بيان خطورة الإصرار على استحسان البدع وأنه قد يؤدِّي إلى الكفر . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان خطورة الإصرار على استحسان البدع وأنه قد يؤدِّي إلى الكفر .
A-
A=
A+
الشيخ : ولكن يجب أن تتذكَّروا مع ذلك أن الإصرار على استحسان هذه البدعة مع ... كما ذكرت آنفًا أنها محدثة ؛ فالإصرار على ذلك أخشى ما أخشاه أن يدخل المصرُّ على ذلك في جملة : (( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ )) ، وأنتم تعلمون أن هذه الآية لما نزلت وتلاها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان في المجلس عديُّ بن حاتم الطائي ، وكان من العرب القليلين الذين قرؤوا وكتبوا ، وبالتالي تنصَّروا ، فكان نصرانيًّا ، فلما نزلت هذه الآية لم يتبيَّن له المقصد منها ، فقال : يا رسول الله ، كيف يعني ربنا يقول عنَّا نحن النصارى سابقًا : (( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ )) ما اتَّخذناهم أربابًا من دون الله - عز وجل - ؟ كأنه فَهِمَ أنهم اعتقدوا بأحبارهم ورهبانهم أنهم يخلقون مع الله ، يرزقون مع الله ، وإلى غير ذلك من الصفات التي تفرَّدَ الله بها - عز وجل - دون سائر الخلق ، فبيَّن له الرسول - عليه السلام - بأن هذا المعنى الذي خَطَرَ في باله ليس هو المقصود بهذه الآية ، وإن كان هو معنى حق ؛ يعني لا يجوز للمسلم أن يعتقد أن إنسانًا ما يخلق ويرزق ، لكن المعنى هنا أدق من ذلك ، فقال له : ( أَلَسْتُم كنتُم إذا حرَّموا لكم حلالًا حرَّمتموه ؟! وإذا حلَّلوا لكم حرامًا حلَّلتموه ؟َ ) . قال : أما هذا فقد كان . فقال - عليه السلام - : ( فذاك اتِّخاذكم إياهم أربابًا من دون الله ) .

لذلك فالأمر خطير جدًّا استحسان بدعة المستحسن وهو يعلم أنه لم يكن من عمل السلف الصالح ، ولو كان خيرًا لَسبقونا إليه قد حشر نفسه في زمرة الأحبار والرهبان الذين اتُّخذوا أربابًا من دون الله - عز وجل - ، والذين - أيضًا - يقلِّدونهم ، فهم الذين نزلت بسببهم هذه الآية أو في أمثالهم (( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ )) .

غرضي من هذا أنه لا يجوز للمسلم كما نسمع دائمًا وكما سمعنا قريبًا : معليش ، الخلاف شكلي !! الخلاف جذري وعميق جدًّا ؛ لأننا نحن ننظر إلى أن هذه البدعة وغيرها داخلة أوَّلًا في عموم الحديث السابق : ( كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) ، وثانيًا : ننظر إلى أن موضوع البدعة مربوط بالتشريع الذي لم يأذَنْ به الله - عز وجل - ، فقال - تعالى - : (( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ )) .

مواضيع متعلقة