هل صحيح أن الإنسان إذا قال : لا إله إلا الله مستيقنًا بها دخل الجنة مهما عمل ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل صحيح أن الإنسان إذا قال : لا إله إلا الله مستيقنًا بها دخل الجنة مهما عمل ؟
A-
A=
A+
الشيخ : يقول السَّائل : هل صحيح أن الإنسان إذا قال لا إله إلا الله مستيقنًا بها دخل الجنة مهما عمل ؟

أيضًا هذا لا يمكن أن يُقال إلا بأنه صحيح ؛ لأنُّو الرسول قد قال : ( مَن قال لا إله إلا الله دخل الجنة ) ، ولما قيل له : وإن زنا وإن سرق ؟ قال : ( وإن زنا وإن سرق ) . وكُرِّر السؤال عليه ثلاث مرات ، وكرَّر هو عليه الجواب ثلاث مرات ، وأخيرًا قال : ( رغم أنفك يا أبا ذر ) .

فمهما عمل المؤمن بلا إله إلا الله طبعًا ولوازمها كمحمد رسول الله مثل ذلك ؛ فهو مهما كان وقع منه من عمل فهو سيدخل الجنة ، ولكن هذا الدخول له صور ؛ فقد يدخل الجنة دون أن تمسَّه النار بعذاب ، وذلك أن يكون له مكفِّرات - مثلًا - ، أو على أقل الأحوال يدخل تحت مشيئة الله - عز وجل - ومغفرته التي صرَّح عنها في قوله : (( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )) ، فهذا الذي قال : لا إله إلا الله وماتَ مستيقنًا بها هذا لم يشرِكْ بالله - عز وجل - ؛ فإذًا هذا أمرُه إلى الله ؛ إن شاء عذَّبه وإن شاء غفر له ، فإذا لم يغفِرْ له عذَّبَه على ما ارتكب من أعمال سيِّئة ، لكن لا إله إلا الله تُنجيه من الخلود في النار وتدخله الجنة ؛ فإذًا دخل الجنة معناه أن مصيره إلى الجنة ولا بد ، لكن هل مصيره إلى الجنة رأسًا من المحشر إلى الجنة " ترانزيت " وإلَّا يدخل النار ويتعذَّب فيها بمقدار ما ارتكب معاصي وآثام ؟ عرفت الجواب .

إذا ربنا ما يغفر له بدو يعذبه ، بالأخير تنجيه الشهادة ، وإن شاء الله أن يغفر له فرحمة الله أوسع من ذلك ، وقد أشار الرسول - عليه السلام - إلى هذه الحقيقة بقوله : ( مَن قال : لا إله إلا الله نفعَتْه يومًا من دهره ) ، وأحاديث الشفاعة الصحيحة صريحة في هذا ؛ لأنُّو في " صحيح البخاري " حديث يقول ربُّ العالمين : ( شفعت الرُّسل ، وشفعت الأنبياء ، وشفعت الملائكة ؛ فلم يبقَ إلا شفاعة ربِّ العالمين - سبحانه وتعالى - ، فيقول للملائكة : أخرجوا من النار مَن كان في قلبه مثقال ذرَّة من إيمان ) . فلا شك أنُّو هذا من قال لا إله إلا الله مستيقنًا بها دخل الجنة ، لكن يجب أن يتذكَّر هذا التفصيل ؛ دخل الجنة دخولًا أوليًّا بدون ما يُعذَّب ولَّا يُعذَّب ثم يدخل ؟ هذا أمره إلى الله .

السائل : يقول : لا إله إلا الله لفظًا فقط ولَّا مع المعنى ؟

الشيخ : يا أستاذ ، ما سمعت السؤال كيف جاء ؟ أعيد النص ؛ صحيح أن الإنسان إذا قال : لا إله إلا الله مستيقنًا بها .

السائل : طيب أستاذ ، في رواية ما أحفظها أنُّو أحد الصحابة سأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - سأله أنُّو أخبر الناس في ذلك ؟ قال له الرسول : ( لا ، فيتَّكلوا ) .

الشيخ : إي نعم .

سائل آخر : عمر .

السائل : عمر ، فيفيد القول هذا بأنها لفظٌ .

سائل آخر : ... المعنى لأني عرفت اللغة ... .

الشيخ : إي ، شو معنى هذا الحديث تبع عمر ؟

السائل : لما عمر بن الخطاب قال له : أخبِرُ الناس بذلك ؟

الشيخ : ... الحديث عم أسألك : شو المعنى ؟

السائل : المعنى أنُّو فقط لفظًا .

الشيخ : شلون فقط لفظًا ؟

السائل : يعني لا تخبر الناس بأن يقولوا : لا إله إلا الله لكي لا يتَّكلوا .

الشيخ : إي ، لفظًا بدون الإيمان بها ؟ مين يفهم هذا الفهم والمعنى ؟

أخي ، حديث عمر مقصود فيه هو ما يأتي : نحن آنفًا شو شرحنا الحديث دخل الجنة ؟ قلنا : يجوز يدخل الجنة بعد ما تعذَّب ، وبيجوز ربنا بيغفر له ويدخِّله بمحض رحمته ، ليش عم نحط نحن هالتفصيل ؟ أوَّلًا لأنُّو يقينًا عندنا أخبار متواترة أن كثيرًا من المؤمنين المسلمين بربِّ العالمين يدخلون الجنة ويُعذَّبون ، ومن تلك الأحاديث أنُّو رب العالمين يُخرج من النار مَن كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ؛ إذًا هذا مؤمن ودخل النار ، فنحن ما بيجوز نقول : إي نعم ، بيدخل الجنة ونخليها معمَّاية ، فيفهم الناس أنُّو لو عمل التسعة وتسعين فهو إلى الجنة " ترانزيت " ؛ لا ، ( لا يدخل الجنة ديُّوث ) بيقول لك الرسول - عليه السلام - ، ( لا يدخل الجنة قتَّات ) ، ( لا يدخل الجنة مدمن خمر ) إلى آخره ؛ فهذه كلها لها تفاسير .

نرجع بقى لحديث عمر ، الرسول - عليه السلام - لما قال لأبي هريرة في قصته مع عمر : ( خُذْ نعليَّ هاتَين ؛ فمَن لقيتَ يشهد أن لا إله إلا الله فبشِّره بالجنة ) ، فكان من حكمة ربِّ العالمين أنُّو من جملة مَن لقي أو أول مَن لقي عمر بن الخطاب ؛ قال له : هَيْ نعل الرسول - عليه السلام - وأمرني بكذا وكذا . فعمر ما تحمَّل الشيء هاد ، وضرب لأبو هريرة حتى وقع على إستِه ، وأخذ يبكي ، ثم ولَّى مدبرًا يركض إلى الرسول - عليه السلام - ، وعمر يركض خلفه حتى التقيا عند الرسول - عليه السلام - ، قال له : يا رسول الله ، أَنتَ أمرت أبا هريرة أن يقول ... قال له : ( نعم ) . قال : يا رسول الله ، دَعْهم يعملون ؛ إذًا يتَّكلوا . فقال : ( فدَعْهم إذًا ) .

غاية الحديث أنُّو عمر لاحظ أنُّو إذا نُشر نشرًا عامًّا بين كل الناس يعني متعلِّمين وغير متعلِّمين ، بالتعبير العصري : مثقَّفين وغير مثقَّفين ( مَن قال : لا إله إلا الله دخل الجنة ) ... على هذا القول يعني المقرون الإيمان به ، مش مجرَّد قول باللسان ، ثم لا يفعلون الأوامر الشرعية ولا يحرِّمون ما حرَّم الله ورسوله ، فبيكون التفسير العام مدعاة لهم إلى ترك العمل ؛ فما لها العلاقة القصة مجرَّد القول بدون إيمان ، لها علاقة مجرَّد القول المقرون بالإيمان ، لكن غير مقرون بالعمل ، فلما يُبلَّغ الناس ( مَن قال : لا إله إلا الله دخل الجنة ) بيتكلوا فعلًا مثل ما قال عمر ويدعون العمل بالأحكام الشرعية كما واقع أكثر المسلمين اليوم ؛ لأنُّو ما هم فهمانين هذا الحديث فهم صحيح ، ( مَن قال : لا إله إلا الله دخل الجنة ) ما بيفكر المسكين أنُّو يمكن بيدخل الجنة وبيصير فحم أسود من كثر ما الله بيحرقه بالنار .

نعم ؟

سائل آخر : بيدخل الجنة ... .

الشيخ : عفوًا ، فما بيفكِّر أنُّو بدو يدخل النار ويُعذَّب عذابًا أليمًا ؛ لا ، دخل الجنة خلاص يعني مع السابقين الأوَّلين ، فعمر لاحظ أنُّو أكثر الناس سيفهمون الحديث فهم خاطئ ؛ قال له : يا رسول الله ، دَعْهم يعملون ؛ إذًا يتَّكلوا . قال : ( فدَعْهم إذًا ) . فإذًا حديث عمر ليس معناه أنُّو مجرَّد القول ، والأحاديث في هذا المعنى متواترة عن الرسول - عليه السلام - : ( مَن قال : لا إله إلا الله مخلصًا من قلبه حرَّم الله بدنه على النار ) في الألفاظ الصحيحة ، كمان هذا شو معنى ( حرَّم الله بدنه على النار ) ؟ مثل ما فسَّرنا دخل الجنة ، الجنة صار عندنا نوعين ؛ جنة مع السابقين الأولين ، وجنة بعد لَأْيٍ ؛ يعني بعد عذاب ، كذلك النار هنا ؛ ( حرَّم الله بدنه على النار ) تُفسَّر تفسيرين ، وكلُّ جنس من هالناس هاللي قالوها مخلصين يأخذ حصَّته من أحد الجنسين .

( مَن قال لا إله إلا الله مخلصًا من قلبه حرَّم الله بدنه على النار ) أي : النار مطلقًا ، هذا هو التفسير ، أو النار الأبدية ... فرق بين نارين ، حرَّم عليه النار مطلقًا ؛ يعني ما بيدخل النار إطلاقًا ، أما المعنى الثاني حرَّم الله عليه النار الأبدية يعني إذا دخل النار .

السائل : ما بيخرج .

الشيخ : ما بيخلد فيها ، هذا لا ينفِ أنه يدخل النار ؛ لا . طيب ؛ كيف هذا التفسير ؟

نقول : الناس الذين يقولون لا إله إلا الله كل واحد مخلص من قلبه على مراتب ؛ منهم من يكون إخلاصه في إيمانه بهذه الشهادة قويًّا جدًّا بحيث أنه يدفعه هذا الإيمان إلى العمل بما أمَرَ الله ، والانتهاء عمَّا نهى الله ؛ فهذا حرَّم الله بدنه على النار مطلقًا كما قال في الحديث لما جاء رجل إلى الرسول - عليه السلام - قال له : يا رسول الله ، أرأيتَ إذا أنا صليت الصلوات الخمس ، وصمت رمضان ، وحرَّمت الحرام ، وحلَّلت الحلال ؛ أَأَدخل الجنة ؟ قال : ( إذا أنت صليت الصلوات الخمس ، وصمت رمضان ، وحرَّمت الحرام ، وحلَّلت الحلال دخلت الجنة ) .

القسم الثاني في إخلاصه للشهادة ففي رواية .

السائل : طيب ؛ في رواية هيك بهاللفظ ولَّا ... ؟

الشيخ : ... يُقال مسلم هذا .

المقصود القسم الثاني إخلاصه في إيمانه بهذه الشهادة في أدنى درجات الإخلاص والإيمان ؛ فهذا الإيمان لا يدفعه إلى الإتيان بالفرائض والابتعاد عن المحرَّمات ، إي هذا بيدخل النار ، لكن ليست دارًا خالدة بالنسبة إليه ، فتُنجيه الشهادة كما قلنا آنفًا .

الخلاصة : فنصوص الشريعة يجب أن يُضَمَّ بعضها لبعض لِيُحسن فهمها ولا يُساء فهمها .

السائل : في كلامك كنت قلت أنُّو الرجل الذي يفعل ما أمر الله ولا يحرِّم ؛ لا يفعل ما أمر الله ولا يحرِّم ما حرَّم الله ، إذا ما حرَّم ما حرَّم الله بيكفر لئن ... .

الشيخ : يكفر ؟

السائل : إذا ما حرَّم ما حرَّم الله .

الشيخ : إي .

السائل : بيكفر .

الشيخ : لا .

السائل : بس لكن إذا ما ... .

الشيخ : لا لا ، هذه ما تمشي يا أخي .

السائل : تفضل .

الشيخ : فيه تحريم عملي ، وفيه تحريم اعتقادي .

السائل : نعم .

الشيخ : نحن عم نحكي الآن عن .

السائل : العملي .

الشيخ : العملي ، لَكان ، يعني لا يحرِّم ما حرَّم الله شو معناها ؟

السائل : لا لا .

الشيخ : بيسرق وبيزني وإلى آخره ، هذا حرَّم ما حرَّم الله ؟

سائل آخر : إذا قال عنه : حرام ؟

الشيخ : ها نرجع بقى للتفصيل اللي دائمًا نشرحه ، نحن عم نحكي من الناحية العملية ، عمليًّا إيمانه بلا إله إلا الله إخلاصه فيها من الضَّعف بحيث أنه لا يدفعه إلى أن يحلِّل ما أحلَّ الله ويحرِّم ما حرَّم الله .

السائل : نعم .

الشيخ : لكن هو مؤمن بكلِّ ما جاء من عند الله - عز وجل - .

مواضيع متعلقة