هناك كلمة يقولونها : " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تُقَمْ لكم في أرضكم " . ما توجيهكم لهذه الكلمة ؛ خاصَّة أن كثيرًا من العاملين في الدعوة اليوم يرون ضرورة العمل السياسي ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هناك كلمة يقولونها : " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تُقَمْ لكم في أرضكم " . ما توجيهكم لهذه الكلمة ؛ خاصَّة أن كثيرًا من العاملين في الدعوة اليوم يرون ضرورة العمل السياسي ؟
A-
A=
A+
السائل : في ضوء ما ذكرتم هناك جملة يقولون فيها : " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تُقَمْ لكم في أرضكم " . كيف ترون توجيه هذه الكلمة خصوصًا وأن كثيرًا من العاملين في الدعوة يرون العمل السياسي في هذه الأيام ؟

الشيخ : من العجيب أن هذه الكلمة أرجو ألَّا تكون رميةً من غير رامٍ ؛ لأن هذه الكلمة خرجت من بعض الدعاة الذين يتمسَّكون بمنهجهم هؤلاء الدعاة السياسيون اليوم .

هذه الكلمة تُنسب إما لحسن البنَّا أو للهُضَيبي - رحمهما الله - ، هذه الكلمة كلمة حقٍّ ، ولكن أتباع هذين الرجلين قد أعرضوا عنها ولم يعملوا بها ، وهي من الحكمة بمكان عالٍ جدًّا . " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تُقَمْ لكم في أرضكم " ، هذا هو خلاصة المحاضرات التي نُلقيها نحن ؛ أن نتعلَّم العلم النافع وأن نعمل بالعمل الصالح ، وحينئذٍ يأتي النصر من الله - تبارك وتعالى - ، هذه الكلمة خلاصة كلِّ الآيات والأحاديث التي تأمر بالعلم وبالعمل الصالح ، لكن الذين يشتغلون اليوم وقد مضى عليهم أكثر من نصف قرن من الزمان لا يزالون في مكانهم يتحرَّكون ولا يقدِّمون شيئًا ولا يتقدَّمون ؛ لماذا ؟ لأنهم لم يطبِّقوا هذه الكلمة .

" أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم " ، قبل كل شيء ما الذي يفهم من هذه الكلمة ؟ أي العقيدة الصحيحة ، أقيموها في قلوبكم ، ثم من تمام العقيدة : (( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ )) "" ثم تُرَدُّون "" (( إِلَى عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )) ؛ فإذًا هذه الكلمة ندعو المسلمين جميعًا أن يعملوا بها ولا ينصرفوا عنها بما يسمُّونه بالعمل السياسي ؛ لأنِّي أعتقد أن العمل السياسي ليس هذا أوانه الآن ، وهو لا بدَّ منه بلا شك ؛ كما أنه لا بد من العمل لكن قبل كلِّ هذا العلم ، العلم بدون عمل لا يفيد ، والعمل بدون علم لا يفيد ؛ فلا بد من الأمرين كليهما ؛ ولذلك ففي بعض كلماتي القديمة ولا أزال أكرِّرها ، أنا أقول : لا نهضة للمسلمين إلا بتحقيق أساسين اثنين : " التصفية والتربية " .

يظنُّ بعض الناس أن التصفية لا قيمة لها ، وقد عرفتم مما سبق أنَّها هي أصل الإسلام ، التصفية تصفية الإسلام من كلِّ ما دخل فيه سواء من عقائد - وقد أشرنا إلى بعضها آنفًا - ، أو ما دخل في التفسير من الإسرائيليات والأحاديث الموضوعات الباطلات ، وما دخل في كتب الفقه من الآراء المُخالفة للكتاب والسنة ، ما دخل في سلوك المسلمين من الغلوِّ في الزهد في الدنيا وما يسمَّى بالتصوف ، وقد وصل بهم الأمر إلى جحد الله - عز وجل - باعتقاد ألَّا شيء إلا هذا الكون ، إلى آخر ما هنالك من أمور دخلت في الإسلام ، وهي محسوبة أنها من الإسلام ، لا بد من إجراء هذه التصفية ، لو كان هناك عشرات المئات من علماء المسلمين موزَّعين في أرض الإسلام لَتطَلَّبَ جهدهم هذا سنين طويلة حتَّى يعود المسلمون إلى ما كان عليه السلف الصالح من الفهم الصحيح للكتاب والسنة مقرونًا بالعمل ، وهذا الذي أعني بالتربية ، قد يتوهَّم بعض الناس كما سمعت في بعض التساجيل أنَّ التربية لا شأن لها بالجهاد ، الجهاد هو من الأحكام الشرعية ، ويجب العمل بالجهاد ، ولكن الجهاد يحتاج إلى إعداد ، وأوَّل عداد ينبغي أن يتحقَّق في المسلمين هو العقيدة الصحيحة والعمل الصالح والإعداد بقدر الاستطاعة ، و (( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )) .

نعم .

مواضيع متعلقة