تتمة الكلام حول الفهم الصحيح لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( مَن سنَّ في الإسلام سنَّة حسنة ) ، وذكر مثال لها وهو إجلاء عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - اليهود من خيبر ، وهل هذا بدعة حسنة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة الكلام حول الفهم الصحيح لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( مَن سنَّ في الإسلام سنَّة حسنة ) ، وذكر مثال لها وهو إجلاء عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - اليهود من خيبر ، وهل هذا بدعة حسنة ؟
A-
A=
A+
الشيخ : أيضًا أريد أن أذكر شيئًا آخر يتعلَّق بفهم ( مَن سنَّ في الإسلام سنَّة حسنة ) ؛ كيف أن مَن ادَّعى أن شيئًا حَدَثَ بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه حسَنٌ لا بد أن يأتي بالدليل ، فأنا آتيكم الآن بمثال واضح معروف ، كلُّنا يعلم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فتح قرية خيبر عنوةً ، وصالَحَ اليهود على أن يظلُّوا فيها ويعملوا في أرضها في نخيلها وفي ... وأن الحاصل من ذلك شطر للرسول - عليه السلام - وشطر لليهود ، وكان من جملة ما اشترَطَ - عليه الصلاة والسلام - في هذا الصلح مع اليهود أن قال لهم : ( نقرُّكم فيها ما نشاء ) .

تُوفِّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واليهود في خيبر ، وهم لا يزالون يمكرون به - عليه السلام - ويحاولون قتله ولو بدسِّ السُّمِّ في الدسم كما يُقال ، وكما جاء ذلك في قصة المرأة اليهودية التي أهدَتْ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذراع شاة ، فهَلَكَ من وراء الأكل صحابيٌّ أو اثنان ، أما الرسول - عليه السلام - فقد لَفَظَها ، ولكن لم يزل يشكو منها حتى وجدَ ألَمَها في مرض موته - عليه الصلاة والسلام - . ظلَّ اليهود في خيبر إلى ما بعد وفاة الرسول ، وطيلة خلافة أبي بكر ، وشطرًا من خلافة عمر ، ثم بدا لعمر أن يُخرِجَهم من خيبر فأخرَجَهم وأنذرهم قبل إخراجهم ، فالآن نقول - وهذا بابٌ من الفقه عظيم - : هذا الإخراج عمر بن الخطاب لليهود بدعة أو هو سنَّة حسنة أو هي سنَّة سيِّئة ؟

الجواب : هذه الحادثة أوَّلًا ليس لها علاقة بالبدعة الحسنة في عرف المتأخِّرين ، بل هي لها علاقة بالسنَّة الحسنة في عرف سيِّد المرسلين الذي سمعتم قوله في الحديث السابق .

قلتُ متسائلًا آنفًا : عندنا سبيل آخر في الاعتراض على المبتدعة الذين يحسِّنون بعض البدع محتجِّين بهذا الحديث ؛ نقول لهم أن التحسين والتقبيح العقليين ليس من مذهب أهل السنة ، وإنما نعرف الحسن والقبح بالشريعة ؛ فإذا قال قائل : هذا أمر حسن . نقول له : هات الدليل ؟

الآن نحن أتَيْنا بأمر حدثَ بعد الرسول - عليه السلام - لا إشكال في ذلك أبدًا ؛ ذلك إخراج عمر لليهود من خيبر ؛ هل هذه بدعة بالمعنى الحادث أم هي سنَّة حسنة ؟ لا شك أن الجواب هي سنَّة حسنة . من أين عرفنا أن هذه سنة حسنة ؟ ممَّا ذكرناه آنفًا أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما صالح اليهود على ما سبق بيانه قال لهم : ( نقرُّكم فيها ما نشاء ) نحن المسلمين ، فجاء عمر فرأى المصلحة في إخراجهم فأخرَجَهم ، فنفَّذَ المشيئة التي ذكرَها الرسول - عليه السلام - في شرط من الشروط التي فرضَها عليهم ؛ إذًا عمر هنا لم يبتدع في الإسلام شيئًا .

مواضيع متعلقة