شرح حديث في صحيح مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم حدث الصحابة بما كان وبما هو كائن إلى قيام الساعة . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
شرح حديث في صحيح مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم حدث الصحابة بما كان وبما هو كائن إلى قيام الساعة .
A-
A=
A+
السائل : شيخنا في سؤال يعني إذا تفضلت علينا ؟

الشيخ : تفضل يا أخي .

السائل : الوارد إنه عليه الصلاة والسلام صلى صلاة الفجر يوما ثم صعد المنبر فخطب الناس وحدثهم إلى صلاة الظهر ، ثم صلى وصعد ثم خطب وأخبرهم بما هو كان وبما هو كائن إلى يوم القيامة ، يقول الصحابي: حفظه منا من حفظه ونسي من نسيه وأنه لتمر علينا الحادثة فأتذكرها كما يتذكر النائم شيئا رآه في منامه ؛

الشيخ: صدقت

السائل: فالإمام البوصيري لما قال ومن علومك اللوح والقلم فهو قال حدثنا بما كان وبما هو كائن إلى يوم القيامة وهذا يطابق قال له اكتب ، قال وماذا أكتب ؟ قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ؟

الشيخ : جميل ، أولا والحمد لله هذا الحديث صحيح وفي صحيح مسلم ؛ ثانيا كلمة حدثنا بما هو كائن يوم القيامة يحتمل يا أخي أن يكون تحديثه عليه السلام تحديثا بالأمور الهامة وليس بالأمور التفصيلية التي لا يستطيع أي بشر أن يعيها وأن يدركها مهما أوتي علما وقوة من الله تبارك وتعالى ، بمعنى أنا أقول معك فرضا وجدلا من الممكن أن الله عز وجل يصطفي نبيه عليه السلام بما يشاء فيحفظه فعلا ظاهر هذا الحديث الصحيح أي ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ؛ لكن كيف ذلك وهو يحدث ناسا غير أنبياء وغير رسل وطاقتهم محدودة وليس لهم تلك الصفة التي اصطفى ربنا عز وجل بها نبينا عليه الصلاة والسلام ؛ ولذلك بارك الله فيك لا يجوز أن نفهم الحديث وأنا أقول يمكن جاءت مناسبة آنفا يمكن نحن على الطعام لا يجوز أي نعم والآن أذكر هذا المثال لأن الحقيقة سوف يساعدنا على فهم هذا الحديث الصحيح ، لا يجوز أن نفسر حديثا من أحاديث الرسول عليه السلام وقوفا عنده فقط وإنما توسع دائرة النظر ، وننظر في الأحاديث الأخرى ، وهل تساعدنا على أن نقف في فهمنا لهذا الحديث الصحيح بالمعنى الواسع الشامل العام كما قال تعالى : (( لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها )) أم المعنى يكون أضيق من ذلك ؛ آنفا تحدثنا على الطعام سأل سائل عن حديث فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( من ادان دينا وفي نيته الوفاء به ثم لم يف به وفّى الله عز وجل عنه يوم القيامة ) ، قلنا هذا الحديث صحيح وبهذا الحديث يفسر حديث آخر وهنا الشاهد قال عليه السلام : ( يغفر للشهيد يوم القيامة كل ذنب إلا الدين ) إلا الدين ؛ فهل نفسر هذا الحديث إلا الدين مات الشهيد وعليه دين فلا يغفر هذا الذنب منه ولو كان ناويا الوفاء ؟ نقول: لا ، لأن الحديث الأول يفسر ويخصص الحديث الثاني ؛ بارك الله فيك

السائل:..

الشيخ: أرجوك. فحديثك هذا يشبه حديثنا الثاني ، إذا نظرنا إليه وحده يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين ، والله هذا شيء خطير خطير جدا ، جاهد في سبيل الله ومات في سبيل الله ولا يغفر له ذنبه حيث مات مدينا لبعض المسلمين ، لا ، هذا ليس على إطلاقه وشموله وإنما هو مخصص بما إذا كان ليس في نيته أن يفي الحق لصاحبه ؛ هنا هذا مثاله تماما هذا الحديث الذي تفضلت به ، لا شك أننا نفهم منه أن الرسول عليه السلام علمه الله كل كبير وصغير وأنه كما قال تعالى : (( ما يغادر صغيرة ولا كبيرة )) لكن لا هذا غير صحيح وإنما معنى الحديث أنه علمه أشياء جوهرية أساسية كمثل أشراط الساعة الكبرى ونحو ذلك من الصغرى التي يهم المسلمين أن يتعرفوا عليها كما قال تعالى في القرآن الكريم : (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول )) هنا الآن نحن نقول كلمة (غيبه) هنا كحديثنا السابق تماما هل ربنا يطلع الأنبياء على غيبه كله ؟ لا ، قال علماء التفسير على ما يراه ربنا عز وجل أن يعلم من شاء من الرسل يطلعه على بعض المغيبات وليس على كل المغيبات ؛ ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كل نبي إذا علّمه الله علما وجب عليه أن يبلغه المسلمين تماما كما قالت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها وهو حديث لسنا الآن في صدده ، تقول هي فيه: " ومن حدثكم بأن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم كتم شيئا أمر بتبليغه (( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس )) قالت: من حدثكم أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم كتم شيئا أمر بتبليغه فقد أعظم على الله الفرية " فإذا ربنا عز وجل كما قال : (( فلا يظهر على غيبه )) أي على بعض غيبه ، تقدير مضاف محذوف لأن النبي ولو كان مصطفى كما قلنا مش ممكن يصير إله ثاني في علمه في إحاطته بكل شيء سيكون حينئذ صار شريكا ؛ وهنا بارك الله فيك تحملني شويه ولو توسعت شيئا قليلا ، هنا نتذكر شيئا مهما جدا يتعلق بعلم التوحيد ، الله تبارك وتعالى واحد في ذاته فليس هناك ما قال الكفار من النصارى إن الله ثالث ثلاثة ، لا ، إنما هو إله واحد (( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد )) فالله واحد في ذاته خلاف قول النصارى وهو واحد في عبادته ، فهو إله واحد أي وليس كما يقول المشركون العرب ويقولون حتى الآن ليس الأمر كما قالوا: (( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى )) فالله واحد أيضا في عبادته ؛ فمن اعتقد أن الله واحد في ذاته لكن عبد معه غيره فما وحده ؛ والتوحيد الأخير أن نقول بعد أن قلنا واحد في ذاته وواحد في عبادته وواحد في صفاته فلا يجوز للمسلم أن يعتقد بأن الله عز وجل أطلع نبيه على علم الغيب كله ؛ لأنه صار شريكا معه في صفة الغيب لا يعلم الغيب (( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله )) هكذا الآية إن شاء الله ؟

السائل : (( وعنده مفاتح الغيب )) .

الشيخ : كويس ، لا نحن ما يناسبنا الآن الآية هذه ؛ لأن هذه مفاتيح يعني الرؤوس مجامع ؛ لكن نحن نريد الآن التفصيل فنقول: (( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب )) أي كل الغيب إلا الله تبارك وتعالى ؛ انظروا يا إخواننا وتعلموا واعلموا أن العلم ليس بأنه الإنسان يسلط عقله في آية ويقول ها (( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله )) إذا الرسول لا يعلم شيئا من الغيب ، هذا خطأ ليه ؟ لأن الله قال في الآية السابقة: (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول )) كمان لا تقفوا عند قوله : (( فلا يظهر على غيبه )) كل الغيب ، لا ؛ لأنه واحد في صفاته كما هو واحد في عبادته كما هو أيش ؟ واحد في ذاته ؛ فلا يجوز لمسلم أن يعتقد أن الله أعلم نبيه عليه السلام بكل ما هو كائن إلى يوم القيامة ؛ لأن هذه صفة الله عز وجل ؛ بقي شيء آخر أشرت إليه آنفا لكن أريد أن أدندن حوله قليلا وأرجوا أن لا يكون كثيرا وهي إذا كان الله اصطفى نبيه عليه السلام بأن أعلمه بكل الغيب ، من هذا الإنسان الذي يحيط بعلم الرسول عليه السلام ويدعي أنه حفظه ؟ نحن نقول الآن أستاذ ماهر في أي فن قلته ، وله تلميذ من أذكى الناس وأكيس الناس وأحفظ الناس ، شو بده يحفظ ليحفظ من علمه ؟ الشيء القليل ؛ إذا هذا الأستاذ العاقل رايح يصيب العلم كله في صدر هذا الطالب ؟ رايح يكلفه رهقا ويكلفه شططا ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ؛ فمن هذه الحيثية التي تنافي الطبيعة البشرية مش معقول أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لو أن الله أعلمه بكل شيء وجعله شريكا معه في العلم بالغيب ، مش معقول أنه يحدث الناس بما لا يتحملونه ولا يطيقونه ؛ فخلاصة القول بارك الله فيك أن مثل هذا الحديث يجب أن يفسر على ضوء عقيدة المسلمين المستقاة من كتاب الله كله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه كله ولا نقف عند حديث واحد ؛ ولذلك أنا أقول لك الآن كلمة الختام في هذه المسألة نحن ندعي بأننا أولا مسلمون جميعا والحمد لله لكن في شيء آخر ندعيه وهو أننا نحترم سلفنا الصالح من صحابة وتابعين وأئمة المجتهدين ، تلقينا من طريقهم على الكتاب والسنة والفقه والعقيدة ، فمن علماء المسلمين يقول بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علمّه الله كل شيء كما قال في حديث القلم ( اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ) بناء على حديث مسلم ، لا أعلم مسلما عالما سبقنا إلى مثل هذا ؛ ولذلك لا يجوز لإنسان أن يقول خلاف ما قال علماؤنا من قبل على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم .

مواضيع متعلقة