ما حكم إنكار الصحابي للحديث كقصة عمر - رضي الله عنه - مع فاطمة بنت قيس - رضي الله عنها - ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم إنكار الصحابي للحديث كقصة عمر - رضي الله عنه - مع فاطمة بنت قيس - رضي الله عنها - ؟
A-
A=
A+
السائل : شيخنا ، يعني صح التعبير إنكار الصحابي للحديث .

الشيخ : إنكار الصحابي للحديث .

السائل : إنكار الصحابي للحديث فرضًا على سبيل المثال : قول فاطمة بنت قيس : بتَّ زوجي طلاقي ، فلم يفرض لي النبي - صلى الله عليه وسلم - سُكنى ولا نفقة . فقال عمر - رضي الله عنه - : أنقبل قول امرأة أنترك قول ربنا وسنة نبيِّنا أَنَدَعُ قول ربنا وسنة نبيِّنا من أجل امرأة أصدقت أم كذبت أم حفظت أم نسيت ؟ هذا كان معلوم بين الصحابة أنُّو فرضًا إنسان ينسى أو إنسان يعني يكون يكذب أو شيء من هذا القبيل ؛ هل هذا يكون يعني ردٌّ لخبر الآحاد ؟ =

-- الشيخ : ... أنا مو كتير يعني عندي رغبة ... خاصة في آخر عهده . سائل آخر : تفضل شيخ تفاح . الشيخ : ما له طعمة غير ... . سائل آخر : منيح منيح --

= الشيخ : ننظر إلى الراوي للحديث وإلى منكر الحديث ، إذا كان الراوي للحديث غيرَ ثقة فحديثه ساقط أصلًا ، وإذا كان حديثه أو إذا كان هو ثقةً فحديثه واجب القبول أصلًا ؛ ماشي إلى هنا ؟

السائل : نعم .

الشيخ : نرجع للمنكر ؛ المنكر للحديث إما أن يكون معصومًا أو أن يكون غير معصوم ، وهنا لا شك الاحتمال الأول غير وارد أو غير معصوم ، فنقول : ما دام أنه غير معصوم فيحتمل أن يكون في إنكاره مُجتهدًا وليس متَّبعًا لهوى ، وهنا يتعيَّن الاحتمال الأول دون الآخر . صح ؟ شفتها ظريفة كلمة ... .

السائل : اتفقنا أن الأول مش موجود ؛ يعني مش محتمل .

الشيخ : أنُّو معصوم ؟ مو معصوم ؛ طيب ؛ إذًا شو بقي ؟ الاحتمال الثاني وهو غير معصوم ؛ صح ؟

السائل : نعم .

الشيخ : طيب ؛ هذ المُنكر غير المعصوم إما أن يكون مجتهدًا أو متَّبعًا للهوى ؛ الاحتمال الثاني غير وارد فهو مجتهد ؛ صح ؟

السائل : صح .

الشيخ : وإذا كان مجتهدًا فهو إما أن يكون مصيبًا وإما أن يكون مخطئًا ؛ صح ؟

السائل : نعم ، صحيح .

الشيخ : هذه مقدِّمات بدهيَّات لازم ترسخ في الذهن .

السائل : إن شاء الله .

الشيخ : الآن نقول : هل أصاب في اجتهاده أم أخطأ ؟ الوقفة هنا ؛ عندنا مجتهد برأيه ، وعندنا ثقة ناقل لحديث نبيِّه ؛ فما هو موقف المسلم بين رأيٍ ونقلٍ ؟ فيها إشكال هَيْ ؟

السائل : لا لا .

الشيخ : إذًا القصة التي قرأتَها مع الأسف هي صحيحة ، لكن لا تعني ردَّ رواية المرأة الثقة ، وبخاصَّة أنها كانت امرأةً - كما يقولون - في غير هالمناسبة أشباه الرجال ؛ لأنها احتجَّت على عمر بن الخطاب ؛ لأن عمر بن الخطاب يحتج بعموم ، اذكر لي الآية المتعلقة بالمطلقات ؛ تذكر الآية في القصة ؟

السائل : (( وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا )) .

الشيخ : لأ .

سائل آخر : عن النفقة والسكنى ... .

الشيخ : كيف ؟

سائل آخر : (( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ ... )) .

الشيخ : لها علاقة بالنفقة يا أخي !

السائل : (( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ )) .

الشيخ : لا لا ، الآية - لها علاقة طبعًا أنا لست بالحافظ ، ولو كنت حافظًا لقد بلغت في الكبر عتيًّا - الآية التي احتجَّ بها عمر تتعلَّق بالإنفاق على المطلَّقة ، السيدة هذه رَوَتْ أن المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها ، والآية بإطلاقها تفيد أنَّ المطلقة لها نفقة ، وسياق الآية تدل على أن المطلقة ليست هي المطلقة البتَّة ، وإنما المطلقة طلاقًا رجعيًّا ، فمن منكم يحفظ ؟

السائل : (( وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا )) .

سائل آخر : (( وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ )) .

الشيخ : لأ .

السائل : (( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ )) ، (( وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ )) ، (( وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ )) .

الشيخ : المهم هلق ، هي احتجت على عمر ولفتَتْ نظره إلى أنَّ الآية التي أنت تحتجُّ بها وتقول : ما كنَّا لِنَدَعَ كلام الله لحديث امرأة هي لا تعني ما أرويه أنا عن الرسول - عليه السلام - ، أنا أروي عن الرسول - عليه السلام - أن المرأة المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها ، والقرآن لم يتعرَّض لهذا الحكم الذي جرى لي وسمعته من الرسول - عليه السلام - ، وإنما الآية تتحدَّث عن المطلقة طلاقًا رجعيًّا ؛ فهي على زوجها النفقة ، أما التي بانَتْ وطُلِّقت طلاقًا باتًّا فهذه لا نفقة لها ، والذي يؤكِّد صحة الحديث وصدق هذه المرأة - رضي الله عنها - ، هي أظن اسمها فاطمة ؟

السائل : فاطمة بنت قيس .

الشيخ : هذه امرأة جليلة حقيقةً ، هي الآن تروي عن رسول الله حديثًا من غير صالحها ؛ لأن هي قصَّتها أن زوجها كان غائبًا ، وله وكيل في المدينة ، فأرسل إليه بطلاقها الطَّلقة الثالثة ، فبَلَّغَها أنَّ زوجك طلَّقك البتَّة ، فهي طالبت الوكيل بالنفقة حسب الإيش ؟ الآية المُطلَقة ، وصار خلاف بينها وبين وكيلها ، راحت اشتكت إلى الرسول - عليه السلام - ، قال لها : ( ليس لك عليه نفقة ولا سُكنى ) .

السائل : ( ولا سكنى ) .

الشيخ : ( ولا سُكنى ) ، نعم .

الشاهد : أنُّو هي روت خلاف مصلحتها ، وهذا دليل عدالتها ، وأنها تروي ما سمعت من الرسول - عليه السلام - ؛ لذلك كان الصواب مع هذه السيدة وليس مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ؛ لأنَّ عمر عنده رأي واجتهاد ، هو مأجور على كل حال كما ... الكلام سابقًا ، لكن الصواب مع التي روت الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي واعية ذاكرة تروي القصة بكلِّ تفاصيلها ، فإذًا لا يُؤخذ من الحديث شيء يخالف ما عليه علماء المسلمين من قواعد ، مَن حفظ حجَّة على من لم يحفظ ، من علم حجة على من لم يعلم ، وهكذا ، وعمر له بعض النماذج التي تُخالف كونه من المُحدَّثين كما قال - عليه السلام - : ( لقد كان فيمَن قبلكم من الأمم مُحدَّثون ؛ فإن يكُنْ في أمَّتي فعمر ) ، كان ملهمًا ، وإلهاماته مذكورة في الأحاديث الصحيحة ؛ لو اتَّخذنا من مقام إبراهيم مصلى ، فنزلت الآية تأييدًا لاقتراحه ، لو حجبت نساءك ، إلى آخره ، لكن له أشياء معاكسة لهذه ، وهذه من حِكَم الله في بعض عباده لِيُثبِتَ أن هذا الملهم ليس نبيًّا معصومًا .

بلغ عمر بن الخطاب أنَّ عمار بن ياسر يُفتي الناس بالتيمُّم بالنسبة للمسافر إذا لم يَجِدِ الماء ، وهو كان يرى أن المسافر لا يتيمَّم ، فأرسل إليه بيقول له : بَلَغَني عنك كذا وكذا . - طبعًا يستفهم منه استفهامًا استنكاريًا - قال : يا أمير المؤمنين ، ألا تذكر أنَّنا كنا في سفر ، ولم نجد الماء ، وأجنبنا ، فتمرَّغنا في التراب كما تتمرَّغ الدابة - رأي اجتهاد - ، ولما جئنا إلى الرسول - عليه السلام - قال : ( إنما كان يكفيك أن تضربَ ضربةً بكفَّيك على الأرض فتمسحَ بهما وجهك وكفَّيك ) . قال : لا أذكر . قال : يا أمير المؤمنين ، أُمسِكُ لا أُحدِّث الناس بالحديث ؟ قال : لا ، إنما نولِّيك ما تولَّيت . على مسؤوليتك ، على مسؤوليتك . فله من هذا القبيل أشياء شاذَّة عن كونه مُحدَّث .

أظن انتهى الجواب عن السؤال .

السائل : جزاك الله خير ، الله يبارك فيك .

مواضيع متعلقة