ما معنى قول الإمام أحمد : " القياس في الدين باطل ، والرأي كذلك أبطل منه " ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما معنى قول الإمام أحمد : " القياس في الدين باطل ، والرأي كذلك أبطل منه " ؟
A-
A=
A+
السائل : ما معنى قول الإمام أحمد : " القياس في الدين باطل ، والرأي كذلك أبطل منه " ؟

الشيخ : أنا لا أعلم أن الإمام أحمد يقول : " القياس في الدين باطل " على علمي القليل ، (( وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا )) ، ما أحاط بهذه الجملة التي وجَّهها السَّائل ، لكن الذي أعلمه عن الإمام الشافعي وهو من شيوخ الإمام أحمد أنه يقول : " القياس ضرورة لا يُصار إليه إلا عند الضرورة " ، وإذا أردنا أن نفهمَ هذه الجملة نصل إلى ما يشبه هذا الكلام الذي عُزِيَ للإمام أحمد ؛ أي : إن القياس في العبادات باطل ؛ لأن العبادات كملت كما قال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الثابت بجموع الطرق : ( ما تركْتُ شيئًا يقرِّبكم إلى الله إلا وأمَرْتُكم به ، وما تركْتُ شيئًا يبعِّدكم عن الله إلا ونهيتُكم عنه ) . إذًا صدق الله العظيم يجوز أن نقول هنا لأننا نخالف العادة الناشئة اليوم بعد إنهاء كلِّ عشر من القرآن أصبحت آية مضافة لآخر العشر صدق الله العظيم ، أنا أقول : صدق الله العظيم في كلِّ ما قال ، من ذلك صدق الله العظيم حين قال : (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )) . فالدين كمل ، لكن الدين يشمل العقائد ، ويشمل العبادات ، ويشمل الأخلاق ، ويشمل المعاملات ، الأنواع الثلاثة لا تقبل الزيادة إلا إذا كانت تقبل النقص ، والزايد أخو الناقص . الأقسام الثلاثة الأولى العقائد والعبادات والأخلاق لا تقبل إيش ؟ الزيادة .

أما المعاملات فهذه تتطوَّر بتطوُّر الزمان والمكان كما قلنا آنفًا في موضوع الطائرة والأرجوحة ونحو ذلك ، فإذا أراد الإنسان أن يتقرَّبَ إلى الله - عز وجل - بعبادة فلا يقيس ، ليس بحاجة إلى أن يقيس ؛ لأنَّ العبادات كملت أوَّلًا بنصِّ القرآن الكريم ، وثانيًا - وهذه عبرة أرجو أن تنتبهوا لها - العبادات من الكثرة أنه لا يستطيع أن ينهض بها أعبد الناس أعبد البشر ، أتدرون مَن هو أعبد البشر ؟ قال - عليه الصلاة والسلام - كما في " صحيح البخاري " : ( كان داود - عليه السلام - أعبَدَ البشر ) ، داود - عليه الصلاة والسلام - لو كان حيًّا لم يستطع أن يُحيط عملًا بالعبادات التي جاء بها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وإنما يستطيع أن يقوم ببعضها بنصفها بثلاثة أرباعها ، أما أن يحيط بها من كلِّ جوانبها فهذا بحرٌ لا ساحل له ؛ فإذًا لماذا يزيد المسلم بالقياس أو كما يقولون بالاستحسان اعتمادًا منهم على حديث أساؤوا فهمه ؟ ( مَن سنَّ في الإسلام سنَّةً حسنةً فله أجرها ) إلى آخر الحديث ، لا حاجة للاستحسان ولا حاجة للقياس ، فدائرة العبادات أوسع من أن يحيط بها أعبد الناس ، هذا أمر مستحيل ؛ إذًا على المسلم أن يقنعَ بما رَزَقَه الله - عز وجل - من العلم ببعض العبادات وأن يحرص عليها كلَّ الحرص إذا أراد فعلًا أن يكون مِن أعبَدِ الناس ، ولا أقول : وأن يكون أعبدَ الناس ، إذا أراد أن يكون مِن أعبَدِ الناس فحسبه أن يطبِّق ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وما صحَّ عنه ، فلا مجال حينئذٍ للقياس في العبادات ، لكن في المعاملات التي لا تنتهي وبخاصَّة مع مضيِّ الزمان وتغيُّر الظروف والأحوال فهنا يضطرُّ الإنسان للقياس ، هذا الكلام الذي جاء السؤال أنا لا أعرفه ، لكن هو معنى قول الإمام الشافعي أنَّ القياس إنما يُشرع للضرورة ، والضرورة لها أحكام .

غيره ؟

مواضيع متعلقة