نصيحة الشيخ للناشئين في علم التخريج بالتروي عند إصدار الأحكام . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
نصيحة الشيخ للناشئين في علم التخريج بالتروي عند إصدار الأحكام .
A-
A=
A+
الشيخ : وضح لك جوابي ؟

السائل : نعم .

الشيخ : عندي شيء ما كنت ذكرته هناك ، خطر في بالي فيما بعد وهو نحن ننصح إخواننا الناشئين في هذا العلم بالتروي في إصدار الأحكام ومن التروي أن ينظروا شخصاً من العلماء المتقدمين سبقهم إلى مثل هذا الحكم الذي قد يذهبون إليه ؛ لأنني انا وقد بلغت هذا السن ، في هذا العلم ما عرفت حتى هذه الساعة عالماً من علماء الحديث ادعى هذه الدعوى ، بل كل علماء الحديث الذين خصصوا كتبهم في الأحاديث الصحيحة مضوا على أن هذا الحديث صحيح ، كابن حبان وابن خزيمة ، والمنتقى لابن الجارود ، ونحو ذلك ، أضف إلى هذا بأن العلماء الذين جاءوا من بعد وخرجوا الحديث ما أحد منهم ذكر أن هذا الحديث شاذ ، وهنا يحتاج إلى شيء من الأناة خشية أن يدخل في الموضوع ، شيء قد لا ينتبه له بعض الناس ؛ لأن مكر الشيطان ببني الإنسان خبيث جداً يعني ، ولذلك ليكون له كضمان من أن يكون قد انحرف شيئاً ما عن الخط الذي سار عليه جمهور علماء الحديث ، فلا بد أن يستأنس برأي من سبقه في ذلك ، يعني هذا الحديث مثلاً من المتأخرين ابن القيم الجوزية مصححه ، فضلاً عن المتقدمين الذين ذكرناهم . بلا شك نحن لعلنا سباقين في عدم التقليد وفي النهي عن الاتباع الأعمى .. ووإلخ . لكن هذا ليس معناه أن نقفز الغزلان ، إلى الطرف المعاكس تماماً فلا نعتد بجهود العلماء كلهم ، وإنما نتئد ولا نستعجل حتى لا نقع يوماً ما في خطأ علمي نخالف أولاً قواعد علم الحديث ، وثانياً أئمة الحديث الذين سبقونا من قبل هذا الذي خطر في بالي أن أذكره وما ذكرته هناك ، هناك ذكرت شيئاً وهو أن هذا الحديث حديث وائل بن حجر ، برواية زائدة بن قدامة ، (ورأيته يحركها يدعوا بها) ، لو كان هناك مجال لادّعاء ضعف هذا اللفظ من حديث وائل ، لكان الإمام البيهقي استراح منه ولم يتكلف ذاك التكلف الذي نشهد نحن بأنه كان في غنىً عنه ، لو كان يجد مساغاً وسبيلاً في تضعيف حديث وائل بن حجر بهذا اللفظ . ماذا فعل ؟ لقد أورد هذا الحديث في جملة ما أورد من أحاديث فيما يتعلق بتحريك الأصبع والإشارة بالإصبع قبل أن يورد حديث عبد الله بن الزبير ، من طريق الإمام أبي داوود في سُننه حيث رواه أبو داوود ، بلفظ: فأشار بإصبعه ورأيته لا يحركها. ، فقال البيهقي والجمع بين حديث وائل الصريح بالنفي وبين حديث " عفواً " بين حديث ابن الزبير الصريح بالنفي وحديث وائل الصريح بالإثبات ، قال لعل هنا عبرتان : أولاً : أنه ما قال هذا الحديث الذي رواه عن ابن الزبير عليه العمل ، أما حديث لا يحركها هو شاذ ، لو كان كذلك لاستراح من قضية الجمع ، لكنه لم يفعل شيئاً من ذلك وإنما قال ، والعبرة الثانية قوله : لعل المقصود من حديث وائل يعني يشير بها ، حتى لا يختلف حديث وائل مع حديث ابن الزبير ، وهذا إمام من أئمة الحديث المتأخرين عن ابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود في المنتقى الخ، فما الذي حمله على هذا الجمع هو القاعدة المعروفة بين علماء الحديث ، إنه بخاصة وبتعبير ابن حجر في شرح النخبة أنه إذا جاء حديثان متعارضان من قسم المقبول وجب التوفيق بينهما إذا أمكن ، فإذا لم يمكن صير إلى اعتبار الناسخ من المنسوخ ، فإن لم يمكن صير إلى الترجيح أي الأقوى على القوي وهكذا فإذا تساووا في القوة حينئذٍ ترك الأمر لعالمه ، فإذا البيهقي لسان حاله ، وكما يقول العلماء لسان الحال أنطق من لسان المقال ، يقول لك : حديث وائل بن حجر بلفظ يحركها حديث صحيح ؛ ولذلك حاول أن يوفق بين الحديثين هذا ما قد ذكرته هناك ، فيضاف إلى ما ذكرته هنا ؛ لأن المسألة تأخذ شيئاً من القوة ، طيب غيره .

الحلبي : شيء هنا من باب الإضافة : الحافظ بن حجر رحمة الله عليه ، في فتح الباري في الشرح طبعاً قد يذكر أن ابن العربي ادعى ضعف زيادة وردت في بعض الأحاديث ؛ لأنها من طريق زائدة ، قال : وتعقبه شيخنا الحافظ العراقي بأن زائدة ثقة كبير لا يضر انفراده فيما لو انفرد ، فمثله لا ينفرد في الواقع لأن فعلا ترجمته يعني بيضاء جداً حطوه في شعبه ومع كذا وأكبر منه .

الشيخ : صحيح ، بعض العلماء قالوا فيه ثقة ثبت ، حتى هذا ذكرته أنا هناك ، فسألني أحد الطلبة يظهر عنده اشتغال وهذه ظاهرة طيبة في الواقع أن تكثر هذه الأسئلة ، قال لي : أنت قلت إن زائدة بن قدامة ، قالوا عنه بأنه ثقة ثبت بمناسبة انك صححت حديث رأيته يحركها ، قلت نعم ، قال : هل هذا خاص في روايته عن عاصم بن كليب ، أم هو عام ؟ قلت له : أيهما أقوى ؟ قال : إذا كان عاماً ، قلت : فهو عام ، وهو ثقة ثبت في كل من يروي عنه .

الحلبي : هو لما سأل يريد الأولى ؟

الشيخ : نعم .

الحلبي : هو لما سأل يريد الأولى ؟

الشيخ : هو هذا ، لكن لا هي بالعكس تماماً ، أي نعم .

مواضيع متعلقة