التعامل مع اختلاف الأقوال في الراوي الواحد. هل إذا لم يقبل قول الشافعي في رواوي من الرواة هذا ثقة ينقص من قدر هذا الإمام وعلمه ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
التعامل مع اختلاف الأقوال في الراوي الواحد. هل إذا لم يقبل قول الشافعي في رواوي من الرواة هذا ثقة ينقص من قدر هذا الإمام وعلمه ؟
A-
A=
A+
الحلبي : شيخنا هنا قد يشكل شيء على بعض الناس وبخاصة الذين لم يدرسوا علم الحديث وقواعده ومصطلحه وهو أن هذا الرفض أو عدم القبول لقول الإمام الشافعي ثقة هل هذا ينقص من قدر الإمام الشافعي ويطعن في علمه؟
الشيخ : أبدا.
الحلبي : يعني نريد التوضيح حتى تزول الإشكالات.
الشيخ : لا حاش لله ليس هذا أول اختلاف يقع لأن هناك كثيرا من الرواة اختلف فيهم علماء الحديث ما بين موثق ومضعف ولذلك وضعت قواعد علم مصطلح الحديث لكي لا يحار الإنسان بين الأقوال المتضاربة في الراوي الواحد من جهة ولكي لا يتبادر إلى ذهن البعض كما جاء في السؤال أن الإمام الشافعي يقول أخبرني الثقة وهذا الثقة عند غيره غير ثقة, نقول إن الله عز وجل ...
السائل : السلام عليكم.
الشيخ : وعليكم السلام أهلا, قلت إن الله عز وجل كما قال في القرآن الكريم (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) فعلماء الحديث حينما يوثقون الراوي أو يضعفونه فسبيلهم لمعرفة ضعفه من ثقته وعدالته أحد سبيلين إما أن يكونوا مباشرين له مخالطين له برهة من الزمن قد تطول وقد تكثر, أو أن يكونوا ناقلين عن المباشرين لأننا نجد في كلمات الأئمة كالبخاري ومسلم وأحمد ويحيى بن معين وغيرهم من أئمة الجرح والتعديل أنهم يوثقون أو يضعفون التابعي فكيف عرفوا ثقة التابعي أو ضعفه وهم لم يعاصروه ولم يخالطوه؟ ذلك بطريق الرواية عن غيرهم ممن سبقهم وتقدمهم وخالط أولئك التابعين وهناك طريقة أخرى أيضا وهي دقيقة جدا وهي أنهم يحكمون على الراوي بما يستحق من تعديل أو تجريح بالسبر والبحث في أحاديثه فإذا وجدوها مستقيمة ومطابقة لأحاديث الرواة حكموا بثقته والعكس بالعكس, الشاهد أن العالم إن كان ناقلا للتوثيق أو التضعيف فلا حرج عليه لأنه يعتمد على غيره كما هو شأننا اليوم فنحن ليس لدينا طريق للتوثيق أو الترجيح إلا اعتمادا على العلماء المتقدمين كذلك من كان يوثق أو يضعف من لم يكن معاصرا له فهو معتمد على من اعتمد على كلامه, وإن كان مخالفا له فهنا بقى الدقة في الموضوع قد تكون مخالطته له قصيرة الأمد واطلاعه على أحاديثه ليس بالكثرة الكاثرة فهو يحكم على حدود ما اطلع من الأحاديث وعلى البرهة التي خالطه فيها لأنه ما ظهر له إلا أنه عدل وأنه ثقة لكن يقع لغيره خلاف ما وقع له فهو اطلع على كمية من الأحاديث التي لم يطلع عليها الإمام الأول الموثق فوجد في أحاديث هذا الموثق ما يجرّح به فجرّحه فهذا هو السبب في اختلاف أقوال علماء الحديث في الراوي الواحد.
ومن هنا جاءت القواعد والتي منها أنه إذا اختلف قول الأئمة في راو واحد فبعضهم يوثقه وبعضهم يضعفه فعلى ماذا يعتمد على الموثق أو الموثَق أو المضعف؟ لا هناك قاعدة قالوا إذا تعارض توثيق وتجريح قدم الجرح على التوثيق ولكنهم اشترطوا في ذلك أن يكون الجرح مفسرا أن يكون الجرح مبينا, ومعنى هذا قيل في راوٍ معنى قال أحمد ثقة قال ابن معين ضعيف نطبق القاعدة الآن يقدم الجرح على التعديل إذا بين السبب فابن معين ما بين السبب قال ضعيف إذاً هنا لا يقدم الجرح على التعديل لأنه لم يقرن ببيان السبب لكن لو قال ابن معين مقابل قول أحمد فلان ثقة ابن معين قال ضعيف لسوء حفظه إذًا قدّم قول ابن معين على قول الإمام أحمد فقدم الجرح هنا على التوثيق والتعديل لأنه بين السبب بهذه القواعد والضوابط الإنسان يصل إلى معرفة الراجح من المرجوح مما اختلف العلماء توثيقا وتجريحا وقبل ذلك يعرف أنه لا إشكال في أن الإمام الشافعي يوثق رجلا والإمام أحمد وغيره يضعّفه لأن ذلك بسبب اختلاف الاجتهاد وكلٌّ إمام والشأن في التوثيق والتجريح من الناحية الحديثية كالشأن تماما في التحليل والتحريم في الناحية الفقهية وأنتم تعلمون إن شاء الله جميعا أن هناك مسائل في الأحكام الشرعية اختلف فيها العلماء اختلافا كثيرا ما بين قائل بجواز شيء وقائل بتحريمه هل هذا ينزل من قيمة المخالف؟ الجواب لا, لأنهم اجتهدوا وقد قال عليه السلام ( إذا حكم الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد ) فإذا الأئمة سواء كانوا في الفقه أو في الحديث قد يختلفون واختلافهم لا ينزل من قيمة أحدهم لكن على من جاؤوا من بعدهم ألا يكونوا إمعة لأحدهم ولا يكونوا متعصبين لفرد منهم وإنما يطبقون القواعد العلمية سواء ما كان منها في العلوم الحديثية أو في الأحكام الفقهية, في الأحكام الفقهية جاء قوله تعالى (( قل هاتوا برهانكم إن كانوا صادقين )) فمن ادعى تحريم شيء وآخرون ادعوا الحل طولبوا بالبرهان وكذلك من ادعى فرضية شيء وآخر ادعى السنية ونحو ذلك فيطالبون بالدليل والبرهان وعلم الحديث هكذا لكن علم الحديث أدق من علم الفقه لأن أكثر الأحكام الفقهية والحمد لله فيها نصوص من الكتاب والسنة والقليل منها وبخاصة ما لا يتعلق بحياة الإنسان التعبدية تكون مأخذها من الاستنباطات أما المسائل الحديثية أكثرها استنباط من أهل العلم والفقه فلا بد من العناية بها عناية تامة.

مواضيع متعلقة