ورد في الحديث أن الله يبعث على رأس كلِّ مائة سنة مجدِّدًا لهذه الأمة ؛ فهل هذا صحيح ؟ وما نوع هذا التجديد ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ورد في الحديث أن الله يبعث على رأس كلِّ مائة سنة مجدِّدًا لهذه الأمة ؛ فهل هذا صحيح ؟ وما نوع هذا التجديد ؟
A-
A=
A+
عيد عباسي : وَرَدَ أن الله - سبحانه وتعالى - يبعث على رأس كلِّ قرن هجري مجدِّدًا لهذه الأمة ؛ فهل هذا صحيح أوَّلًا ؟ وإن كان صحيحًا فما نوع التجديد الذي يتمُّ على يد هذا المجدِّد ؟

الشيخ : الحديث صحيح ، والتجديد أنواع هذا ، هو الصحيح في تفسير الحديث ، فالإسلام يحتاج إلى تجديد كلَّما مضى عليه برهة من الزمن طويل أو قصير ، وتجديد الإسلام يكون من نواحي متعدِّدة ، أهمها :

تجديد مفاهيمه الصحيحة ؛ حيث ينحرف المسلمون مع الزمن عن فهم الإسلام كتابًا وسنَّة فهمًا صحيحًا ، فأعظم تجديد هو هذا المجدِّد الذي يأتي إلى المسلمين بالمفاهيم الصحيحة التي كان عليها سلفنا الصالح لنصوص الكتاب والسنة ، ومن هذا التجديد الأهم هو أن يصفِّيَ السنة مما دخل فيها مما ليس منها ، ثم هو يدعو المسلمين إلى الاعتماد على هذه السنة الصحيحة مع القرآن ومع ذاك البيان الصحيح لكلٍّ منهما الذي كان عليه سلفنا الصالح . هذا التجديد وهو أهم تجديد ، ولا تقوم قائمة المسلمين وقائمة الحركات الإسلامية والدعوات كلها الإسلامية والأحزاب الإسلامية كلها إلا إذا بُنِيَت على هذا التجديد الأصيل .

تجديد السنة بتمييز ما ليس منها وطرحها جانبًا ، وتجديد المفاهيم الصحيحة لنصوص الكتاب والسنة لدعوة المسلمين إلى المفاهيم التي كان عليها سلفنا الصالح ، لكن هذا في الواقع لا يكفي ، لا بدَّ هناك من تجديد - مثلًا - لعلوم أخرى يتطلَّب تطوُّر الحياة العلمية والاجتماعية أن يتوجَّه بعض الناس إلى تجديدها ، ونضرب على ذلك مَثَلًا - مثلًا - علم اللغة ، فهذا العلم لا بد من التجديد فيه وتقريبه إلى الناس حتى العرب أنفسهم الذين ابتعدوا قليلًا أو كثيرًا عن لغتهم بسبب العجمة التي تسرَّبَتْ إليهم ، فلا بد إذًا من تجديد هذا العلم ، وكذلك يُقال : لا بد من تجديد النواحي التربوية والنفسية وتوجيه المسلمين إلى ما يوافق - أيضًا - الكتاب والسنة من هذه النواحي كلها ، ولا شك أن فردًا بل جماعة لا تستطيع أن تقوم بكلِّ هذه الجهود وهذه التجديدات ؛ ولذلك ذكر بعض العلماء كمثال لأنواع التجديد ذكر من المجدِّدين " صلاح الدين الأيوبي " ؛ مع أن الرجل لم يكن مشهورًا بالعلم ، ولكن لما جدَّدَ الحياة الإسلامية بأن حضَّهم على الجهاد ، وحَمَلَهم على مقاتلة الأعداء وإخراجهم من البلاد بعد أن احتلوها سنين طويلة فاعتبروه من جملة المجدِّدين .

فإذًا التجديد لا يُحصر في ناحية دون أخرى ؛ فما دامت الحياة تتجدَّد فلا بد - أيضًا - من العلوم من أن تتجدَّد ، وأن تمشي هذه العلوم وفق الكتاب والسنة الصحيحة وعلى المفهوم الذي كان عليه سلفنا الصالح - رضي الله عنهم - .

مواضيع متعلقة