تنبيه على مسألة مسابقة المأموم للإمام ( بآمين ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تنبيه على مسألة مسابقة المأموم للإمام ( بآمين ) .
A-
A=
A+
الشيخ : ليس معنى الحديث كما تفعلون تسابقون الإمام بالتّأمين لا يكاد الإمام ينتهي من قراءة (( و لا الضالين )) و يقف بالنون الساكنة الواضحة ليأخذ نفسا ليقول رافعا صوته آمين فإذا الجمهور من المصلين يسبقونه بآمين لماذا ؟ و على ماذا يدل هذا ؟ على غفلة المصلين و أنهم لا يحضرون عقولهم مع قراءة القارئ الإمام الذي بين أيديهم ولذلك فهم يقعون في مثل هذه المخالفة الجلية و إن تعجب فعجب كل العجب أن هناك أحد إخواننا الذين يخطبون كل جمعة في مسجد صلاح الدين ألا و هو الأستاذ الفاضل أبو مالك كلكم يعرفه إن شاء الله في كل صلاة جمعة لا يكبر إلا بعد أن ينبّه الحاضرين الذين سيصلّون خلفه لا تسبقوني بآمين و يا سبحان الله كأنما يتكلم بالجماد فما يكاد يقرأ أول ركعة (( و لا الضالين )) إلا و يضج المسجد بآمين قبل أن نسمع تأمينه بل لا نسمع تأمينه لأنه يذهب مع تأمين المصلين بدل ما يذهب تأمين المصلين مع تأمين الإمام . لذلك أذكركم (( و الذكرى تنفع المؤمنين )) بهذا الحديث الصحيح ( إذا أمّن الإمام فأمّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر ما تقدم من ذنبه ) أنا أعتقد أن سبب هذه الغفلة يعود إلى أهل العلم هذا إن كان هناك من يصح أن يسمى بأنهم من أهل العلم لأنّنا ندين الله و نعتقد جازمين أن العلم ليس هو أن يقرأ الفقيه بل المتفقّه كتابا من كتب مذهب من المذاهب الأربعة المتّبعة من مذاهب أهل السنة و الجماعة ثم هو لا يدري أهذا الذي قرأه هو ثابت بالكتاب أم بالسنة أم بإجماع الأمة و أن هذا الإجماع إن كان منقولا هل هو إجماع ثابت صحيح أم ثبت ذلك بالقياس و بالرأي و الاستنباط ثم هل هذا القياس قياس جلي أم خفيّ , هل هو صحيح أم ضعيف ؟ ليس الفقه أن يقرأ كتابا من تلك الكتب ثم هو لا يدري من أين جاءت هذه المسائل التي يقرأها ثم يتبناها ثم ينشرها ليس هذا هو العلم العلم كما قال ذلك القائل العالم المحقّق حقّا ألا و هو ابن قيم الجوزية رحمه الله :

" العلم قال الله قال رسوله ... " إلخ فالآن لا تكاد تجد عالما بحق ينشر السنة بين الناس ينشر بينهم أقواله عليه السلام و الصحيحة منها ليس كل ما ينسب للرسول هو حديث ثابت صحيح فلذلك ليس العلم كما قلت آنفا حاكيا عن بعضهم إنما العلم قال الله قال رسول الله فقل من تجد ينشر أقوال الرسول الصحيحة و أفعاله الثابتة فمن هذه الأقوال الصحيحة التي اتفق على روايتها الشيخان الجليلان البخاري و مسلم رحمهما الله تبارك و تعالى: ( إذا أمّن الإمام فأمّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر ما تقدم من ذنبه ) ، كان سلفنا الصالح إذا حديثا هو دون هذا في الأهمية و كل أحاديث الرسول عليه السلام مهمّة و لكنّها تستوي فالحديث الذي يتضمّن فرضا ليس كالحديث الذي يتضمّن سنّة و هكذا دواليك . كانوا يقولون لو سافر المسلم سفرا خاصّا و في تعبيرهم لو شدّ الرّحل لهذا الحديث فقط لكان شدّه للرحل ثمنا بخسا لذاك الحديث الواحد و ها أنتم و الحمد لله يتاح لكم أن تسّمعوا مثل هذا الحديث في لحظات معدودات فلماذا لا تهتمون لتحصيل هذا الأجر العظيم الذي رتّبه رب العالمين على لسان نبيه الكريم أن يغفر لكم ذنوبكم بماذا ؟ فقط أن لا تسبقوا الإمام بآمين ,انظروا كيف يصدق هنا و في كلّ ما شرع الله قوله تبارك وتعالى: (( و كان فضل الله عليك عظيما )) ( إذا أمن فأمنوا ) ما هي النتيجة و ماهو الثواب ؟ يغفر الله لهؤلاء ذنوبهم فلو عشنا حياة نوح عليه السلام كلها في طاعة الله عزّ و جلّ و عبادته و ضمنّا أن يغفر الله لنا لكان أيضا هذا الجهد المديد الطويل الذي فرضنا أنه حياة نوح عليه السلام أيضا لكان الثمن بخسا فما بالنا لا نهتمّ أولا بتطبيق هذه السّنة في أنفسنا ثم في نشرها بين هؤلاء الناس الغافلين أردت أن أذكر بهذه السنة لأنّنا دعاة إلى السّنة , لأننا نزعم أنّنا دعاة إلى السنة لكن الواقع أننا مقصرون في اتباع السّنة قد نكون مجتهدين في الدعوة إلى السنة بالكلام لكنّنا قد نكون بل نحن كائنون مقصرون في تطبيق السنة في أكثر ساحاتها و مجالاتها ماهي دعوتنا ؟ دعوتنا دعوة الكتاب و السنة لكن الحق و الحق أقول إن هناك دعوات و دعوات كثيرة جدّا في الأرض الإسلامية اليوم كلها تعلن الدعوة للكتاب و السنة و لكن في هذا العصر خاصة لا يكفي أن تكون دعوة الدعاة محصورة في هذين الأصلين و لا بد منهما الكتاب و السنة , لا بد منهما لكن لا بد أن يضاف إليهما شيء ثالث و ليس هذا من عندي و لا من عند غيري ممن سبقنا من أهل العلم و الفضل و إنما هو من رب العالمين الذي أنزل على قلب رسوله الكريم (( و من يشاقق الرسول من بعد تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولى و نصله جهنّم و ساءت مصيرا )) فأرجو أن تنتبهوا لهذه الآية لتفهموا أنها آية صريحة الدلالة أن هناك شيئا آخر ينبغي أن يضاف إلى الأصلين المذكورين آنفا و والمجمع على أن الإسلام قائم عليهما الكتاب و السنة كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح المشهور: ( تركتم على أمرين لن تضلوا ما إن تمسّكتم بهما كتاب الله و سنتي و لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض ) فهذان الأصلان اتفقا عليهما بين علماء المسلمين قديما و حديثا لكني قلت ينبغي أن نلاحظ ضميمة ثالثة لا يستقيم القيام على الكتاب و السنة لمن لم يضمّ هذه الضميمة الثالثة و هي التي تستفاد من قوله تبارك و تعالى في الآية السابقة: (( و يتبع غير سبيل المؤمنين )) (( و من يشاقق الرسول من بعد تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيرا )) إذا هذه الآية تعطينا دلالة بمفهوم المخالفة أن اتباع سبيل المؤمنين هو سبيل الوصول إلى جنّة النعيم ومخالفة سبيل المؤمنين هو الطريق لدخول الجحيم إذا يجب علينا نحن الذين ندعو إلى الكتاب والسنة أن تكون دعوتنا قائمة على الكتاب و السنة و اتباع سبيل المؤمنين و هنا لا بد من وقفة لأن كثيرا من الناس يظنون أن سبيل المؤمنين هم جماهير المسلمين اليوم على عجرهم و بجرهم على عالمهم و متعلمهم و جاهلهم على العامل بالعلم والنابل للعلم عمليا ليس هذا هو المقصود بسبيل المؤمنين و إنما المقصود بسبيل المؤمنين هم المؤمنون الأولون الذين ذكروا في الحديث المتواتر صحة عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الذي يقول: ( خير الناس ) و لا تقولوا ولا ترووا الحديث خير القرون الحديث مع كثرة طرقه و أكثرها صحيحة و الحمد لله و في الصحيحين ليست فيها خير القرون قرني و إنما فيها ( خير الناس ) هكذا ارووا الحديث ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) هؤلاء هم المؤمنون الذين أوعد الله عزّ و جلّ من شاقق الرسول و خالف سبيل المؤمنين قال تعالى: (( نوله ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيرا )) .

مواضيع متعلقة