تتمة كلمة إبراهيم شقرة حول التصفية والتربية والمنهج . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة كلمة إبراهيم شقرة حول التصفية والتربية والمنهج .
A-
A=
A+
السائل : ولست أحسب إلا أننا جميعا في مثل هذا المجلس الذي يضمنا الآن , وفي غيره من المجالس التي اعتدناها ونأخذ فيها العلم الكثير عن شيخنا إلا أننا نؤكد في كل يوم للدنيا جميعا أن منهج الحق لا يمكن إلا يثمر ثماراته وأن يؤتي أكله , ولا أقول أن ثمار هذا المنهج أو أكله يأتي به الطمع في أمر طمعت فيه جماعات كثيرة وأحزاب عديدة , وإنما أقول يأتي بالحق الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم للدنيا وأشار إليه شيخنا في مثل قوله تعالى: (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً )) , وهذا المنهج الذي يقوم على دعامتين أو أساسين عظيمين ألا وهما التصفية والتربية , وأحسب أن واضع هذه النظرية أو القائل بها أو الذي أحياها على الأقل لم يكن لأحد بعد القرون الأولى من فضل في إحيائها إلا لشيخنا حفظه الله فالتصفية والتربية في العقيدة والشريعة والأحكام والعمل والسلوك هو ما ينبغي أن يحرص عليه كل مسلم ومن هنا فإن وصيتي لإخواني في هذا المجلس وفي غيره من المجالس الأخرى تتمثل في ثلاث مسائل , أما المسألة الأولى : هو أن نحرص على العلم حرصا يوثقنا إليه بوثاق متين لا ننفك عنه ولا ينفك منا ولا نرى في غيره نجاة لعقولنا وقلوبنا , أما نجاة العقول فتتمثل بالفكر والاجتهاد وحسن التلقي والأخذ من هذا العلم بالقدر الذي ينشأ العقول تنشئة ويربيها تربية تقتدر بها على التمييز ما بين الخبيث والطيب وأن تدفع الباطل بالحق وأن ترفع الهدى لتطمس به الضلال والزيغ . أما ثانيا : أن نحسن العمل بهذا العلم الذي نتلقاه ونحرص عليه ولا ينبغي أن نزهد بالشيء من العلم إطلاقا وإنما علينا أن نتحرى مسائله كلها وأن نعلم علم اليقين بأن الواحد منا لا يزداد بطلب العلم والحرص عليه إلا حرصا يدفعه إلى حرص آخر لأنه كلما علم وكلما شدا وارتفع وظن أنه أخذ نصيبا من العلم يدرك أنه لا زال على شيء كبير من الجهل والمعرفة ولذك قيل قديما: " من ظن أنه صار عالما فقد ازداد جهلا " لذلك علينا أن نحرص على طلب العلم حرصا شديدا وأن نتحراه في مظانه التي نعرف منها الكثير الكثير ولا داعي لبيان هذه الكتب وهذه المصادر وهذه المناهج العلمية الصحيحة التي نشأنا وتربينا عليها وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء , ولا شك أنه لا يمكن أن يستقيم الإنسان الاستقامة الصحيحة على الجادة وأن يكون ذلك الإنسان الذي ينتمي إلى هذا المنهج وأن يعد نفسه بأنه يسير على قدم المصطفى عليه الصلاة و السلام وأنه إنسان يميزه عن الناس أو عن الناس يميزه شيء يجعله ظاهر فيهم بسلوكه إلا هذا العلم الصحيح , ومن هنا نعلم أننا يجب أن نتعلم وأقول نتعلم ونتعلم ولا يظن ظان بأنه إذا حاز بعض المسائل أو قرأ بعض الكتب من تفسير أو حديث أو فقه أو عربية أو غير ذلك بأنه حاز علما كثيرا . العلم لا ينتهي ولازال العالم عالما ما طلب العلم، فهذه مسألة يجب أن نؤكدها لأنفسنا وأن نجعلها ديدننا وأن تكون شيئا من عبادتنا ربنا لأن عبادة الله لا تستقيم إلا بالعلم ولا تقبل إلا بالعلم وسلوك الواحد منا ينبغي أن ينضبط انضباطا كليا بما يتعلم . وأنا أدندن وأكرر الحديث حول بعض المسائل الأخلاقية التي وللأسف الشديد ربما تحتاج منا على الأقل إلى التذكير الدائم فينبغي أن يكون أول ما نتعلم من العلم أن نحسن الظن بإخواننا المسلمين ليس من كان على منهجنا فقط وإنما من كان على غير هذا المنهج أيضا ما دمنا نعلم أنه يفعل الحق ويقول الحق ويلتزم الحق وشيء آخر ينبغي أن نتعلمه أن يرخص بعضنا بعضا في مجالسنا الخاصة والعامة وأن يكون دفاعنا عن أنفسنا أننا نعرف قدر أنفسنا بالعلم الذي تلقيناه من هذه الكتب العظيمة الوافرة وبخاصة ما كتبه لنا شيخنا وقدمه لنا في العقيدة و في الفقه وفي الرجال وفي قواعد التحديث وفي غيرها من المطالب العلمية العالية التي لا يمكن يصيب الطالب منها مطلبا إلا وهو قد حصل في نفسه به خيرا كثيرا وشيء آخر الذي ينبغي أن نذكر به وهو ما دمنا نتكلم حول هذه القضايا من الأخلاق والآداب أن أخلاق الداعية لاتكون سليمة إلا أن يكون صان نفسه عن أعراض إخوانه وأمكن لنفسه أن يحسن الظن فيهم على الأقل بما يعرفه على الأقل من حسن اعتقادهم ومعتقدهم ومن التزامهم أيضا المنهج وأن يغفر بعضنا لبعض زلته التي يزل بها حتى تكون قدمه ثابتة لا تزل لأنه كما يزل الآخرين الآخرون يزل هو وكما تعرض هو بطعنه ونقده على الآخرين هو أيضا ينال منه كما نال من الآخرين. كما أن الأمر الثالث والمسألة الثالثة فهي أن ندعو الناس على بصيرة، والبصيرة لا تكفي أن تكون العلم وإنما ينبغي أن يكون العلم والتطبيق معا , فإن الداعية لا يكون داعية بلسانه فقط وإنما هو داعية بسلوكه وعمله فإذا رأى الناس منه سلوكا حميدا و عملا ملتزما وتأسيا تاما بالرسول صلى الله عليه وسلم وأن يأخذ لنفسه بذلك كله فإن الناس سوف يأتون إليه ويأخذون منه وسوف يبارك الله تبارك وتعالى في علمه وفي دعوته الناس وينفع الله به الناس كثيرا جدا . وهذا أمر ينبغي أيضا أن نحرص عليه أشد الحرص. وهذه المسائل الثلاثة أوصي بها إخواني وأوصي بها نفسي قبلهم وإن كنت أعلم أنني من أول المقصرين ولكن لا بأس بأن يذكر بعضنا بعضا بما نعلم من حق نلتزمه أو خطأ نقع فيه حتى يكون قول الله تبارك وتعالى فينا شاهدا حاضرا ما دمنا نتحرك على سطح الأرض وما دمنا نظن في أنفسنا أننا على منهج الحق إن شاء الله (( وَالْعَصْرِ* إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ )) وشيء أخير يا إخوان أقوله بصراحة أن الكلام كثير وأن العمل قليل و العمل إذا غلب أو إذا زاد على الكلام فإن ذلك يكون دلالة عافية وصحة , إما إذا زاد الكلام على العمل فإنه يكون على العكس من ذلك تماما لذلك الصمت يكون حيث ينبغي والكلام يكون حيث ينبغي أن يكون الكلام وكل هذا تعلمناه من قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) وتعلمناه أيضا من تلك الحكمة التي تقول: " من كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه كثر ذنبه " ولذلك علينا أن نلجم ألستنا بلجام أدب الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نكون إن شاء الله دعاة على بصيرة ونعلم أننا إن شاء الله على هذا المنهج الحق التي نحن عليه بإذن الله تعالى , وأقول أيضا شيئا آخر تعقيبا على كلمة شيخنا بأننا ما نشهده على المسلمين اليوم من هذه الانحرافات الفكرية التي تخرج كثير من شباب المسلمين عن الجادة وتوقعهم في مثل هذه الفتن التي تتأجج بنارها و تكاد تحرقهم , أقول بأن ما يجري الآن في عالمنا الإسلامي لا شك أن سببه هو الجهل والجهل بماذا ؟ الجهل بعقيدة الإسلام التي مقتضاها العمل بالإخلاص والصدق وبما يوافق ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم من بعده ومن هنا ينبغي أن ننصح إخواننا ما استطعنا إلى ذلك سبيلا بالمراسلة , بالكتابة , بالحديث , بالمشافهة , بالشريط , بالكتاب , أن ننصح إخواننا المسلمين , لا يكون جهدنا أو كلامنا أو نصحنا محصورا في فئة خاصة وإنما ينبغي أن يعم أرجاء الأرض وأن تكون غايتنا المسلمين جميعا في كل أرجاء الدنيا , أن ننصحهم أن يغيروا هذا المنهج تماما وأن يسلكوا السبيل الأمثل إليه وهو سبيل المصطفى عليه الصلاة والسلام , ومن ضل هذا السبيل فقد ضل عن الرشاد وابتعد عن الحق وجانب الصواب وأسأل الله تبارك وتعالى أن نكون دائما عند حسن ظن الناس بنا وأن يحعلنا من الدعاة الآخذين أنفسهم بأدب الإسلام و عقيدة الإسلام ومنهج الإسلام و أن يطيل الله في عمر شيخنا جزاه الله خيرا حتى ينتفع به المسلمون كما انتفعوا به منذ زمن طويل منذ عقود كثيرة وهو قائم على أمر هذه الدعوة ولا أحسب أن أحدا منا يغيب عنه أن الفضل لله أولا و آخرا في نشر هذه الدعوة ولا ننسى أن فضل الله قد أفاء علينا بشيخنا جزاه الله خيرا حتى يسر الله على يده وعلى قلمه وعلى لسانه وعلى عقله ما يسر من نشر هذا العلم في آفاق الدنيا نسأل الله تبارك و تعالى أن يجمعنا دائما على الخير وأن يوفقنا إلى ما فيه صلاح أمرنا في الدنيا والآخرة وأن يثبتنا على الحق وأن يلزمنا كلمة التقوى وأن نكون أحق بها وأهلها إن شاء الله وجزاكم الله خيرا وجزى الله أخانا إبراهيم الهاشمي على هذا السؤال الذي تحدث أو أجاب عنه شيخنا بهذه الإجابة العظيمة الرائعة السديدة التي أرجو الله أن تكون أيضا سببا من أسباب الخير لنا وللمسلمين جميعا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الشيخ : جزاك الله خيرا وأحسن إليك.

مواضيع متعلقة