كيف نعرف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم و أصحابه الكرام . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كيف نعرف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم و أصحابه الكرام .
A-
A=
A+
الشيخ : لا بد لكل مسلم بعد أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أن يعلم أن طريق معرفة ما كان عليه رسول الله هي السنة وهي الصحابة وبعبارة أخرى السلف الصالح لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث المتواتر: ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) ، فلا بد من أن يتعرف المسلم على ما كان عليه أصحابه صلى الله عليه وآله وسلم وإلا ضل ضلالا بعيدا من حيث إنه يحسب أنه يحسن صنعا ، الشيء الجديد الآن الذي أريد أن أتوسع فيه قليلا هو ما هو الطريق لمعرفة ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول وفعل وتقرير وما ورثه أصحابه عليه السلام منه من الهدي أو الهدى والنور ما هو الطريق ؟ لو سألنا سائل ما هو الطريق لمعرفة كلام الله عز وجل ؟ فالجواب والحمد لله ميسر مذلل هو القرآن الكريم ليس لدينا كتاب تعهد الله عز وجل بحفظه إلا هذا القرآن الكريم كما قال في الآية السابقة الذكر: (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )) فالله عز وجل تعهد بحفظ هذا الكلام الإلهي ألا هو القرآن لم يتعهد بحفظ التوارة ولا الإنجيل ولا صحف إبراهيم وموسى ذلك لأن حكمته اقتضت أن تكون هذه الشرائع السابقة تمهيدا للشّريعة الإسلامية التي لا شريعة بعدها فكان من الحكمة البالغة أن يتعهّد ربّنا عزّ وجلّ بحفظ هذا القرآن الكريم إذا جواب السؤال كيف الطريق لمعرفة كلام الله ؟ هو القرآن الكريم , ولكن السؤال المهم جدا جدا ، ما هو السبيل لمعرفة سنة الرسول عليه السلام وما كان عليه أصحابه الكرام هنا البحث المهمّ جدا جدا ، هو ما يسمى عند علماء المسلمين كافة بعلم الحديث وعلم الآثار علم الحديث وعلم الآثار " والله أكبر الله أكبر " علم الحديث يتضمن علمين اثنين أحدهما يعرف بعلم مصطلح الحديث والآخر علم الجرح والتعديل علم مصطلح الحديث عبارة عن قواعد علمية جمعها علماء الحديث مع مرور الزمن ودونوها وصنفوها وذللوها وبينوها للنّاس حتى يتمكنوا من تمييز الصحيح من الضعيف من الحديث , تمام هذا هو العلم الثاني علم الجرح والتعديل يدور حول معرفة تراجم الألوف المؤلّفة من روّاة الحديث و السنة لعلكم جميعا تعرفون شيئا يعرف عند علماء الحديث بالإسناد , الإسناد عو عبارة عن السلسلة من الرجال يأخذ بعضهم عن بعض يبدأ الصحابي ينقل عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم التابعي عن الصحابي تابع التابعي عن التابعي ، وهكذا دواليك حتى دوّنت هذه الأحاديث بهذه الأسانيد في كتب السنة المعروفة والتي عددها ما شاء الله يجاوز الألوف المؤلفة كان أشهرها هي الكتب الستة وهي المتداولة اليوم على أيدي علماء السنة هذا الإسناد مركب من رجال هؤلاء الرجال يعدون الألوف المؤلفة كل رجل منهم له ترجمة في كتب الجرح التعديل يبينون متى كان هذا الراوي؟ ومتى ولد متى عاش ومن هم شيوخه ومن هم تلامذته الآخذون عنه؟ وهكذا يضاف إلى ذلك هل هو ثقة ؟ هل هو عدل ؟ هل هو فاسق ؟ هل هو حافظ ؟ هل هو سيّء الحفظ ؟ كل هذه الاوصاف وغيرها أيضا مذكورة في هذا العلم علم الجرح والتعديل وكلكم في ظني يعرف بأن الأحاديث الموجودة في بطون الكتب والمتداولة على ألسنة الناس فيها ما صح وفيها ما لم يصح إذا إذا أردنا أن نعرف ما كان عليه الرسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم وما كان عليه أصحابه الكرام فلا مناص من التعرف على هذين العلمين ودراستهما دراسة واسعة جدا مصطلح الحديث والجرح والتعديل فمن جمع بين هذين العلمين يتمكن من تمييز الصحيح من الضعيف. فأين نحن اليوم من هذا العلم الذي يمكننا من معرفة الصحيح من الضعيف هذه المعرفة هي التي تربطنا بالفرقة الناجية وإلا فنكون بعيدين بعدا بعيدا كثيرا أو قليلا على حسب العلم والجهل بهذا العلم الحديث وعلم الجرح والتعديل إذا عرفتم هذه الحقيقة فالخلاف الذي وقع قديما بين الفرق الإسلامية والذي لا يزال مستمرا إلى هذا اليوم من أعظم أسبابه هو انصراف لا أقول عامة المسلمين بل أقول انصراف خاصة المسلمين عن دراسة هذا العلم وعن إشاعته و عن تقديم ثمراته إلى كافة المسلمين ليكونوا كما قال رب العالمين في القرآن الكريم: (( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين)) فإذن الخلاف المستمر من أسبابه هو الابتعاد عن دراسة هذا العلم باختصار علم الحديث. هناك سبب آخر كان هذا قديما كان قبل أن يتوفر لجمع السنة علماء سخرهم الله عز وجل لخدمة الإسلام بخدمة سنة النبي عليه الصلاة والسلام أما اليوم فهذا السبب قد زال وبقى سبب إهمال دراسة هذ العلم أما السبب الذي قد زال فيجب أن تعرفوه جيدا لأنه يترتب من وراء ذلك أن تعرفوا سبب اختلاف علماء المسلمين قديما حتى اليوم في بعض المسائل الفقهية . أنتم تعلمون جميعا إن شاء الله بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان له أحوال حينما يتكلم تارة يتكلم في المسجد وعلى حسب الناس عدد الناس الموجودين في المسجد يكون الحافظون لحديثه تارة يكون هناك في المسجد بعض الأصحاب فيتحدث فيحفظون منه أما الأصحاب الآخرون فهم لا يعلمون ما تحدث به الرسول في ذلك المجلس الذي لم يكن حوله إلا أفراد قليلون كذلك كان يسافر فمن كان معه من المسافرين أخذوا منه من العلم ما فات المقيمين في المدينة أو في مكة أو إلى آخره و هكذا الصور تتعدّد وباستطاعة كل واحد منكم أن يتفنن في تعدادها وفي استحضارها في ذهنه من ذلك مثلا أنه كان يعيش في داره مع أهله مع أزواجه مع أحفاده فكان يجري بينه عليه السلام وبين أهله من الكلام الذي هو حديث لا يعلمه أصحابه إطلاقا الذين هم خارج الدار ليس عندهم علم إنما أهله نساؤه هم الذين يعلمون ما جرى في الدار فإذا لا نستطيع أن نتصور فردا من أفراد الصحابة أحاط علما بكل أحاديث الرسول عليه السلام هذا أمر مستحيل لأنه لا يمكن أن يكون فرد هو ظل الرسول عليه السلام حيثما ذهب حيثما حضر , حيثما جلس , حيثما سافر يكون معه هذا أمر مستحيل والمقصود من هذا الكلام كله وهو بدهي جدا أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم و قد عرفنا أنها قوله وفعله وتقريره كانت متفرقة بين أصحابه ، فهل وجد شخص في ذلك الزمان يستطيع أن يتّصل مع كل فرد من أفراد الرسول عليه السلام ويجمع منهم ما سمعوه وما شاهدوه منه عليه السلام هذا تصوره يغنيكم عن أن تقولوا أنّ هذا أمر مستحيل وبخاصة إذا تذكرتم الفتوحات الإسلامية التي اقتضت أن أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم يتفرقون في البلاد فالذين كانوا في مكة كانوا في المدينة كانوا في الطائف كانوا في اليمن شرقوا وغربوا وتفرقوا في البلاد في سبيل إعلاء كلمة الله عز وجل وكما تعلمون ما شاء الله الفتوح السلامية وصلت شرقا إلى الصين وغربا إلى إسبانيا التي كانت تعرف يومئذ بالأندلس هل كان يمكن يومئذ لشخص أن يلحق بهؤلاء الصحابة الذين تفرقوا في البلاد في سبيل الجهاد هذا أمر أيضا مستحيل ولكن بدأت نواة كمحاولة أولى لجمع ما عند بعض هؤلاء الأفراد من بعض التابعين كانوا وقد حرصوا على أن يتصلوا ببعض الصحابة و الذي سن لهؤلاء التابعين سنة الجمع من مختلف الصحابة على ما يتيسر لهم هو أبو هريرة رضي الله عنه , أبو هريرة هو الحافظ الذي يمكن أن يستحق هذا اللفظ من بين أصحاب الرسول عليه الصّلاة والسلام مع أنه ما أسلم إلا قبل و فاته عليه السلام بنحو سنتين ونصف مع ذلك كان أكثر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حديثا لماذا ؟ هو يحدثنا عن نفسه يقول كنت أقنع بشبع بطني بلقيمات ثم بعد ذلك أجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وآخذ الحديث منه. هذا سبب. ويضيف إلى ذلك إلى أن أصحابه عليه السلام مشغولين بالصفق في الأسواق مشغولين بالتجارة لكن هم الذين مدحهم رب العالمين بقوله: (( لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة )) ، لكن أبو هريرة تفرّد عنهم بأنه كان زاهدا وكان يكتفي بلقيمات ثم سائر الوقت مع الرسول عليه الصّلاة والسّلام وكأنّه عرف أنه تأخر إسلامه فأراد أن يعوّض على نفسه ما فاته من الصّحبة الطويلة التي حظي بها أمثال أبو بكر وعمر والسّابقون الأولون من الصحابة ولذلك أعرض عن الدنيا كلها وأقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الشيء الثاني مما جعله حافظ الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ذات يوم: ( من يبسط ثوبه ثم يحفظ كل ما يسمعه مني ) فكان السابق لذلك أبو هريرة فبسط ثوبه ثم طواه قال أبو هريرة: فما نسيت بعد ذلك شيئا سمعته من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم. هذا السبب الثاني والسبب الثالث وهو الشاهد ما كان يقنع بأن يسمع من الرسول فقط كان يروح عند الصحابة أبو بكر وعمر وغيره وغيره ويلتقط منه ما كان حفظه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو الذي سن للتابعين ولمن بعدهم جمع الأحاديث من مختلف الرواة ولذلك يلاحظ الدارس لحديث أبي هريرة أنه يجد أحاديثه تنقسم إلى قسمين في بعضها يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثرها يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا من دقته وأمانته ، فيما كان سمعه منه عليه السلام سمعت رسول الله وفيما سمعه من غيره ما يقول سمعت من رسول الله وإنما يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، السبب هو أنه تأخر إسلامه وما سمعه من الرسول كان قليلا فأراد أن يستدرك ما فاته أن يتصل مع أصحابه القدامى فجمع منهم فكان بهذه الأسباب الثلاثة أكثر أصحاب الرسول عليه السلام حديثا ولذلك الآن المشتغلون بعلم الحديث وبكتب الحديث يجدون أحاديث أبي هريرة في كل كتاب من كتب السنة لها السبق الأعلى في العدد وفي الكمية. خذوا مثلا مثالا واضحا جدا مسند الإمام أحمد ستة مجلدات المجلد الثاني منه نصفه هو لأبي هريرة من الستة مجلدات فيها أحاديث الصحابة كلهم اللي للإمام أحمد استطاع بالطريقة التي أشرت إليها الاتصال مع الناس وجمع الأحاديث فكان مسند أبي هريرة في مسند الإمام أحمد أخذ نصف المجلد الثاني أي واحد من اثنا عشر واحد من اثنا عشر فبارك الله عز وجل لأبي هريرة لهذه الأسباب ومنها التي بها يتمكن المسلم من أن يجمع أكبر كمية ممكنة من السنة بسبب تفرق الصحابة أولا ثم التابعين تفرقت السنة ولكن بدأ التابعون يجمعون من هذا الصحابي من هذا الصحابي فلو اقتصر على أحاديث صحابي واحد لكانت الكمية قليلة لكنه ضم إليها أحاديث الصحابي الثاني والثالث على حسب ما يتيسّر له ثم جاء دور أتباع التابعين فاتّسعت دائرة الجمع ثم جاء دور أتباع أتباع التابعين وفيهم الأئمة الستة أصحاب الكتب الستة الإمام البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه فهؤلاء بسبب سفرهم إلى البلاد التي كان الصحابة الأولون افتتحوها ثم تبعهم التابعون وهكذا بسبب هذا الانتقال توفر لكل منهم ما شاء الله من السنة الكثيرة كان أكثرهم الإمام أحمد رحمه الله لأنه سافر في سبيل جمع الحديث إلى أكثر بلاد الدنيا يومئذ وقد شهد له بالحفظ الإمام الشافعي علما أن الإمام الشافعي من شيوخ الإمام أحمد في الحديث والتفسير والفقه ، الإمام الشافعي من شيوخ الإمام أحمد لكن الإمام أحمد امتاز على علماء عصره بأن تفرغ كأبي هريرة تماما فلم يعبأ بالدنيا وزخرفها طاف في البلاد واتصل مع رواة الحديث فجمع الألوف المؤلفة من السنة شهد له بذلك شيخه الإمام الشافعي فقال له يا أحمد: " أنت أعلم بالحديث مني " الشيخ يقول لتلميذه " أنت أعلم بالحديث مني فإذا جاءك الحديث صحيحا فأخبرني به أو أعلمني به سواء كان حجازيا أو شاميا أو مصريا أو أو إلى آخره " يشير إلى أن الإمام أحمد طاف وسافر إلى هذه البلاد و جمع من السنة ما لم يتمكن إمامه الشافعي أن يجمعها ولذلك قال له أنت أعلم بالحديث مني الشاهد من هذا الكلام كله أن من أسباب اختلاف العلماء الأربعة الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد هو هذا الذي أقول لكم أنّ السّنّة كانت تفرقت بتفرق حملتها من الصحابة ثم التابعين وبعد ذلك جاء دور الأئمة الأربعة هؤلاء لأن أوّلهم كما تعلمون أبو حنيفة رحمه الله فهو توفي سنة مائة وخمسين هجرية فهو يعتبر من التابعين الصغار لكنه رحمه الله كان تخصص في الفقه ولم يخرج من الكوفة إلاحاجا أو معتمرا فكان حديثه قليلا جاء من بعده الإمام مالك حيث ولد الإمام مالك في السنة التي مات فيها أبو حنيفة وهو أقام في دار الهجرة المدينة المنورة والمدينة المنورة كما هو واقعها اليوم باعتبار أنها مطروقة ومقصودة من العمار والحجاج فيكون العلماء هناك كثيرون ولذلك كان حديث مالك وهو أيضا لم يسافر ولم يخرج لجمع الحديث كان حديثه أكثر من أبي حنيفة ثم جاء دور الإمام الثالث وهو الإمام الشافعي فهو أقام رحمه الله في بغداد وبغداد كانت عاصمة الخلفاء العباسيّين كما تعلمون فكانت أيضا موؤلا وملجأ لمختلف العلماء فحصل من العلم والسنة ما شاء الله ثم سافر من بغداد إلى مصر ومن هنا حصّل مادّة جديدة من العلم وخاصة علم الحديث ففاق الإمامين الأولين الإمام أبا حنيفة والإمام الشافعي بسبب أنه أقام شطرا كبيرا من حياته في بغداد بالإضافة إلى أنه كان يحج ويعتمر ثم في آخر حياته قضاها في مصر فاجتمع له من الحديث مالم يجتمع للإمامين الأولين فجاء الإمام الفقيه الرابع وهو أحمد بن حنبل ففاق ليس فقط الأئمة الثلاثة فاق جماهير من علماء الحديث لكثرة الإحاطة للسنة فكان أحفظهم للسنة وأعلم من أكثر من كثير من علماء الحديث بالحديث لهذا السبب كان العالم مثل أبي حنيفة يسأل عن مسألة فينظر فيما ما عنده من كتاب الله ومن حديث رسول الله فيفتي على ما عنده فإن لم يجد اجتهد والاجتهاد ضروري لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد ) ولكن كما تفهمون من هذا الحديث الاجتهاد معرض للصواب معرض للخطأ فقد يسأل أحد الأئمة الآخرين نفس السؤال فيجيب بجواب مما عنده من مادة الحديث التي لم يحصل عليها الإمام الذي أفتى باجتهاد من عنده فإذا عرفتم هذه الحقيقة التاريخية المتعلقة بطريقة جمع الحديث زال الاضطراب من أذهانكم لأن هؤلاء الأئمة ليش اختلفوا والاختلاف ذكرنا آنفا قوله تعالى: (( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك )) ، وهم بلا شك مرحمون فلماذا اختلفوا ؟ معذورون لأنهم لم يتمكنوا يومئذ من جمع السنة فأما اليوم فلسنا معذورين والسبب أننا اليوم نستطيع أن نجمع جهود الأئمة الذين مضوا وقضوا حياتهم في كل العصور نجمع بتشتري ثروتهم التي لا تقدر بثمن بدراهم معدودة وهو كتاب مسند أحمد ست مجلدات حياته العلمية ضمنها فيه أنت ممكن تخصص من حياتك سنة فقط بالكثير فتحصّل على علم الإمام أحمد ما حصله في السنين وبالجهد الكبير الكثير وهو التطواف في البلاد والسفر إليها ولكن علة الناس اليوم هو الزهد في علم الحديث والإعراض عن دراسة الحديث والقناعة بأنه أي حديث وجدناه في أي كتاب مثل ما أنا داخل البدوي خوش حديث ، لكن أنت تعرف أن أحاديث الرسول عليه السلام فيها الصحيح وفيها الضعيف والرسول عليه السلام كان الله عز وجل قد نبأه سلفا بأن الناس سيكذبون عليه ويكذبون عليه حتى في عهده عليه السلام في قيد حياته وجد من كذب عليه فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ( من كذب عليّ متعمدا فليتبوء مقعده من النار ) ، كيف كان هذا ؟ رجل أحب امرأة فذهب إلى أهلها يخطبها منهم ولكي يتجاوبوا معه ولا يردوه قال لهم: أنا رسول رسول الله إليكم يأمركم بأن تزوجوني فتاتكم استغرب الناس ولي الفتاة مثل هذا الأمر لأنهم يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم كما وصفه رب العالمين (( وإنك لعلى خلق عظيم )) ، معقول أن الرسول يبعث لهم أمر زوجوا فلانا وهم ما بيعرفوه مش معقول إذا ممكن يكون وحي أو شيء إذا نبعث إلى رسول الله فلما جاؤوا إليه وقالوا يا رسول الله أنت أرسلت فلانا قال: ( لا أدركوا الرجل فإن لقيتموه فحرقوه بالنار وما أرى أنكم تدركونه ) وفعلا لما لحقوا به وجدوا آفة حية لدغته وكان موته فيها هذا سبب قوله عليه السلام: ( من كذب عليّ متعمدا فليتبوء مقعده من النار ) ، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ( إنه سيكذب عليّ فمن كذب عليّ ) إلى آخره وجاءت أحاديث أخرى لكي لا يغتر المسلم أنا والله ما بتعمد الكذب عليه فيستهون رواية الحديث ونسبة الحديث إلى الرسول عليه السلام دون أن يتثبت من صحته فقال عليه الصلاة والسلام: ( من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين ) ، من حدث بحديث وهو يظن أنه كذب على رسول الله فهو أحد الكذابين فلكي تعرف أنّ هذا الحديث مكذوب على الرسول أم لا ؟ ما هو الطريق ؟ طريق من طريقين لا ثالث لهما كالأحكام الشرعية لتعرف أنه هذا حلال وأن هذا حرام ما هو الطريق ؟ طريق من طريقين إما أن تطلب العلم لتصبح عالما فتعرف من كتاب الله ومن حديث رسول الله الحلال والحرام وإما أن تكون من عامة الناس حينئذ يتوجه إليك قوله تعالى في القرآن الكريم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون فإما أن تكون عالما فاستفت نفسك وإما أن تكون غير عالم فاستفت عالمك (( فاسأوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) ، كل علم له رجال سواء كان هذا العلم شرعيا أو كان دنيويا أي إنسان الآن يريد أن يبني دارا ما يركب رأسه لكن يسأل المهندس بيجيب المعماري البناء وهكذا بده يعالج نفسه بده يعالج المريض ما بيجي هو ويعمل طبيب وإنما يروح عند الطبب والطبيب مختص إلى آخره ، العلم الشرعي بقسميه الحديثي والفقهي أولى أن يعنى المسلمون بهذه القاعدة التي وضعها رب العالمين في الآية السابقة (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) فما هو طريق معرفة الحلال والحرام ؟ قلنا إما أنت عالم فاسئل علمك وأما لست بعالم فاسأل الفقهاء ما هو طريق معرفة الحديث الصحيح من الضعيف ؟ إن كنت عالما فاسأل علمك إن كنت غير عالم (( فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) الناس اليوم لم يعطوا علم الحديث حتى في هذا الجانب الأخير ما يستحقه من الاهتمام. الفقه أكثرهم يهمتون بدينهم أن يعرفوا الحرام والحلال ولذلك الناس في هذه الزاوية لا يزالون بخير لكن نادر جدا جدا من يهتم بمعرفة الحديث الذي يسمعه أو الحديث الذي يقرأه أن يسأل أهل العلم أن هذا الحديث صحيح أم لا بمجرد أن يسمع أو يقرأ يقف عندما سمع أو قرأ ولا يتذكر الوعيد المحذر عن رواية الأحاديث إلا بعد تبين صحتها إذا هنا لا بد أيضا من خلاصة بعد تلك الخلاصة ، فأقول: ليكون المسلمون من الفرقة الناجية " كمل من هنا يا أستاذ كمل من هنا على السنة " إذن ليكون المسلم على السنة وعلى ما كان عليه الصحابة فلا سبيل إلى ذلك إلا بمعرفة علم الحديث فعلم الحديث هو الذي يعرفك ما كان يقوله عليه السلام وما يفعله وما كان يقره وعلم الحديث هو الذي يدلك على ما كان عليه أصحابه صلّى الله عليه وسلّم من الهدي من العلم من الأخلاق والسلوك ونحو ذلك فأنا أنصح كل المسلمين بعامّة أن يهتمّوا إذا بعلم الحديث والتثبّت فيما يقرأون وفيما يسمعون وأنصح خاصتهم أن يعنوا بدراسة علم الحديث حتى يذيعوا في الناس الأحاديث الصحيحة لأن هذه الأحاديث الصحيحة فقط هي التي توصلهم إلى أن يعرفوا أولا الفرقة الناجية وأن يكونوا منها ثانيا وإلا كانوا على خطر عظيم وبهذا القدر كفاية لا سيما وأرى أنّ بعض العيون قد بدأ النّعاس يداعبها وفي تجربتي أن نفتح باب الأسئلة قد يوجد شيء من الحركة ومن اليقظة والبركة إن شاء الله فمن كان عنده ملاحظة من كان عنده سؤال يتعلق بما سبق طرحه وبيانه من النّهج العلمي الّذي يجب على المسلمين خاصّتهم وعامّتهم أن يسلكوه فيؤثر ويقدّم السؤال المتعلق بما مضى وإذا كان لا يوجد أي سؤال يتعلق بما مضى فنحن نتقبل أي سؤال آخر يتعلق بالتفقه في الدين فالآن ترفع يد هنا ويد هنا فأسأل سؤالك حول الموضوع فإن كان نعم فأنت المقدم وإن كان لا نسأل هنا .

مواضيع متعلقة