أن يوجه النصح إليهم وبصورة أخص نحن معشر السلفيين الذين يمثلون جانباً كبيراً من هذا العدد الضخم من المسلمين, ويفخرون بأن الله تبارك وتعالى قد فضلهم على كثير من المسلمين بأن يسرلهم فهم التوحيد الذي هو أصل النجاة في الآخرة من العذاب المقيم هذا التوحيد الذي درسناهُ وعرفناهُ جيداً وتحققنا به عقيدةً ولكني أشعر والأسف يملأ قلبي بأننا اغتررنا بأنفسنا حينما وقفنا عند هذه العقيدة ولوازمها مما هو معلوم من العمل بالكتاب والسُنة وعدم تحكيم غير كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. لقد وقفنا هذا الموقف الواجب على كل مسلم من الفهم الصحيح للتوحيد وللعمل بما ثبت في الكتاب والسُنة فيما يتعلق بالفقه.الذي تفرق إلى مذاهب شتى وطرائق قددا على مر هذه السنين الطويلة. لكن يبدو وهذا ماكررته في مناسبات كثيرة أن هذا العالم الإسلامي بما فيه السلفيون أنفسهم قد شغلوا عن ناحيةٍ هامةٍ من هذا الإسلام الذي تبنيناه فكرياً إسلاماً عاماً شاملاً لكل شؤون الحياة ومن ذلك السلوك والاستقامة في الطريق فكثيرٌ منا لا يهتم بهذا الجانب من الإسلام وهو تحسين السلوك وتحسين الأخلاق ونقرأ في كتب السنة الصحيحة قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار ) ونقرأ في القرآن الكريم أنه ليس من الخُلق الإسلامي أن يختلف المسلمون وخاصة نحن السلفيين بين أنفسهم لأمور لا توجب الخلاف والنزاع نقرأ في ذلك قوله تبارك وتعالى: (( ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )) وإن مما يؤسف حقاً أن نسمع ليس فقط في البلاد الإسلامية أن المسلمين يتفرقون إلى طوائف كثيرة وأحزاب عديدة حتى في المعركة القائمة بينهم وبين الكفار المستحلين لبعض الديار كإخواننا مثلاً الأفغانيين فكلنا يعلم أنهم الآن في معركة مع الشيوعين لكن مع الأسف لقد انقسموا إلى طوائف. وما سبب ذلك إلا الإعراض عن بعض ماجاء في الإسلام من التوجيه إلى الاتفاق ونبذ الشقاق والنزاع. الآية السابقة صحيحة في ذلك (( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )) أقول هذا الإختلاف وهذا النزاع لن يقف عند حدود البلاد البعيدة عنا ولكنه قد وصل إلينا نحن أنفسنا ونحن السلفيين الذين نزعم أننا نتمسك بالكتاب والسنة الصحيحة لا ننكر فضل الله علينا بما تفضل به من هدايته لنا إلى التوحيد وإلى العمل بما ثبت في الكتاب والسُنة ولكن أليس من الثابت في الكتاب والسنة أن لا نتحاسد وأن لا نتباغض وأن نكون إخوانا كما أمرنا الله عز وجل في كتابه ونبيه صلى الله عليه وسلم في سنته. نعم ذلك مما عرفناهُ معرفةً ولم نطبقه عملياً وعسى أن نطبق ذلك ونسعى إليه حثيثا. من المؤسف أن هناك شيئاً من التفرق وشيئاً من التنازع لأسباب تافهة جداً ولذلك فيجب أن نضع نصب أعيننا ما يسمى اليوم بلغة العصر الحاضر بالتسامح الديني لكن بالمعنى الذي يسمح به الإسلام التسامح الديني قد توسع دائرته إلى حيث لا يسمح به الإسلام ولكن نحن نعني التسامح بالمعنى الصحيح وذلك لأننا إذا رأينا شخصاً من غير السلفيين فضلاً عما إذا كان من السلفيين أن له رأيا خاصاً أو اجتهادا خاصا أو بل رأيناه أخطأ في شيء من تصرفاته أ، لا نبادر إلى نهره ثم إلى مقاطعته بل يجب علينا أن نسلك طريق النُصح الذي ابتدأنا هذه الكلمة بالحديث ( الدين النصيحة الدين النصيحة ... ) فإن نصحناهُ وتجاوب معنا فذلك ما نبغي وإن لم يستجيب فليس لنا عليه من سبيل ولا يجوز لنا أن ندابره وأن نقاطعه بل علينا أن نظل معه نتابعه بالنصيحة ما بين الفينة والفينة مابين آونة وأُخرى حتى يستقيم على الجادة. نحن نلاحظ في كثير من جلساتنا الخاصة فضلاً عن غيرها بأن شخصين متنازعين في مسألة كل واحد يريد أن يجر الموضوع إلى صالحه فهو لا يطرحه متجرداً عن أن يكون له أو عليه كما هو المفروض أن يكون البحث للوصول على الحقيقة التى أمر الله تبارك وتعالى وليس لأظهر أنا أني أنا المحق وذاك هو المخطئ ولذلك يجب أن نتذكر في هذه المناسبة بعض الآيات وبعض الأحاديث الصحيحة التي ما أظن أن أحداً منا تخفى عليه علماً ولكن تخفى عليه تطبيقاً وعملاً ولذلك فإني قد استحضرتُ استعانة أو إعانة لذاكرتي الضعيفة ببعض النصوص من الآيات الكريمة التي تفيدنا في هذا الصدد وتعود بنا إن شاء الله إلى أن نكون يداً واحدةً وصفا واحداً لا يُقاطع أحدُنا أحداً من إخوانه بل يتابعهُ بالموعظة والنصيحة فكلنا يعلم قول الله عزوجل : (( إنما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين أخويكم أصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون )) التقوى هنا هي أمر عام للابتعاد عن كل مخالفةٍ لله عزوجل ولنبيه صلى الله عليه وسلم, ومن ذلك الاتباع لما أمر الله عز وجل ونبيه من الهُدى والنور ومنهُ ما قدمه بين يدي الأمر بالتقوى (( وأصلحوا بين أخويكم )) فينبغي محاولة الإصلاح بين الإخوة إذا ما بدر بادرة تدل على أن هُناك يعني شيء مما يوحي بفرقة والفرقة هذه ليست محصورة بمخالفة العقيدة فقط بل وبمخالفة أحكام الشريعة التي جاء بها الإسلام الكريم فهذه آية (( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون )) فالرحمة التي نرجوها جميعا من الله تبارك وتعالى إنما يكون بتقوى الله عز وجل ومن ذلك أن نُصلح بين المختلفين كذلك جاء في القرآن (( وَاعْتَصِمُوابحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )) . لا شك أن هذه الآية وجهت إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة فإنه تعالى خاطبهم بقوله: ((وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا )) بماذا كان الإنقاذ بلا شك بإرسال النبي صلى الله عليه وسلم إليهم بكتابه الله عزوجل وببيانه عليه الصلاة والسلام تُرى هل لنا نصيبٌ من هذه الآية. نحمد الله على أن لنا نصيباً لا يُستهان به في مخاطبة الله عز وجل في هذه الآية الكريمة وخاصة في وسطها (( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا )) ما الذي ألف بيننا وجمعنا هُنا وهناك؟ إنما هو الإيمان بوجوب الرجوع إلى الكتاب وإلى السنة والتحاكم إليهما دائماً وأبداً فيما إذا بدر أو ظهر هُناك ما يوحي بالاختلاف والافتراق كما قال تعالى بالآية التي تعرفونها جيداً (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ,ذلك خير وأحسن تأويلاً )) هذا مما أنعم الله تبارك وتعالى علينا وامتن به بقوله عزوجل مخاطباً إيانا بعموم النص بينما خاطب الصحابة بخصوص النص ألا وهو قوله : (( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا )) كنا كما نعيش اليوم أكثر المسلمين وهم مسلمون لكنهم كثير منهم إذا لم نقل يصدق فيهم قوله تبارك وتعالى: (( وَمَا يُؤْمِن ُأَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ )) فنحن والحمد لله قد أنقذنا الله عز وجل من الشرك بل من كل أنواع الشرك فهذه من أكبر النعم علينا ولكن علينا أن نحقق تمام نعمة الله علينا بأن نتفق وأن لا نختلف كما تأمرنا هذه الآية في مقدمتها (( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَاتَفَرَّقُوا )) مما يؤكد أو مما يكون سبباً للمحافظةِ على وحدة الصف ووحدة الكلمة ولو صدر من هناك ما يوحي بالخلاف. قلت آنفا التناصح في دين الله عز وجل لكن هذه النصيحة يجب أن تكون كما أمر الله عز وجل: (( ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إنّ ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين)) (( ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة )) هذا نقرؤه في القرآن دائماً وأبداً لكننا مع الأسف كثيراً ما نخرج عن الآية ولا نطبقها ولا ندعو إخواننا في المشرب وفي المنهج السلفي فضلاً عن غيرهم نادراً مانسلك هذا السبيل وهذا الطريق الذي أمرنا الله تبارك وتعالى به (( ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )) المجادلة بالتي هي احسن تتطلب ما قلناهُ آنفاً شيئاً من التسامح شيئاً من التسامح وهذا التسامح يستلزم منا شيئين اثنين: الشيء الأول أن نُخطر في بالنا. أن يُخطر كلُ منا في باله أنهُ لم ينزل عليه الوحي بما عندهُ من رأي فهو ممكن أن يكون المخطئ وأن يكون الشخص الذي يجادله ويناقشهُ هو المصيب ينبغي لكل منا حينما يناقش صاحبه أن يستحضر هذه البدهية أننا لسنا معصومين مهما كان الواحد منا متعلماً أو عالماً, فكثيراً ما يتحقق قول العلماء " قد يوجد في المفضول ما لا يوجد في الفاضل " قد يكون العالم على خطأ والمتعلم على صواب قد يكون المتعلم على خطأ والأمي الذي لا يعلم يكون على صواب وهذا الاستحضار لهذه الحقيقة مما يجعل الإنسان متأنياً متلطفاً مع صاحبه في المناقشة وهذا أدب مأخوذ من القرآن الكريم لأن الله عز وجل قد ذكر في كتابه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخاطب قومه المشركين وشتان بين المشركين في ضلالهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في هُداهم مع ذلك قد أدبه الله عز وجل بهذا الأدب السامي الذي عبرنا عنه بالتسامح فقال في القرآن الكريم: (( وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قُلْ لَا تُسْأَلُو نَ عَمَّا أَجْرَ مْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ )) فهذا منتهى التسامح في أثناء المناقشة وليس فيه أن يتنازل المسلم عن عقيدته ولكن فيه افتراض أنّ أحد الفريقين هو على خطأ والأخر على ضلال. من هذا هو الفريق ؟ لم يحدده هنا لكنه دائماً وابداً حينما يدعوهم إلى الإيمان ويقول لهم إنهم إن كفروا بما جاء به من عند الله يقول لهم: (( إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ )) في الوقت الذي يُفصح لهم بعقيدته وبمصيرهم فيما إذا استمروا في مخالفه ويقول لهم حينما يجادلهم: (( وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ )) هذا خطاب الرسول عليه السلام للمشركين فكيف ينبغي أن مخاطبة أحداً لواحدٍ منا؟ لا شك أنه يحب أن يتواضع لهُ وأن يتسامح معُه وأن لا يحمل عليه حملة شعواء فيتباعد عنهُ كما يتباعد العدو عن عدوه. هذه الآية هامة جداً وعلينا أن نتذكرها جيدا. (( وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَ مْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ )) وهناك بعض الأحاديث الصحيحة التي أيضاً نحن بحاجة إلى أن نتذكرها عمليا وليس فقط فكراً وعلماً وهو قوله عليه السلام: ( لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله أخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) . ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) . لماذا يهجره تباغضاً وتحاسداً لا لأمر شرعي لا لأنه عصى الله ورسوله لوإنما أسوأ ما يقال أنه عصى الله ورسوله بسوء فهمه عندي لكن هو لم يجاهر بالمعصية ولم يعتقد أنّ هذه معصية ومع ذلك فهو يعصى الله عزوجل فجاء أحدنا وقاطعهُ هذه المقاطعة مشروعة ولا شك لكن التقاطع في سبيل اختلاف الأفكار وفي المفاهيم هذا من التدابر المنهي عنهُ في أول هذا الحديث ( لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا ... ) أيضاً هذه الخليقة أو هذا الخلق وهو التحاسد مما دب بين بعض إخواننا السلفيين فهناك تخاصم أحيانا في بعض المواطن هل الذي يتولى إلقاء الكلمة أو إلقاء الدرس هو بكر أو عمر لا أنا أولى لا هذاك أولى ياجماعة اتقوا الله في انفسكم إذا كان هناك إنسان له شئ من المعرفة ومن العلم وأراد أن يُلقي مايعلمه بين الناس فدعوه فليتكلم وأعينوه على ذلك ولا تنظروا إلى انفسكم بمنظار الاستعلاء والاستكبار عليه لأنك أنت تنظر أنه دونك في العلم. وقد يعكس هو القضية فيبدأ الشقاق ويبدأ النزاع ويحصل من وراء ذلك هذه الأمور التي نهى عنها الرسول عليه السلام في هذا الحديث الصحيح ( لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله اخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) هذا الهجر يجب قطعهُ وإنهاؤه هذا الحديث في الواقع من رحمة الله عز وجل على عباده لأنه لم يمنع الهجر مطلقاً فقد افسح المجال لبعض النفوس المريضة أن تشفي غيظها وحقدها وحسدها في ظرف ثلاثة أيام يكفي الإنسان أن يروي غيظ نفسه بهذه الثلاثة ايام سُمح له بذلك ولكن إذا جاوزها فقد ارتكب الحرام وكما سيأتي في بعض الأحاديث الصحيحة أنه بذلك أي إذا جاوز الأيام الثلاثة التي سمح له الشارع فيها بالمقاطعة فهو يستحق دخول النار. جاء في الحديث الآخر بعد قوله عليه السلام: ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) أي إذا كان من الصعب على هذا المسلم الذي هجر أخاه ثلاثة أيام ترخصا ولكنه لم ينس هذا الوعيد الشديد من النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يحل له الاستمرار بعد ثلاثة أيام فأقل ما ينجو من الهجر والوعيد المترتب عليه أن تتحقق المودة بين المُتهاجرين بعد ثلاثة أيام التي كانا فيها المتهاجرين فوراً مباشرةً يكفي للخلاص من هذا الوعيد بأن يبدأ أخاه بالسلام وبعد ذلك فالسلام يجر الكلام والكلام يجر المودة والزيارة ونحو ذلك وكما قيل أول الغيثُ قطرُ ثم ينهمر. فلا اقل من أن يبادر المسلم أخاه الذي كان هجره في ثلاثة أيام بالسلام . وفي ذلك الخلاص من وعيد المُهاجرة لثلاثة أيام. اسمعوا هذا النص النبوي من النبي صلى الله عليه وسلم وما فيه من الوعيد لمن يهجر أخاهُ بغير حقٍ قال صلى الله عليه وسلم: ( تُفتح ابوابُ الجنةِ يوم الاثنين والخميس ) - أعطونا شوية مي بالله - ( فيغفر لكل عبد لا يُشرك بالله شيئاً ) هذا نحن نستبشر به خيراً لأننا نحن الدُعاة إلى التوحيد ونحن الذين نرفع راية الدعوة إلى التوحيد وإلى نبذ الإشراك بالله في أي نوعٍ من أنواع الشرك فأنا أظن أننا دخلنا الجنة فوراً دون حساب ولا عذاب وكما يقال اليوم ترانزيت لأننا موحدون لا نشرك بالله شيئاً. ليس الأمر كذلك اسمعوا هذا الحديث وعوه وحاولوا أن تتمثلوه في منطلقكم في حياتكم ( تفتح ابواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبدٍ لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلُ كان بينه وبين أخيه شحناء فيقال انظروا هذين حتى يصطلحا. انظروا هذين حتى يصطلحا. انظروا هذين حتى يصطلحا ... ) يعني اصبروا عليهم لا تغفروا لهم حتى يصطلحا ويعودا أخواناً على سُررٍ متقابلين... ( تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس فيُغفر لكل عبدٍ لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلُ كان بينه وبين أخيه شحناء فيقال انظروا هذين. انظروا.هذين انظروا هذين ) ثم قال عليه السلام في حديثٍ آخر ( ثلاثة لا ترفع صلاتُهم فوق رؤوسهم شيئأً. رجل أم قوما وهم لهُ كارهون. وإمرأة باتت وزوجها عيها ساخط وأخوان متصارمان. وأخوان متصارمان ) أي متقاطعان متدابران. إذاً أمر المقاطعة والمهاجرة والمتاركة بدون مبرر شرعي سوى الاختلاف في الرأي هذا من آثاره السيئة أنّ الصلاة لا ترفع إلى الله ولا تُقبل كما قال تعالى : (( إليه يصعد الكلام الطيب والعمل الصالح يرفعهُ )) . فصلاة هذين المتصارمين لا ترفع إلى الله تعالى ولا تقبل.كثيراًماتقع المقاطعة والمصارمة بما يخطر ببال الإنسان من الظنون والأوهام تجاه اخيه السلم. فجاء هذا الحديث الأخير ليحذرنا وينهانا عن أن نظن بالمسلم ظن السوء .فيقول عليه الصلاة والسلام: ( إياكم وظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله أخوانا كما أمركم الله تبارك وتعالى ) في أول الحديث ينهانا عن الظن بالأخ المسلم ويعلل ذلك بأنه أكذب الحديث أن تقول فلان كذا وفلان كذا وليس عندك على ذلك برهان من الله أولا ثم لو كان عندك على ذلك برهان يُجيز لك أن تظن بأخيك ظن السوء. فلا يجوز لك أَنْ تستغيبه بل عليك أن تُبادر كما قلنا في أول الكلمة هذه إلى نصحه وإرشاده وتوجيه الوجهه التي تراها أنت مطابقة للشريعة. وكثيراً مايدفع سوء الظن هذا المسلم المسيء ظنهُ بأخيه المسلم.إلى ارتكاب هذه المخالفات التي عطفها الرسول عليه السلام على المنهي من الظن بالمسلم بقوله: ولا تجسسوا ولا تحسسوا. التجسس هو تتبع اخطاء المسلم بغمزه ولمزه والطعن فيه والتحسس بعض العلماء يقولون إنهما بمعنى واحد ولكن الحقيقة أن التحسس له معنى غير معنى التجسس لأنه لا يصح في بعض الأحيان أن نقيم لفظة التجسس مقام التحسس ففي القرآن الكريم قول يعقوب عليه السلام لنبيه: (( اذهبوا فتحسسوا من يوسف )) فالتحسس هو تتبع أخبار الشخص والاستماع إلى ذلك فهنا التحسس كأنه في الحديث أخص من التجسس. التجسس يكون في الخير ويكون في الشر. أما التجسس ففي الشر وحده. فالرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ينهي عن الأمرين ينهي عن تتبع أخبار الإنسان وعن التجسس عليه لأن الأمور بمقاصدها فإذا كان المقصود من التحسس الوصول إلى الخير فلا بأس فيه. أما التجسس فليس فيه خير إطلاقاً. لذلك لا يجوز للمسلم أن يتحسس وأن يستمع لحديث المسلم بقصد تتبع الخطأ والعورة وإيقاعه فيما لا يرضاه ( ولا تحسسوا ولا تحاسدوا ) ولماذا يحسد الإنسان أخاه السلم هذا أمر مع الأسف الشديد يكاد يكون مفطوراً في الإنسان أقول يكاد لأني لا أعتقد أن الله عزوجل فطر الإنسان على أن يحسد أخاه المسلم, ولذلك قلت يكاد يكون مفطوراً لكثرة ما يغلب على الناس من الحسد والحقيقة أن داء الحسد داء عضال وكثيراً ما يظهر بين الأغنياء الغناء المادي المالي والغناء العلمي فالغني مالاً يُحسد من مثله والغني علماً يُحسد من مثله. ثم يكون ذلك سبباً لدخول البغضاء بين المتحاسدين فيقول الرسول عليه السلام تأديباً: ( ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله أخوانا كما أمركم الله تبارك وتعالى ) يعني في قوله تعالى: (( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا )) فهذه كلمة وموعظة نسأل أن ينفعنا الله تبارك وتعالى بها وأن يحقق فينا الإخوة الصادقة التي أشعر أننا بحاجة إلى تحقيقها جميعاً. نسأل الله عزوجل أن يعيننا على طاعته وبكل ما أمر. وسبحانك اللهم وبحمد أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

مواضيع متعلقة